افتتح رئيس مجلس إدارة شركة بتلكو أمس مركزا لرعاية ضحايا العنف الأسري، وأعلنت بتلكو أنها ستمد الجمعية البحرينية لمناهضة العنف الأسري بخمسة آلاف دينار سنويا "للسنتين المقبلتين" لتسهيل أعمال المركز. الأمر المهم في كل ذلك هو "المسئولية الاجتماعية" التي يجب على الشركات الاهتمام بها ورعايتها كجزء لا يتجزأ من دعم مفهوم المواطنة الذي تطور في الفترة الأخيرة ليشمل الشركات بصفتها "مواطنة" أيضا.
رئيس بتلكو حسن جمعة قال: "إن الشركة تؤمن بدورها في خدمة قضايا المجتمع، وإن العنف الأسري واقع نعيشه يوميا، إذ تعاني ثلث العوائل البحرينية على الأقل من هذه المشكلة". وقال جمعة: "إن هذه المشكلة موجودة في كل أنحاء العالم، ولكن الفرق أن الدول المتقدمة تعترف بها وتعالجها، وبما أن بتلكو تنشط في قطاع اقتصادي متنام بصورة مستمرة، فإن جزءا من الأرباح التي تجنيها تتم إعادته إلى المجتمع عبر دعم مشروعات إنسانية".
ويقصد بالشركة التي تتصف بصفات "المواطنة"، أو ما يطلق عليها بالإنجليزية Corporate Citizenship، هي تلك الشركات التي تعترف بأن عليها مسئوليات لحماية البيئة ورعاية الأنشطة الثقافية والاجتماعية "البعيدة عن السياسة" من أجل خدمة المجتمع الذي تعمل في إطاره. فالشركات سابقا كانت تهتم بالمساهمين فقط shareholders، أما الشركات التي تتصف بصفات المواطنة فإن عليها أن تهتم بالأطراف المعنية جميعها stakeholders، وواحد من أهم الأطراف التي يجب الاهتمام بها هو المجتمع الذي تشتغل الشركة وسطه، بأفراده الذين يمثلون مصدر رزق الشركة، لأنهم هم الذين يشترون الخدمات أو المنتجات ويستفيدون أو يتضررون من الخدمات أو المنتجات أو ما يتطلبه تشغيل الشركة، والموظفون العاملون فيها، وأهاليهم ومن يعتمد عليهم.
وفي الفترة الأخيرة، بدأ عدد من الشركات الكبرى توجيه تبرعاتها إلى خدمة النشاطات الاجتماعية والثقافية والبيئية، وهو ما نسمع عنه بين فترة وأخرى. ولكن المرجو هو أن تتوجه الشركات إلى النشاطات النوعية التي تصب نتيجة أعمالها في صالح أكبر عدد من الناس من دون تفريق. وهذا ما فعلته بتلكو أمس، عندما تبنت أحد المشروعات الاجتماعية، والأمل في أن تتواصل جميع الشركات التي ستكون هي المستفيدة بالدرجة الأولى عندما يرتبط اسمها بفعل الخير في المجتمع.
وجاء في إحصاء نشر هذا العام عن مفهوم المواطنة لدى 125 شركة أميركية، أن أهم عشرة أدوار تهتم بها من أجل النجاح والاستمرار في النجاح هي، على التوالي، "العمل من خلال سياسة أخلاقية ترعى مصالح المجتمع"، ثم "الإدارة الحسنة وإصدار التقارير المالية الدقيقة"، وثم "حماية صحة وسلامة الموظفين"، ثم "تحسين ظروف المجتمع المحيط بالشركة"، ثم "زيادة أرباح المساهمين"، ثم "زيادة الفوائد التي يحصل عليها العاملون في الشركة"، ثم "خلق الوظائف المرضية"، ثم "حماية المستهلك"، وثم "تأكيد تنوع العاملين في الشركة والتأكد من أنهم يمثلون فئات المجتمع المختلفة"، ثم "التأكد من أن المزودين للمواد الأولية للشركة يعملون على أسس مهنية وأخلاقية معتبرة". واعتبر التقرير أن الشركات التي التزمت بهذه الأسس العشرة تعتبر من فئة "المواطنة الصالحة" وأيضا "الرابحة والناجحة".
وقال التقرير إن الشركات التي فشلت في أداء دورها في المواطنة الصالحة هي تلك التي كانت لديها عقبات مثل "قلة الإمكانات"، و"عدم مساندة الإدارة"، و"عدم استيعاب مفهوم الشركة المواطنة"، إلخ. وقال التقرير أيضا: "إن 70 في المئة من الشركات التي تم استقصاء وضعها، التزمت بمفاهيم المواطنة للشركات، وإنها هي الأنجح على المستوى الاقتصادي أيضا".
إننا إذا أمام مفهوم حيوي يتطلب المزيد من الجهد لمواصلة الالتفات إليه والعمل به من قبل كل الشركات التي تود أن تنجح أو تستمر في نجاحها، وعلينا أن نحيي الشركات التي تساهم بسخائها لدعم الأنشطة الاجتماعية والثقافية والبيئية، والتي تصب في نهاية الأمر في صالحها كشركة تحترم نفسها وتود أن يحترمها المجتمع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1013 - الثلثاء 14 يونيو 2005م الموافق 07 جمادى الأولى 1426هـ