يقول غازي القصيبي في كتابه "الغزو الثقافي" "ص 9": "إننا نعاني - كعرب - من مشكلة كبرى في تعاطينا مع الغرب"، ويضرب في ذلك مثالا على أسلوب تعاطي الرئيس أنور السادات مع الغرب. يقول: "كان ولع الرئيس السادات بالاقتباس الأعمى من الغرب لا يعرف الحدود. فقد قال ذات مرة للكاتب المعروف أحمد بهاء الدين إنه استوحى فكرة "الانفتاح" عندما شاهد "الدجاج" في النمسا - وأعجبه مظهره ومطعمه. كما أنه قرر ذات يوم إلغاء وظيفة "وزير الإعلام" لأنه لم يشاهد وزيرا للإعلام في بريطانيا أو فرنسا أو أميركا - وكانت التجربة قصيرة العمر بطبيعة الحال. وهدد ذات يوم نائبا قاطعه بأنه سيقترح على مجلس الشعب إنشاء "لجنة للقيم" كالتي شاهدها في الكونغرس الأميركي، وكان يتصور أن مهمة هذه اللجنة معاقبة "المشاغبين" من النواب!".
ويذكر أن السادات قال مرة في مقابلة مع مجلة "التايم" الأميركية بمناسبة إعلانها له رجلا للعام "إنه معجب إعجابا شديدا بعادة الأميركيين في وضع أقدامهم على مكاتبهم "وفي وجوه زوارهم" وإن كان لم يقل هذه العبارة الأخيرة - والكلام للقصيبي - ونقولها نحن الذين نعتبر هذه العادة من أبغض العادات الأميركية".
بعد هذه المقدمة أعود فأقول: ألا ترون أننا نحن العرب لا نركز إلا على الأمور الشكلية في حياتنا. إننا لا نستفيد من تجارب الآخرين في الأمور المهمة التي لها انعكاس على حياتنا السياسية والاقتصادية.
الشاه كان يرى في الغرب نزع عباءة المرأة الإيرانية وأتاتورك عمل جاهدا لإزالة الطربوش من على رؤوس الأتراك، والسادات أعجبه كثيرا وضع الرجل على المكاتب، لكن كل هؤلاء لم تعجبهم قوانين حقوق الإنسان في الغرب.
كرسوا البيروقراطية، أحبوا الانفتاح، لكن ليس الانفتاح السياسي، فقد كان انفتاحا ديكوريا، فأول عمل قام به السادات هو زج المثقفين في السجون المصرية.
كعالم عربي، نحن لا نبحث عن "ستار أكاديمي" أو "سوبر ستار" العرب، أو ما إلى ذلك. لسنا بحاجة إلى إظهار العضلات بعرض أكبر هبركة في الشرق الأوسط أو أكبر مجبوس تم طبخه في العالم، وهكذا دواليك.
نحن نبحث عن إعلام صادق، يناقش قضايا الوطن بكل جرأة بعيدا عن المساحيق والمكياج، ونبحث عن جامعة قوية من حيث المنهج والمواد والأساتذة، وعن وزارة عدل تنصف المظلوم وتعدل من وضعها مع حقوق المرأة والرجل.
نريد مشروعات اقتصادية نفتخر بأنها أكبر مشروعات في الشرق الأوسط، وليس أكبر مجبوس أو كعكة.
في البحرين، شبابنا مدعوون إلى تفهم الغرب، وليس إلى استنساخه... ووزراؤنا بحاجة إلى قلوب كقلوب الوزراء الغربيين في تحمل النقد، وإلى صبر في تحمل "مرمطة" النواب، نواب أقوياء وليس أي نواب. نحتاج إلى نواب ينهشون في لحم البيروقراطية والفساد، ويضعون أظافرهم فيها بدلا من أن يضعوها ضد الناس كما يفعل البعض طبعا وليس الكل
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1012 - الإثنين 13 يونيو 2005م الموافق 06 جمادى الأولى 1426هـ