العدد 1011 - الأحد 12 يونيو 2005م الموافق 05 جمادى الأولى 1426هـ

مهازل...

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا شك أن جزءا كبيرا من الحركات الإسلامية بحاجة إلى تغيير خطابها، وقد أثبتت التجربة أن ادعاء احتكار الجنة للحزب الإسلامي الفلاني على حساب الحزب الإسلامي الآخر لا تعطي لنا إلا ثقافة إقصائية تترجم إلى عمليات تقوم على قطع الرؤوس.

الرسول "ص" كان يقول: "من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن"، واليوم يقول الواقع: من دخل البيت العراقي فهو ليس بآمن. وبدأنا نقرأ الآيات معكوسة "واغلظ عليهم" وبدأت تتحرك ضد بعضنا. الرسول "ص" على رغم اختلافه مع قريش كان يقول: "اللهم اغفر "لقومي""، فلم يتملص منهم... ونحن كمسلمين لعبت بنا السياسة وسيس الدين بطريقة تدعو إلى الشفقة على المسلمين. الرسول "ص" كان يقول: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". نحن نقول لبعضنا: تعالوا لقطع الرقاب. الرسول "ص" يقول يوم فتح مكة ورؤوس المشركين بين يديه: "اليوم يوم المرحمة" ونحن نقول في كل بلد عربي نستطيع أن نخلق أزمة بين المسلمين: "اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة".

القرآن يخاطب الرسول "ص" قائلا: "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟" "يونس:99"، ونحن نريد أن نكره الناس كي يكونوا مؤمنين بالحزب أو الحركة أو التوجه. حتى المصالحة بين المسلمين أصبحت ضمن الإكسسوارات التجميلية... العلاقات موسمية تلفزيونية... مصالحة في ثوب استئصالي، والتخوين هو الطبق اليومي الذي نقدمه على موائدنا الاجتماعية وقطعة البسكويت التي نقدمها لأطفالنا مع الحليب.

التعصب سمة ملازمة لنا... نتعصب لأي رأي ولو كان خطأ، ولا تجد عالما من العلماء المشهورين سواء من المسلمين أو غير المسلمين إلا وقد نسخت على الأقل 80 في المئة من آرائه ومعتقداته. ابن سينا نصف آرائه بليت، ديكارت بعض آرائه مضحكة.

إذا، لماذا كل هذا التعصب؟

للأسف، الصحافة بدلا من أن تمارس دور التوحيد راحت تصب الزيت على النار. التوظيف بدلا من أن يكون عادلا وللكفاءة، مازال يكرس المحسوبية والواسطات.

نحن أساتذة في دس رؤوسنا في الرمال، وندعي أن الكمال في أعمالنا. في الغرب لك الحرية المطلقة بأن تدعو إلى معتقدك بالطريقة التي تريد، ولك كامل الحرية في ذلك... أما في الدول العربية فمازالت أقليات إسلامية هنا وهناك لا تستطيع أن تعبر عن أدبياتها الدينية بسبب شيوع ثقافة احتكار الجنة. في الغرب مساوئ كثيرة، ولكن يجب ألا نعمي عيوننا أيضا عن مساوئنا. في الغرب، بإمكان عامل النظافة أن ينتقد السلطة، ومظاهرات خرجت في بريطانيا وأميركا ضد الحرب وضد سياسة الحكومتين ولم يراق دم ولم يسجن أحد. ونحن في دولنا "الرشيدة" و"الحكيمة" يجدد الرئيس ولايته وكأن "ما في هالبلد إلا هالولد"، وكل يوم نسمع رئيسا يرشح نفسه أو يجدد ولايته على أنه مضطر إلى الولاية كاضطرار الإنسان إلى أكل الجيفة وشرب العلقم.

مساكين هم الشعوب الشرقية، حركها بالعاطف و"خذ عباءته" كما يقول

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1011 - الأحد 12 يونيو 2005م الموافق 05 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً