أصدر سمو ولي العهد قرارا يوم أمس بتعيين الشيخ محمد بن عيسى بن محمد آل خليفة رئيسا تنفيذيا لمجلس التنمية الاقتصادية. وكان ولي العهد ترأس اجتماع مجلس التنمية الاقتصادية في 30 مايو/ أيار الماضي، وذلك في أول اجتماع بعد اصدار جلالة الملك مرسوم 31 لسنة 2005 في 8 مايو الماضي، والذي منح مجلس التنمية بموجبه صلاحيات أوسع للمهمات التي يضطلع بها للنهوض بالتنمية الاقتصادية في البحرين. وكان من المتوقع اعادة هيكلية عمل مجلس التنمية الاقتصادية في ضوء صدور المرسوم الملكي. وذكر بيان صدر بعد الاجتماع الأخير أن المجلس سيشكل "فرق عمل متخصصة لاعداد ومتابعة وتنفيذ أي من المشروعات التي يقرها المجلس على أن يتولى رئاسة هذه الفرق الوزير المعني بالقطاع باعتباره المسئول الأول أمام المجلس عن انجاز هذه المشروعات والمضطلع كذلك بالمسئولية السياسية عن هذه المشروعات أمام المؤسسات الدستورية بمملكة البحرين".
مصطلح "التنمية" يتكرر ذكره كثيرا، وتقرير برنامج الأمم المتحد الإنمائي الأخير فضل استخدام مصطلح "التنمية الانسانية" للاشارة الى ان التنمية مفهوم "شامل" يرتبط بجميع جوانب الحياة الإنسانية، الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية. واستخدام الامم المتحدة تعبير التنمية الانسانية انما للاشارة الى ان التنمية "عملية حضارية" هدفها الأساسي هو "الإنسان"، ودليل نجاح التنمية هو تحسن مستوى المعيشة، ومستوى المشاركة السياسية، وطبيعة العلاقات داخل المجتمع.
الحوار يدور عالميا حول الاولويات، فهل التنمية السياسية تسبق التنمية الاقتصادية أم العكس؟ وفي الحقيقة، فإن النتائج الماثلة أمامنا تقول ان التنمية السياسية الناجحة "الممارسة الديمقراطية، وحقوق الانسان، الخ" تؤدي الى تنمية اقتصادية ناجحة "كما حدث في اوروبا الجنوبية، ولاحقا في أوروبا الشرقية، وأميركا الجنوبية". والعكس صحيح أيضا، كما هو حال دول مثل كوريا الجنوبية. والدول التي تحاول منع واحدة دون الأخرى لا تستطيع ان تنجح في برنامجها التنموي، وأفضل النتائج تأتي عندما تتزامن التنمية الاقتصادية مع السياسية، لأن الامرين متداخلان بصورة عضوية ولا يمكن فصلهما بأي حال من الاحوال.
وورد في البيان الذي صدر بعد اجتماع مجلس التنمية الاخير، ان المجلس استعرض "نتائج ورشة العمل والمسح الميداني الذي قام به مجلس التنمية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة البحرين عن معوقات تطوير وزيادة الاستثمارات في مملكة البحرين لتنفيذ المبادرات الاقتصادية التي تمخضت عنها الورشة ووضع البرنامج الزمني والاجراءات التنفيذية لها بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص بالاضافة الى استعراض ومتابعة تطور الاعمال المتعلقة بخطوات إصلاح سوق العمل ودراسة السياسة والخطة الاستراتيجية لتطوير القطاع الصناعي وانشاء مجلس البحرين للتنمية السياحية واستراتيجية الترويج والتسويق ومشروع خصخصة الموانئ ومشروع تطوير ورفع مستوى الخدمات الصحية في المملكة".
الاستراتيجية الاقتصادية التي بدأ المجلس يتحدث عنها منذ ورشة العمل التي عقدها في 24 فبراير/ شباط الماضي اهتمت كثيرا بتعريف المعوقات أمام المستثمرين المحليين والاجانب، ذلك لأن أية تنمية مستدامة للاقتصاد لا يمكن ان تتحقق إلا مع وجود رؤوس الأموال، والتسهيلات والمحفزات، والبنية التحتية، والاراضي المخططة بعناية، وحكم القانون، وسرعة إنجاز المعاملات، والشفافية، الخ، وهذه بمجملها تحدد مدى نجاح البرنامج التنموي أو فشله. ذلك لأنه لا يمكن لعامل واحد فقط أن يدفع البرنامج التنموي باتجاه النجاح.
التحدي الأكبر أمام مجلس التنمية هو خلق بيئة استثمارية معززة بكل عوامل النجاح مع مراعاة التوازن والتناغم مع التنمية السياسية. وللمساعدة في هذا الاتجاه، فإن على الجمعيات السياسية ان تعيد صوغ أجندتها لتشمل - فيما تشمل - البعد الاقتصادي المتناغم والداعم لمشروع الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده مجلس التنمية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1010 - السبت 11 يونيو 2005م الموافق 04 جمادى الأولى 1426هـ