العدد 1009 - الجمعة 10 يونيو 2005م الموافق 03 جمادى الأولى 1426هـ

وزارة الشئون الاجتماعية... في سبات عميق

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

علمتنا الحياة أن نأخذ وننهل منها ما استطعنا، فكل يوم يمر علينا نتعلم منه الشيء الكثير. تعلمنا ومازلنا نتعلم، ومن بين ما تعلمناه في حياتنا والأجدى بنا أن نعلمه لأطفالنا الصغار بأن "حبل الكذب قصير"، وأنه بطبيعة الحال "الصدق أنجى من الكذب"، وبالتالي يجب علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا أولا ومع الآخرين ثانيا، وعيب علينا أن نؤسس علاقاتنا الاجتماعية على أساس الكذب والدجل، فحتما سيكون الأساس واهيا وغير متين.

وعليه شعرت بصدمة بالغة عندما حدثتني إحدى زميلاتي عن مشكلة حدثت لها كانت مبنية على أساس الكذب وبالتالي شعورها بالاستياء والضجر، لا أخفي عليكم شاطرتها المشاعر نفسها، وشعرت حينها بالاكتئاب عندما استمعت إلى ما حدث لها. كنت حينها قد ظننت بأن زمن الكذب قد ولى وانتهى، لاسيما إذا كان الكذب صادرا من أناس تربويين واجتماعيين، والأدهى من ذلك أنهم يتعاملون مع ملائكة صغار ومع أفراد ينعتون بذوي الاحتياجات الخاصة.

أعزائي القراء... سامحوني على الإطالة لأنني إلى الآن لم أدخل في صلب الموضوع، ولكن شعرت أن هذه المقدمة ربما تخدمني في طرحه. فإليكم الموضوع... وأتمنى من وزارة الشئون الاجتماعية هي الأخرى أن تعنى بقراءته وعمل المتابعات اللازمة، لأن لها علاقة بالموضوع بالدرجة الأولى، نظرا لكون القضية حدثت لإحدى العوائل في أحد المراكز الاجتماعية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية. ويبدو أن الوزارة تعيش في سبات عميق لكونها لا تعلم بالأمور التي تحدث في مراكز التأهيل، التي هي في الأساس تخدم الأطفال غير الأسوياء والذين هم بطبيعة الحال بحاجة ماسة إلى المساعدة والرعاية والاهتمام، لا الحاجة إلى ممارسة الأساليب اللاأخلاقية كالكذب على سبيل المثال.

إحدى الأخوات تحدثت لي وطلبت مني مساعدتها في نشر قضيتها وأعطتني حينها التفاصيل، وأنا الآن لست مضطرة إلى ذكر أسماء الشخوص، لأنني لا أهدف من وراء ذلك الفتنة وانما أقصد الإصلاح والصلاح، وبالتالي أرجو من وزيرة الشئون الاجتماعية متابعة الأمر بنفسها فهناك من يعمل في المراكز ممن لا يتناسب وحجم المسئولية الملقاة على عاتقه، وبالتالي لا فائدة ترجى منه، فأحد هؤلاء الأطفال تعبت عائلته كثيرا كحال بقية العوائل الأخرى من أجل إيجاد فرصة سانحة لدخول ابنهم مركز التأهيل، واضطرت حينها إلى الذهاب إلى "سين" من الناس وإلى "صاد" من البشر؛ لكي تحصل له على مقعد، بعد أن تعذر على والدة الطفل أن تأخذه إلى مدرسة عادية. ولكونه وصل إلى سن 13 عاما، أصبح لزاما عليه اللجوء إلى مركز التأهيل لتدريبه وتأهيله للمستقبل، وبالتالي وجدت العائلة معوقات كبيرة في سبيل الحصول على موافقة. ولا يخفى عليكم أن المراكز الاجتماعية بطبيعة الحال لا تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من الأطفال، على رغم أننا مازلنا إلى الآن نردد ونقول: ما ذنب هؤلاء الأطفال الذين لا يجدون لهم مكانا يناسبهم سوى المراكز الاجتماعية في الوقت الذي لا يجدون لهم المكان الشاغر، وإلى متى ستكون المقاعد الشاغرة في المراكز الاجتماعية تمثل فرصا ذهبية وعملات نادرة؟ وإلى متى يستمر الحال على ما هو عليه من تعطل وانتظار والبقاء على قوائم الانتظار إلى أجل غير مسمى وتحت ظروف غامضة؟ وعلى أي أساس أصلا يتم إنشاء المراكز الاجتماعية؟ هل المعيار هو مدى الحاجة والطلب عليها مقارنة بنسبة الإعاقات؟ أم أن الأمور تسير وفق مزاج الوزارة؟ الأمر يحتاج إلى دراسة، كما أنه يحتاج إلى همة، ولقد تأخرنا كثيرا في استيعاب هذه الحالات حتى باتت العوائل تضطر لأخذ أبنائها إلى خارج البحرين لتشعر براحة الضمير وللاطمئنان على مستقبل أطفالها.

هذه العائلة كغيرها من العوائل تجرعت الألم في سبيل الحصول على مكان يأوي طفلها الوحيد إلا أنها حينما وجدته، لم تسلم من الأذى، وذلك من خلال الطاقم الإداري للمركز إذ يكيدون له العداء، وفي كل مرة يحاولون جاهدين أن يخرجوه من المركز، بل إنهم باتوا يستغلون الظرف تلو الآخر في سبيل إخراجه، إلى أن حصل في الآونة الأخيرة أن استحدثوا نوعا من أنواع العقاب يستخدم ضد الأطفال في المركز، وهو عبارة عن حرمانه من الذهاب إلى المركز لمدة يوم أو يومين. وحدث أن استخدم هذا النوع من العقاب ضد ابنهم، وعندما انتهت فترة العقاب، تفاجأت الأم بأن إدارة المركز طلبت منها بأنه لا داعي لإحضاره مجددا إلى المركز، نظرا لكون الأطفال الآخرين سيتغيبون عن المركز خلال الأيام القليلة المقبلة، لأن السنة الدراسية شارفت على الانتهاء. وكعادتها أخذت الأم الأمور بحسن نية، وأبقت ابنها في البيت ودعته إلى الركون إليه، على أساس أن المركز سيغلق قريبا، مؤمنة بأن الدراسة في المركز ستنتهي قريبا، إلا أن حال الطفل ساءت كثيرا في تلك الفترة لدرجة أنه أصبح عدوانيا للغاية، ولأن الأم موظفة بإحدى الوزارات، اضطرت إلى أخذه إلى أحد أقاربها، الأمر الذي ساهم في زيادة تعقيد الأمور.

ولكن ما حدث أن الأم اكتشفت عن طريق المصادفة، أن أبواب مركز التأهيل لاتزال مفتوحة، كما أن الأطفال لايزالون يحضرون إليه، وأن ابنها غاب ما يقرب شهرا كاملا بالنسبة لغياب الأطفال الآخرين! كما تكشف للأم أن ما حدث لابنها لم يكن محض مصادفة، وإنما هو فعل مدبر من أجل التخلص من طفلها. حينها شعرت الأم بالحزن والأسى كثيرا... وأكثر ما أشعرها بالحزن هو أن هؤلاء أناس كبار، وفي مواقع المسئولية ويتعاملون مع أطفال بهذه الصفات النفسية ولكنهم لا يتوانون في الكذب، وبالتالي وجود الأطفال معهم أصبح خطيرا جدا. فأطفالنا عندما تصدر عنهم تصرفات غير مسئولة أو كلام غير صحيح لا نقبله بالمرة، ونعمد إلى معاقبتهم، فكيف تكون صدمتنا إذا صدر الكذب من الكبار، وبالتالي الأقنعة جميعها تتهاوى وتتساقط.

نعلم جيدا أن الفساد الإداري سرطان منتشر ينخر في عظام المؤسسات، وهذا ليس بجديد علينا، كما نعلم أن وجود الشخص المناسب في المكان المناسب مسئولية مشتركة ومعيار يجب الركون إليه، ولكن الذي لا نعلمه والغريب علينا هذه المرة عندما يكيد الكبار العقلاء والذين يحملون شرف المهنة ويتم ائتمانهم على تلك الفئة التي تحتاج إلى رعاية وحنان واهتمام خاص، من أجل مساعدتهم على اجتياز محنهم... يصل بهم الأمر إلى أن يعرقلوا انتظامهم ومواصلتهم في الدراسة.

ونعجب كثيرا لذلك خصوصا أن الأطفال الصغار غير الأسوياء لا يملكون شيئا من هذه الدنيا سوى براءتهم وحسن نواياهم. هذا هو الجديد الذي تعلمناه هذه المرة، كما أنه لا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن ننتقم من "سين" من الناس أو "صاد" من الناس، لكون أحد أفراد عائلته تعامل معه معاملة غير لائقة بحسب وجهة نظرنا. أعتقد أننا قد تجاوزنا هذه المرحلة خصوصا عندما نتحدث عن أطفال صغار لا يدركون تلك الدوافع.

المطلوب من وزارة الشئون الاجتماعية بعد اطلاعها على حيثيات الموضوع متابعة القضية، وكل ما تحتاجه من حقائق أستطيع من خلالها توضيح القضية أكثر فلن أتأخر في ذلك

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1009 - الجمعة 10 يونيو 2005م الموافق 03 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً