مقال جهدت في كتابته وضاع بسبب عطل فني في جهاز الكمبيوتر، كان بعنوان: "خذوا زوجي: إني أصرخ، إني أصرخ"، وهو يتطرق إلى الصيحة المدوية التي صرختها سيدة البيت الأبيض لورا بوش، أمام طويلي الشوارب وطويلي اللحى وطويلي الشعر الأشقر من النساء الجميلات اللواتي لم تبادر أي منهن إلى أخذه "الرئيس" بالأحضان من أمامها لأنه على ما يبدو ليس ببضاعة مرغوبة من النساء بعد أن عرفن سر نومه مبكرا وإهماله المرأة التي غازلها حتى تيم بها في عز شبابه! جميع النساء رفضن هذا العرض المغري في أن تأخذ إحداهن السيد الأول في اميركا وسيد البيت الأبيض. ليس فقط نساء أميركا بل وللعجب كل نساء العالم، والسبب أن النساء لا يردن رجالا ينامون عنهن في وقت مبكر أو ينشغلوا عنهن بأشياء أخرى ويهملونهن.
النساء وحتى السيدة الأولى تريد رجلا يدللهن ويتغنج معهن! لذا وقعت لوينسكي في فخ كلينتون، في الوقت الذي كانت فيه السيدة الأولى يوم ذاك "هليري" مشغولة بأشياء أهم من الرئيس! إذ كانت تطبخ طبختها لتصبح "سيدة البيت الأبيض" بعد أن سبقتها نساء العالم كله بما فيها بعض دول العالم الثالث، إذ تبوأت النساء مراكز قيادية كرئيسة وزراء باكستان بينظير بوتو. باكستان الدولة الإسلامية التي يرفض فيها الناس أن تأمهم امرأة في الصلاة، ولكن يقبلون برحابة صدر أن تقود الأمة جمعاء امرأة!
بوش مغازلا
الحال ذاته في اندونيسيا أيضا، وهي أكبر دولة إسلامية. في مقال "خذوا زوجي" الضائع، بحثت عن العلاقة بين الرئيس وزوجته وعرفت كيف أن جورج بوش الابن دخل ذات صباح المكتبة التي تعمل فيها لورا أول مرة وشدته بشدة إليها وأخذ "فليرتينج" معها فصدته مرارا وحاولت أن تشجعه على القراءة كي يبقى بعيدا عنها، غير أنه تظاهر لها بذلك وأخطأ مرارا في الوصول إلى الكتب التي يريدها لكونه لم يتعلم بعد نظام التصنيف الخاص بالمكتبة! ثم هي أجبرته على الاستماع لها وهي تقرأ له بصوت مرتفع، قصصا مثيرة عن العظماء. ثم أخذت تعيره الكتب الجيدة حتى يقرأها في وقت فراغه. ثم هي كما يقول جورج بوش: "حببت لي القراءة" بعدما صدتني مرارا وتكرارا. في النهاية وقعت هي في غرامه! والقصة طويلة جدا ومثيرة إلى أن تزوجا بعد خلاف عائلي بسيط بسبب "الطرحة" التي كان أهلها يريدونها "وردية" في حين كان أهل العريس يريدونها "بيضاء".
في فيلم "فهرينهايت" يظهر الرئيس جورج بوش في الوقت الذي يتحطم فيه البرجان في مدينة نيويورك يقرأ للأطفال، وقد اتضح لاحقا أن لورا بوش كانت تلقنه الكيفية التي يتوجب عليه القراءة فيها للأطفال عن طريق الهاتف النقال.
عرفت أيضا أن لورا بوش تسهم سنويا بمبلغ قدره ستمئة ألف دولار لمساعدة الأطفال على القراءة عن طريق تمويل شراء كتب جديدة لمكتبات كثيرة. وهو أمر جميل جدا إذا ما علمنا أن حكومات عربية عندنا تعجز عن تمويل شراء ألف كتاب كل سنة لمكتباتها الوطنية!
لاحقا في مقابلة معها أجرتها قناة "العربية" شددت لورا على انهما سويا "هي والرئيس" ينامان مبكرا ويقرآن معا كثيرا من أجل مساعدة العالم على الخروج من أزماته الراهنة! والقيام بالمهمة الصعبة التي ألقاها الشعب الأميركي على كاهل الرئيس لتوجيه دفة البلاد إلى القرن المقبل وإلى اقتصاد صحي وثقافة إنسانية. وقالت إنها كزوجة تحب زوجها على رغم انه ينام عنها مبكرا وينشغل طوال يومه في إيجاد الحلول للمعضلات الصعبة التي تواجه العالم.
وددت أن أعرف كم من النساء استجابت لصرخة لورا بوش: "خذوا زوجي" غير إني وجدت من المستحيل معرفة ذلك لأن الإحصاءات المتعلقة بهذا الأمر محجوبة ولا معرفة لي بالسبب. عجبت من هذا الأمر كثيرا وفتشت كثيرا لسبب كوني قد سمعت فيما مضى من الزمان صرخة الأميرة الراحلة ديانا وعلى الملأ: "خذوا زوجي" ويا للأسف فقد سمعتها إمرأة أخرى كانت تردد بينها وبين نفسها في ذلك الوقت بالذات: "ما الحب إلا للحبيب الأول"! فأخذته اختطافا على رغم المعارضة الشديدة من كثيرين ليس بينهم الأميران الشابان. ويا للعجب! في كتاب "انثوني هولدن" عن حياة "الأمير تشارلز" تكشف الصور والكلمات مدى صدق المقولة "ما الحب إلا للحبيب الأول": كميليا غيت.
بين زرقاء اليمامة و"مايكروسوفت"
"أبصر من زرقاء اليمامة"، "أحكم من زرقاء اليمامة" أمثلة تدور في قلب ثقافة الأمة العربية كما تدور الرحى حول محورها. مع هذا فنحن نغفل أو نتغافل عن هكذا أمثلة تدفعنا نحو استبصار المستقبل.
اتشاقى أو ربما أمزح في بعض الأحيان مع بعض الصحافيين العرب ممن لهم باع طويل في الصحافة وسوء ظن الحكومات العربية بهم وبما يكتبون واللعب باقدار حياتهم. خالد القشطيني مثالا فقد نبهته في بريد إلكتروني عن نسيانه شخصية نسائية عظيمة عربية تسمى "زرقاء اليمامة" فهي قد رأت الأعداء قادمين من كل صوب ونبهت أهلها والمقربين لها بالأخطار المحدقة بهم غير انهم لم يأخذوا تنبيهها لهم على محمل الجد فحصل ما حصل. فرد خالد القشطيني قائلا: "انتبه الاخ حسن الصحاف الى ما ذكرته يوم 18 نوفمبر ومنيتي بأن استعمل الاسم "كساندرا" كاسم مستعار صحافي لي". لدينا الآن الكثير من أفاضل الامة العربية الذين يبصرون المستقبل ويشرفون قادمه، استثني منهم طبعا من أجاع شعبه ولعب بأقدار أمته. ثم هو يشكرني على التنبيه قائلا: "شكرا على الفضل، الذي دفعني الى مراجعة حكاية زرقاء اليمامة "حذام" فوجدتها مطابقة لحكاية كساندرا. فهي أيضا رأت الخطر وحذرت قومها، بني جريس، ولم يستمعوا لكلامها حتى حلت بهم الكارثة. لا أدري كيف فات علي ذلك البيت الشهير:
إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام
وفوق كل ذي علم عليم. ولكن هنا نقطة جديرة بانتباه الانثويات وانصار المرأة. فهذان الشعبان المتولهان بالحكمة، الاغريق والعرب، اتخذا من المرأة مثالا لمن يرى الحقيقة ولا يعبأ الناس بتصديقه. هذا في الواقع مصير الكثير من امهاتنا وأخواتنا. فهن يرين بفطنتهن الحقيقة والواقع والخطر والمعقول، ولكننا نحن الرجال لا نعبأ بأقوالهن حتى تحل الكارثة بنا فنندم ونقول لها: "آه! يا ليتني سمعت كلامك!".
لست زرقاء اليمامة ولا يحق لي أن أكون، غير اني أرى شيئا من المستقبل وأرى الخطر المقبل، ولا أرى "زال الخطر" ولكني لا أعرف كيف فاتني خطر التكنولوجيا وخطر فشلها فشلا ذريعا في الوقت الحرج ولست الوحيد في ذلك فقد فشلت صواريخ أميركا تكنولوجيا في إصابة هدفها المعلن وغير المعلن.
لست حزينا على الجهد الذي ضاع لأنه في مقدوري أن آتي بمثله وأحسن منه ولكوني أعرف شخصا متزوجا يولد له أولاد بصحة جيدة إذا لم أقل ممتازة ولكن مصيبته الكبرى انه يفقدهم حين يأخذهم الموت يوم تصل أعمارهم إلى مقتبل العمر، أي في ريعان الشباب، في عمر الزهور: الثامنة عشرة أو السادسة عشرة أو العشرين. صاحبنا هذا يفقد أعز ما عنده، فلذات كبده، بالحقيقة البشرية الوحيدة التي سيمر بها جميع البشر. لا أزال أرى على شفته البسمة ويحدوه الأمل أن يفرح مع من تبقى له من الأبناء. وهو وزوجته حتى الآن لا يكفان عن إنجاب الأولاد.
مزارعون رأيتهم أيضا شخصيا يفقدون محاصيلهم بفعل عاصفة هوجاء لا تبقي شيئا ساعة تكون ثلوجا وساعة أمطار غزيرة وساعة براكين، رأيتهم يحرثون الأرض أيضا من جديد من ثم يبذرون البذور ويجهدون أيما إجهاد في رعاية بذورهم يحدوهم الأمل في محصول وفير ولا يصيبهم الإحباط ولا تعجزهم العواصف أيا كان شكلها.
فقدي هذه الأشياء بفعل الطبيعة والحوادث الخارجة عن الإرادة لا اعتراض عليها لكن فقدها نتيجة إهمال مني أو لسبب موهوم من الموهومين عليه اعتراض كبير وكبير جدا.
"مايكروسوفت" وغيرها من الشركات تريد أن ترى "الحماية الفكرية" مجسدة على أرض الواقع كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية، وأنا أحد أقوى المناصرين لذلك ولكن قبل ذلك يجب أن نحمي المستهلك من أن يحصل على بضاعة لا تؤدي الغرض الذي من أجله نزلت إلى السوق أو إن بها غشا تجاريا أو تكون من غير سند مادي أو معنوي. أنا مع أن يكون المستهلك دائما على حق وأن في استطاعته أن يعيد هذا المنتج الذي تحميه القوانين إلى مصدره في حال عجز عن القيام بما هو معلن مع إعادة جميع ما صرف في شرائه من مال وجهد من دون أي سؤال.
أنتهي هنا وكان بودي أن أخبركم عن الأبواب الأربعة التي تعطلت عن العمل وعما جرى من مشكلات جراء ذلك ولكن المقص يتمايل أمامي يذكرني بما أحدثه من خراب فيما سبق. أرجو مع هذه النهاية أن أصل إلى حل في علاج القرص الصلب واسترجاع المعلومات التي فيه بمساعدة بشرية أو بمساعدة برمجيات مخصصة لذلك وحتى ذلك الحين لا تغفلوا في حفظ ملفاتكم في أماكن عدة كلما تسنى لكم ذلك وإلا ستندمون "يوم لا ينفع الندم"
العدد 1008 - الخميس 09 يونيو 2005م الموافق 02 جمادى الأولى 1426هـ