مشكلة يعاني منها شبابنا الطالع وهي الانبهار بالغرب إلى درجة أخذ كل ما يأتي منه بسلبياته وإيجابياته وهذا أسلوب خاطئ. اننا نعاني من أزمة تعاط مع الغرب، بين متطرف لا يرى في الغرب ولا إيجابية واحدة، وبين متطرف معاكس يرى أن كل ما يأتي من الغرب إيجابي ولو كان مضرا.
لنر ما قاله غازي القصيبي عن بعض الشخصيات كيف تعاطت مع الغرب: الأول اتاتورك، والثاني الشاه.
أما اتاتورك فقد رأى ان يحرم مواطنيه من لبس الطربوش، وفرض السفور على النساء بالقوة العسكرية، وألغى الأبجدية التركية واستبدل بها حروفا لاتينية.
أما شاه إيران فقد منع استخدام الملابس الإيرانية التقليدية، وأصدر أمرا بوضع القبعة على كل رأس. منع - والكلام لغازي - النساء من ارتداء العباءات، وأطلق الشرطة في الشوارع يمزقون عباءة أية امرأة ترتديها، ومنع تصوير الجمل باعتباره حيوانا بدائيا يرمز الى التخلف.
دعونا نقرأ أيضا صورة كاريكاتيرية لعلي شريعتي في كتابه "العودة إلى الذات" وهو يسخر من الشباب الذين يأخذون سلبيات الغرب ويتركون إيجابياته وينهجون التقليد الأعمى. يقول: يجاهد جهاد المستميت لاجبار جدته الحاجة بي بي كلبن آغا على ارتداء "الميني جوب" عند ذهابها إلى رأس الجسر، أو على ان تشد شعرها على هيئة "ذيل الحصان"، أو يرغم عمته الحاجة رقية على وضع نظارة "أودري هيبورن" على عينيها ويقوم بكنس المنزل من السجاد والفرش والوسائد التي عاشت عليها الأسرة ستين عاما، لكي يؤثثه "باستيل مودرن" أميركاني مأخوذ من مجلة "البوردو"... ويضع صورة "جين مانسفيلد" التي أعدت من أجل حجرة النوم على جدار منزل والده المصلي وفي موضع القبلة.
سياق الحديث يتناول التقليد بأية صورة، بمعنى إن لبس الغرب بانطلونا ممزقا "كستايل" جديد راح هو ولبس بانطلونا ممزقا. هناك شباب في رأس كل سنة يقومون بتخريب المحلات وهو أيضا اراد ان يفعل ذلك! وهكذا لا نحمل عقدة تجاه الغرب... في الغرب ايجابيات كبيرة لو أخذنا بها في مجال العلوم والصناعة والتكنولوجيا والتنظيم واحترام القانون ومحاسبة المسئولين وقوة الجامعات لتطورنا، ولكن للأسف شبابنا نسي كل هذه التقليعات وتمسك بالشعر الملون بخمسة ألوان وبالجينز المرقع. لا تتعجب اذا رأيت فتيات يضعن على شاشة الحاسوب صورا لبرادبيت أو كروز أو غيرهما من المشاهير، وقد "تزعل" الأخت على اختها لو قالت هذا أوسم من ذاك... الخ.
هذا جزء من تخلفنا، وكذلك صورة أخرى من التخلف ان ترى في المقابل من يمنع المرأة من السواقة أو يمنع المرأة من أخذ حقوقها السياسية أو يرى الذهاب الى مطعم للغذاء مخالفا للإسلام أو التعلم في الجامعة خطأ كبيرا أو العمل للمرأة في المؤسسة أو الحكومة قد يخرجها من الدين.
الإسلام يدعو إلى الاستفادة من أفكار الآخرين ما دامت لا تتعارض مع القيم.
في الغرب توجد اخطاء كبيرة منها الاباحة الجنسية، الفراغ الروحي، ولكن في الغرب أيضا توجد شفافية، توجد رقابة. كلينتون أجلس امام كل الكاميرات والعالم لعلاقة غرامية. وتنظر الى بلير كيف يهزأ في مجلس العموم البريطاني، وتجد شيراك يتوسل الشعب الفرنسي في الاستفتاء على الدستور الأوروبي ويرفض طلبه. في الغرب ولأقل الأمور أهمية يتم الاستفتاء حتى على رفع سعر البيض.
أليست هذه ايجابيات؟ هل سمعتم ان رجل الأمن الفرنسي قمع مواطنا رفض الاستفتاء؟ أبدا، إذا يجب ان نقرأ الآخرين برؤية أكثر اعتدالا، يجب ان نأخذ الايجابيات ونرفض السلبيات
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1007 - الأربعاء 08 يونيو 2005م الموافق 01 جمادى الأولى 1426هـ