العدد 1007 - الأربعاء 08 يونيو 2005م الموافق 01 جمادى الأولى 1426هـ

إنهم يتمردون على مقالاتي... كما تكبر الصغار...

سفين بيركيرتس ينتقد "قدوم العربة من دون خيل"...

المنامة - عادل مرزوق 

تحديث: 12 مايو 2017

يذهب سفين بيركيرتس "أحد أبرز النقاد الاميركيين" إلى أن ما يميز الأدبيات الاميركية هو أنها متجددة وقادرة على التغير والتطور، وأنه - بوصفه ناقدا - لطالما لاحظ هذا عبر متابعته لأكثر المنتج الثقافي الاميركي.

كتب سفين بيركيرتس مقالا تأمليا شاملا "الموهبة في الغرفة" سلط فيه الضوء على الاتجاهات والمواهب الرئيسية في عالم الأدب الخيالي. إنه يحاول التركيز على رؤية خاصة، وهي أن الأدب الاميركي هو ذاته السياسة الاميركية الدائمة الانزياح والتغيير، وأن محاولة إسقاط الماضي على حاضرها أمر صعب، ولو كان مقاله الأخير لم يكتب إلا قبل عشر سنوات مضت.

انتهى سفين في مقاله الأول إلى أن الأدب الخيالي الأميركي المعاصر في حال تراجع. ومع تزايد عدد الكتاب الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن التعامل بقناعة مع مجتمع ما بعد الحداثة الإلكتروني المتغير تغيرا جذريا، ظهر تحرك واسع نحو صورة عالم أبسط، وأقل تعقيدا مما هو اليوم. وبدلا من أن يتعامل الروائيون وكتاب القصص القصيرة مع ثقافة المعلومات الحضرية، توجهوا نحو موضوعات الأرياف والبلدات الصغيرة، متبعين الأساليب المغالية.

إلا أنه بعد عشر سنوات تمرد الأدباء الاميركيون على مقال سفين "الموهبة في الغرفة"، ويعتقد سفين أن التمرد لم يكن تمردا ثوريا، بل تمردا كنمو الصغار، أو هو تجلي "مابعد الحداثة" على الرواية الخيالية الاميركية تحديدا، وتخلي كتاب أكبر سنا في كثير من الحالات عن أماكنهم تحت الضوء.

أشهر الصور المتطورة والنامية هو الروائي جوناثان فرانزين، الذي تصدرت روايته "التصحيحات" قائمة المبيعات، وهي رواية بليغة للغاية وتقدم قصة متعددة الجوانب لجيلين من أسرة لامبيرت في منطقة الغرب الأوسط الأميركي، تصدرت قائمة الكتب الأكثر رواجا في الولايات المتحدة في العام 1002. وقد قام المؤلف بتذكير القراء الجادين في كل مكان أن من الممكن قراءة قصة جيدة ومشوقة مع تقدير التعقيد المفكك للحياة في عصرنا لما بعد كل شيء.

كما لا ينسى سفين إبداعات "ريتشارد باورز" في روايته السابعة "حرث الظلام" وهي استكشاف لمدلولات الواقع العملي برواية "وقت غنائنا" في العام 3002، وهي رواية مسلسلة ضخمة لأسرة من عروق مختلطة تدمج الموسيقى والسياسة العنصرية والفيزياء النظرية. الرواية الاميركية تحمل القلق المابعد حداثي في سياقات يرى سفين أنه من الصعب نقدها، أو أنه لا بنية تحكمها، او أنها روايات وخيال قلق تحتاج نقدا لا يتعفف عن القلق معها.

عالمية التعاون لسفين...

لا يكف سفين عن النزوح نحو العالمية، ويرى أن منتجات الكتاب من شاكلة الروائي والكاتب القصصي الصيني المولد ها جين في رواية "انتظار"، والروائي الأوكراني الأصل آسكولد ميلنيشزوك في رواية "السفير ميت" كلها تصب في عالمية اجتماعية متشابكة ومنظمة، وان حدود المكان في الرواية الاميركية أصبحت عالمية "كونية"، وأبرز مثال هو الروائي تشانج راي لي في رواية "حياة بادرة" إذ تتميز بإضفاء إثارة بطريقة بارعة على حياة رجل ياباني مولود في كوريا يعيش في أميركا ويحاول تفادي أشباح ماضيه المشبوه.

إلا أن الواقعية الاميركية مازالت حاضرة، ومازالت تحتفظ بمقروئية لدى القراء الاميركيين، إلا أنها اعمال تحتوي على نقاط تجديد تعطيها مبررا للبقاء والصمود امام الرواية الخيالية التي أصبحت رقما صعبا في التوزيع والانتشار والاهتمام من قبل الأدباء والشعراء الاميركيين حاليا.

شعر اللغة

يتميز المشهد الشعري - كما يذهب سفين - بأنه متعدد في الأساليب، ولكن ما يعطي شعورا بوجود وفرة وتنوع في عالم القصص الخيالية يعطي كثيرين من الشعراء شعورا بالانقسام المحبط. وإذا كان الوضع قبل عشرين سنة هو صراع بين الشعراء "الشكليين" وبين مؤيدي الأنواع المختلفة للنثر "الحر" إلا أن الوضع قد تغير الآن، إذ يوجد انقسام بين الشعراء الذين يستخدمون اللغة بطرق مرجعية. ومن أبرز العوالم الحديثة في الشعر هي الشاعرة لين هيجينيان التي تقدم في قصيدتها الطويلة "أوكسوتا" بيوتا شعرية مثل "إن مبدأ الترابط وليس السببية هو الذي ينقذنا من لا نهاية سيئة/ والبحث عن الكلمات ليس ظل مصادفة".

الثقافة الإلكترونية...

شقت الثقافة الإلكترونية المتنامية طريقها بقوة. ومع أن الكتاب الإلكتروني "الجهاز المحمول باليد الذي كان يفترض أن يحدث ثورة في القراءة" الذي تم ترويجه منذ مدة طويلة لم يحقق نجاحا، بل مني بفشل ذريع، مفندا توقعات العلماء والنقاد في كل مكان، فليس هناك أدنى شك في أن وسائل ترفيهية أكثر تطورا "الفيديو وأسطوانات "DVD" وما شابه ذلك" قد شقت طريقها بقوة في عادات الاميركيين المتعلقة بالقراءة، بطبيعة الحال، يسمع الجميع ذلك النواح المستمر من الاميركيين على الجدية الآخذة في التقلص.

ومن ناحية أخرى، هناك دائما "الناحية الأخرى،" أي الكتب القيمة التي يستمر تأليفها ونشرها وترويجها وقراءتها، وتذكر الكتب المجددة الأكثر مبيعا ككتاب "التصحيحات" وكتاب "العظام الجميلة" كل فرد في هذا الحقل بأن القارئ الجاد المتشوق لم يختف من الوجود. وإذا كان الاتجاه الأعم يسير نحو مجالات الترفيه الخلابة، فإنه من المهم أن يشير سفين إلى الزيادة المستمرة في نوادي الكتب ومجموعات القراءة. إن التنبؤات المريعة محفوفة بالمخاطر، وفيما عدا تلك المتعلقة بمجيء العربة من دون خيل، فإنها تتسم عادة بالمبالغة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً