إن وجودنا في بلد صغير جدا جغرافيا على الخريطة وفي هذه الدنيا هو من الأمور الحتمية، إذ نحن لا نتعدى جزيرة "أم" تتناثر حولها "جزر" هي بالأحرى عبارة عن أراضي أملاك خاصة وسط تلك الأحجام الخيالية من الدول والأمبراطوريات والجزر المحيطة بنا، سواء كانت المقارنة على مستوى دول الخليج أو على مستوى البلدان الآسيوية مثل الهند وغيرها.
ولكن هذه الحتمية أيضا ترغمنا على تحمل صعاب لا ناقة لنا فيها ولا جمل وهي غير منطقية بتاتا في مثل أحوالنا ويمكن أن نوصفها بأنها لا تطاق... من أهمها تلك المرتبطة بكم الناس التي تنتج "الازدحام" في كل شيء... وإن أوردنا الازدحام في شكله العام فنحن نعاني من الكثير من الازدحامات وبشتى أنواعها!
فبلد مثل البحرين لم يصل تعداد سكانه إلى المليون من مواطنين ومجنسين وأجانب أسوة بأية دولة أخرى صغيرة لربما أصغر من حجم بلدنا... يتكدس ساكنوها في الربع العلوي منها لتبقى المساحات الأخرى إما خالية أو محجوزة... وتحيط بهذه الجزيرة أسوار عالية ومنتجعات بحرية خاصة، فمن شبه المسلمات أن تعاني من مشكلات متناقضة كثيرة جلها غير مترابط وغير منطقي، كأن يكون عندك مقابل المساحات الشاسعة الخاوية من الأراضي مشكلة إسكانية، ومقابل الثروات الطبيعية من نفط وغيره فقر مدقع وبطالة!
ولا ننسى أيضا تاريخ عدم استغلال الطفرة النفطية بما يفيد العباد والتي أنعشت "بعض" البلاد في فترات سابقة لبناء بنية تحتية محترمة تتناسب وكوننا دولة خليجية نتباهى بأنفسنا على الأقل أمام أقراننا، فليس غريبا البتة أن ترى ونحن في العام 2005 منطقة في سترة لا توجد بها شبكة صرف صحي وهي تعاني من طفح البلاعات مثلها مثل أية قرية نائية منسية في الهند أو سريلانكا! أو أن ترى مشروعا آخر لسفلتة الشوارع الخلفية لشارع البديع وفي حواري القرى إذ كانت ولسنوات كثيرة مضت تعاني من تهميش واضح وإهمال متعمد مثل قرية الحجر وأبوصيبع والشاخورة والدراز ليست بأفضل حال منها، والتي يخال للمار على شوارعها بأنه داخل مدينة أشباح!
ولك في أزمة الكهرباء دليل آخر على سوء أو عدم استغلال الطفرة بالشكل اللازم... فعلى رغم وجود محطة الكهرباء الجديدة في الحد وعلى رغم تحفظنا على أدائها... فمازلنا نستخدم شبكة التوزيع القديمة جدا جدا... ومازلنا نمارس سياسة الترقيع في أزمة الكهرباء لاسيما لمواجهة الانقطاعات "السنوية" الطارئة وغير الطارئة!... ألا نشبه في مشكلاتنا هذه دولا مثل بنغلاديش وسيلان مثلا؟!
وندعو ليل نهار ألا يصيب أهالي المحرق مكروه من حاجتهم إلى إسعاف أو سيارات الإطفاء وإلا فالأمر يصل إلى المصيبة! فالأزقة و"الزرانيق" الكثيرة في المحرق وكأنك داخل إلى دهليز أو أنك ضمن مسابقة البحث عن الكنز إذ تفتقر تلك الأزقة إلى أبسط شروط السلامة ورائحة الفوضى السابقة تفوح منها وتسيطر على بقية الروائح التي يجني أهلها ثمارها الآن... والشيء بالشيء يذكر... أذكر رئيس المجلس البلدي للمحرق عندما طرحت عليه هذه المشكلة في أحد المجالس إذ كان يسمي هذه الفوضى "تميز عمراني" يستقطب السياح والزوار لاسيما الفرنسيين!
جملة من المشكلات وصفناها وهي غير منطقية وهي كثيرة نعاني منها ولا من حل "جاد" ينتشلنا منها... وما ذكرناه هو "نقيطة" في بحر جارف... ولكن هل هناك خطة ولو "قرنية" على الأقل ترمي إلى انتشال هذا البلد الصغير من هذه المشكلات التافهة والمؤثرة في سير الحياة اليومية؟ أو أن المعنيين فرحون بإيكالها إلى أناس لتصبح لهم عبارة عن شعارات انتخابية على مستوى البلديات أو الانتخابات النيابية، يفرحون الناس بها كما تفرح ابنتي "رنا" بوعدي لها بالبرادة؟!
إضاءة
يقولون والعهدة على الراوي... إن أحدهم "مسكين" من المحرق والذي عزم على الدخول في انتخابات 2006 على رغم فشله الذريع في انتخابات ،2002 بدأ بالتحالف مع "مطاوعية" المنطقة من جهة، ويحاول محاولات مستميتة لاختراق النقابات العمالية من جهة أخرى، لاسيما أسمنها وأكبرها في جزيرة المحرق! ويقولون أيضا إنه بدأ يدق على وتر الطائفية وهو سلاح العاجز طبعا حتى لو وصل... وسنتكلم عن هذا الموضوع عندما يصلني شريط كاسيت إحدى محاضراته الطائفية "القيمه"
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 1006 - الثلثاء 07 يونيو 2005م الموافق 29 ربيع الثاني 1426هـ