العدد 1006 - الثلثاء 07 يونيو 2005م الموافق 29 ربيع الثاني 1426هـ

حول حرية التظاهر والتعبير والعنف

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

من بديهيات النظام السياسي البحريني كفالة حق التظاهر والتعبير عن الرأي بمختلف أشكاله والذي كفله الدستور وميثاق العمل الوطني، ونظمه القانون في أوضاعه المتعددة. لكن من المستغرب أن تكون حرية التظاهر والتعبير وفق طرق دخيلة وبعيدة عن الذوق العام، وهي في الديمقراطيات العريقة كذلك.

في الخامس من الشهر الجاري أصدرت لجنة العاطلين عن العمل "تحت التأسيس" بيانا غريبا عندما دعت إلى الاستعداد "لفعالية رمي مبنى المجلس المنتخب بالبيض المارق والطماطم الفاسد في حال مرر موازنة 2005 من دون تضمين الضمان الاجتماعي ضد التعطل". ثم أكدت على حقوق أبناء الوطن في الحصول على وظائف والعمل في مختلف المجالات الحكومية، ومنها السلك العسكري.

وطبعا من حق الجميع أن يعبر عن وجهة نظره ورأيه ويطرح مشكلاته، إلا أن الدعوة لاستغلال حق حرية التظاهر والتعبير من خلال استخدام أساليب غير لائقة هو أمر مرفوض ألبتة، ويكشف عن محدودية الوعي السياسي والوطني لدى الداعين لمثل هذه "الفعالية". فالشعب الذي تمثل في إحدى المؤسسات الوطنية التي أقرها الدستور، ووافق عليها الشعب، وشارك معظمه في انتخاب ممثليه من حقه أن تحترم المؤسسة التي ساهم في تأسيسها ودعمها ماديا ومعنويا، والإساءة إليها تعني الإساءة إلى الشعب.

كثير من العاطلين عن العمل في المملكة امتنعوا عن المشاركة في الانتخابات النيابية خلال العام 2002 بحجج متعددة، أبرزها أن دستور مملكة البحرين جاء منحة ولم يأت بطريقة عقدية، وأخرى تتعلق بمحدودية الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب المنتخب، وكذلك وجود عدد أعضاء مساو لأعضاء مجلس الشورى. هؤلاء العاطلون الذين رفضوا المشاركة في الانتخابات البرلمانية الماضية من الغريب قيامهم بحمل لافتات تحمل عبارات ونصوصا دستورية "مثل المطالبة بتطبيق المادة الخامسة من الدستور التي تتضمن إلزام الدولة بتوفير الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل" في الوقت الذي نجدهم يرفضون الدستور جملة وتفصيلا، وأيضا نجدهم يتهمون مجلس النواب بالعقم، وعدم القدرة على التشريع في الوقت الذي امتنعوا فيه عن المشاركة في انتخاب ممثليهم فيه، ورفضوا التعاطي معه لعدم فاعليته، وها هم الآن يهددون بممارسة سلوك عدواني إزاء مبنى المجلس الذي يعبر عن إرادة الشعب وسيادته إذا مرر مشروع قانون الموازنة من دون أن يقر صرف الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل. وإلى الآن لم يحاول العاطلون التعاطي بشكل إيجابي مع مخرجات دستور المملكة لنيل مطالبهم.

تناقضات كثيرة يعيشها الشباب العاطل عن العمل نجدها في ممارسة حقه الدستوري للتظاهر والتعبير عن الرأي. ولكنها تحتاج إلى إجابات شافية وصريحة بشأن الدوافع الحقيقية وراء هذه المطالب من خلال تحليل هذه التناقضات الجلية. وملف البطالة اليوم أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل، وخصوصا في ظل توافر فوائض نفطية تقدر بعشرات الملايين، ومن واجب الحكومة أن تسعى لمعالجة هذه المشكلة قبل استفحالها أكثر مستقبلا.

إلا أن الأهم من ذلك، هو متابعة سلوك العاطلين عن العمل، وكيفية استغلالهم لحرية التظاهر والتعبير التي كفلها القانون، ليدعوا إلى القيام بسلوك ينم عن نزعات عدوانية، ورغبات في ممارسة العنف من أجل تحقيق المطالب والرغبات. قد يكون هذا السلوك مجرد إرهاص أولي لسلوكيات أخرى مقبلة عنيفة. وكل هذا في النهاية يدعو إلى احتواء مشكلة العاطلين عن العمل، وحثهم على سلمية التظاهر والتعبير، ورفض أية توجهات خارج إطار القانون والأعراف السياسية الناشئة في النظام السياسي البحريني

العدد 1006 - الثلثاء 07 يونيو 2005م الموافق 29 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً