عقب يوم من تسريبات أطلقها مسئولون ودبلوماسيون تقول إن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بدأت تظهر ما يفيد تخفيف موقفها المتشدد تجاه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" كرد فعل على نفوذها السياسي المتصاعد في الأراضي الفلسطينية ونداءات من الحلفاء الأوروبيين للتحلي بالمرونة، أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو من جهته وجود اتصالات بين بلاده والحركة التي تعتبرها واشنطن ولندن "حركة إرهابية".

إذا ما الجديد الذي حدث في مواقف تلك الدولتين أو الحركة الفلسطينية الأمر الذي يفرض وجود مثل هذا النوع من الاتصال؟ للإجابة على هذا السؤال لابد أن نربط ما يجري في الساحة الفلسطينية بما يجري في مجمل الشرق الأوسط إذ أخذت إدارة بوش تميل إلى استعادة الروابط مع الحركات الإسلامية المعتدلة في الوطن العربي بالذات لاستخدامها كأداة لإحداث الإصلاح السياسي الذي تروج له في المنطقة.

فمن قبل وافق البيت الأبيض على مضض على خوض مرشحين من "حماس" الانتخابات الفلسطينية على رغم أن الحركة رفضت نزع سلاحها وتصنفها واشنطن على أنها "منظمة إرهابية كبيرة". وقال مسئولون كبار بالإدارة الأميركية إنهم قد يكونون مستعدين لإجراء اتصالات مع بعض المرتبطين سياسيا بـ "حماس" وأنهم لا يستبعدون التعامل مع الحركة إذا تخلت عن سلاحها وأوقفت العنف.

ويصف مسئولون ودبلوماسيون أميركيون أي تحول تجاه "حماس" بأنه عملي، فالخدمات الاجتماعية التي تمولها تحظى بشعبية بين فلسطينيين كثيرين كما أنها تفوز في الانتخابات المحلية ومن المتوقع أن تظهر بشكل قوي في الانتخابات البرلمانية التي أرجئت حديثا كما أن بعض الساسة والمنتسبين الذين تدعمهم "حماس" يعتبرون معتدلين.

ويأتي هذا التحول أيضا بعد حملة وراء الكواليس قام بها حلفاء أوروبيون ومن بينهم بريطانيا وفرنسا كي تتخلى واشنطن عن دعوتها لحل "حماس". وفعلا أقر سترو أمس بأن دبلوماسيين بريطانيين أجروا محادثات مع أعضاء بحركة "حماس" ممن انتخبوا لتولي مناصب رسمية في الأراضي المحتلة. هذه التطورات وتأجيل الانتخابات البرلمانية الفلسطينية تؤكد أن الحوار الأميركي البريطاني مع "حماس" جدي لأنهما يريدان فقط وقبل كل شيء الاطمئنان على أنها البديل المناسب