مضى على إثارة قضية الانتهاكات التي تحدث في خليج توبلي فترة ليست قليلة، وتلاشت الشعارات التي رفعت حينها للمطالبة برجوع الخليج إلى سابق عهده، ما يدعم الأصوات التي تقول إننا مجرد ظاهرة صوتية آنية، نطفو على السطح حين تثار عواطفنا ونمضي حيث يمضي الركب من دون وعي، ونعود لنغرس رؤوسنا مرة أخرى حين يخف وطء القضية.

فهل من المعقول أن تتحول قضية وطنية مثل قضية انتهاكات الخليج ومحمية سند الطبيعية إلى مجرد ذكرى عابرة سجلت على صفحات الصحف، ومرت كلمح البصر. والأغرب من ذلك، حين تسأل من كان يطالب بشدة بالتحقيق في تداعيات الخليج، يجيبك بكل برود: "العين بصيرة واليد قصيرة... الله يجازي اللي كان السبب"، يا لهذا الرد الرائع، ويا لهذه الروح العالية! في الحقيقة نحن بحاجة إلى قادة أمثال هؤلاء ليقودوا مطالب الشعب، وحينها فإننا سنفقد كل شبر من الخليج، وسنفقد كل شاطئ... المسألة ليست مسألة انتهاك للخليج، وليست تعديا على مساحات هي ملك عام، بل إن المسألة التي يجب أن تثار هي ماذا سيحدث بعد أن يذهب الخليج؟ لقد صمت الناس مرة ورضوا، وبالتالي فإنهم سيصمتون ويرضون في كل مرة.

ولكن، لماذا تموت القضايا الوطنية دوما، ولماذا نلهث وراء قضايا هامشية ونتفاعل معها أكثر مما نتفاعل مع هذه القضايا، ونقول: بالأمس فقدنا خليج توبلي، واليوم نفقد ساحل المالكية، وغدا سنبقى محاصرين في محيط يخلو من كل متنفس، ومع ذلك سنرضى لأن ذلك "قسمة ونصيب"