العدد 1004 - الأحد 05 يونيو 2005م الموافق 27 ربيع الثاني 1426هـ

لبنان... أين المشكلة؟

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

انتهت أمس الجولة الثانية من دورة الانتخابات النيابية في لبنان. فالجولة جرت في الجنوب وفازت بها لوائح أمل وحزب الله المدعومة من تيارات سياسية كثيرة. فوز تحالف أمل وحزب الله ليس مفاجأة. فالكل توقع هذه النتيجة. وهناك فئات سياسية متضررة من التحالف غامرت في تجربة حظها واختبار قوتها الانتخابية فرشحت انصارها في هذه الدائرة أو تلك. وهناك فئات استنكفت أو قاطعت احتجاجا على تحالف القوتين الكبيرتين. ومن ضمن الاتجاه المقاطع برزت وجهة نظر طائفية تعترض على ربط الاقضية ذات الغالبية المسيحية بالاقضية ذات الغالبية المسلمة وطالبت بفصل الاقضية عن بعضها حتى تختار كل طائفة نوابها.

كل هذه الآراء والاحتجاجات وغيرها من وجهات نظر ستكون مدار بحث ومداولات بعد الانتهاء من حفلات الاقتراع في الجولات الأربع. فكل القوى على أنواعها واختلافاتها السياسية وعدت جمهورها بمعالجة هذه المسألة في المجلس النيابي الجديد. كذلك لجأت بعض الاتجاهات إلى التأكيد على أن موضوع قانون الانتخابات سيكون على رأس جدول أعمال النواب حتى يتم الاتفاق على صيغة توافقية ترضي كل الأطراف.

والسؤال: هل سينجح المجلس النيابي الجديد في حل هذه المعضلة الانتخابية - الطائفية؟ الاجابة تميل إلى استبعاد مثل هذا الاحتمال نظرا إلى تعقيدات الواقع وتداخل شبكة طوائفه وقواه السياسية وتفاوت الكتلة التصويتية بين منطقة وأخرى وتركز قوة كتل معينة في منطقة وضعفها في أخرى.

المشكلة إذا معقدة وتتجاوز القانون الانتخابي وتطول النظام الطائفي في جوهره. فالنظام يعتمد الطائفية في اختيار الهيئات السياسية التي تمثل الشعب. وبالتالي يصوت المواطن للطائفة وليس العكس. كذلك اعتمد النظام سياسة توزيع المقاعد النيابية بحسب الطوائف والمذاهب. فهذا للارثوذكس وذاك للموارنة، وهذا للسنة وذاك للشيعة، وهذا للدروز وذاك للكاثوليك، وهذا للأرمن وذاك للسريان أو العلويين... إلى آخر السلسلة. وبعد التقسيم الطائفي - المذهبي لجأ النظام إلى توزيع المقاعد طائفيا بحسب المناطق. فلكل منطقة حصة من المقاعد تخضع بدورها إلى نسب مئوية تتوزع في ضوء درجاتها المقاعد. فهذه الدائرة للموارنة فقط وتلك مختلطة بين موارنة وارثوذكس وأرمن. وهذه مختلطة بين شيعة وسنة وموارنة. وتلك بين دروز وموارنة وشيعة إلى آخر المناطق.

في ضوء هذه الشبكة الأهلية من التوزيعات الطائفية والترتيبات المناطقية كيف سينجح المجلس في حل هذه الالغاز والتوصل إلى فك رموز الكلمات المتقاطعة؟

كل الاقتراحات المطروحة فيها ثغرات وسلبيات. فنظام النسبية فيه مشكلة، ونظام الأكثرية كذلك. ونظام الدائرة الصغيرة فيه مشكلة، ونظام اللوائح كذلك. والدائرة المتوسطة "القضاء" فيها مشكلة والدائرة الكبيرة "المحافظة" أيضا. ولبنان دائرة واحدة وعلى أساس نسبي أو أكثري فيه مشكلة أيضا. والجامع المشترك لكل هذه المشكلات هو الطائفية السياسية واعتماد الفرز المذهبي - المناطقي لتمثيل "الفسيفساء" اللبناني في البرلمان.

كل الاقتراحات ملغومة ما دام النظام يعتمد الطائفية أساسا للهوية اللبنانية، وبالتالي من هو خارج الطائفة يخسر أو يخرج من المعادلة. فالطائفي في لبنان هو الطبيعي والعاقل والمعترف به دستوريا بينما غير الطائفي مخبول عقليا وخارج النظام العام الذي يضبط اللبنانيين وفق سجلات مذهبية.

هذه هي المعادلة التي جرت عليها الانتخابات اللبنانية منذ تأسيس الدولة في العام 1920 وعلى أساسها جرى تعديل القوانين والخرائط السكانية والدوائر من اقضية إلى محافظات. وما حصل في الجولة الأولى في بيروت والجولة الثانية في الجنوب وما سيحصل في الجولات المقبلة لا يخرج عن روح الدستور. فالمشكلة في جوهر النظام الطائفي بينما الأمور الأخرى هي من التفصيلات والجزئيات.

نجاح تحالف أمل حزب الله في الجنوب المدعوم من تيار المستقبل والحزب االاشتراكي أمر طبيعي ومنطقي وليس مفتعلا. والنجاح له أسبابه الكثيرة المتعلقة بتاريخ الجنوب السياسي المقاوم وتاريخ العائلات الاجتماعية والأسر السياسية. وما حصل هو الصحيح كما ينص الدستور بغض النظر عن طبيعة القانون وكيفية توزيع الدوائر ومساحتها. فالصحيح هو ما جرى وغير ذلك خطأ

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1004 - الأحد 05 يونيو 2005م الموافق 27 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً