العدد 1004 - الأحد 05 يونيو 2005م الموافق 27 ربيع الثاني 1426هـ

القائمون على "مدارس المستقبل": الحصيلة الأولية للتجربة واعدة

التعليم البحريني يدخل البوابة الإلكترونية

هل سيدخل التعليم في مملكة البحرين عهدا جديدا من خلال "مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل" بحيث يحقق المشروع قفزة نوعية في العملية التربوية في المملكة التي كانت من أوائل دول المنطقة في تأسيس التعليم النظامي في وقت مبكر من القرن الماضي؟ القائمون على مشروع مدارس المستقبل الذي تفضل جلالة الملك بتدشينه خلال العام الدراسي 2004 /2005م، يؤكدون أن حصيلة التجربة الأولى في المدارس المطبقة لها واعدة ومبشرة بالخير، وان هذه المدارس ستكون علامة مميزة في المنظومة التعليمية بما يوفره المشروع من مميزات وإمكانات لا تتوافر في المدرسة التقليدية.

وبمناسبة مرور عام دراسي كامل على هذه التجربة طرحت "الوسط" عددا من الأسئلة المحورية المتعلقة بالمشروع على الوكيل المساعد للتعليم العام والفني رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع إبراهيم محمد جناحي، فكانت الإجابات على النحو الآتي:

مضى عام دراسي على أول تجربة في التعليم الإلكتروني، فما حصيلته، من ناحية، وماذا يقدم التعليم الإلكتروني مقارنة بما تقدمه المدرسة التقليدية؟

- إن حصيلة التجربة ايجابية، وبكل موضوعية فإن حجم الجهد الذي بذل وحجم التعاون الذي وجدناه، وحجم الدعم من القيادة الحكيمة، كان كبيرا والحمد لله، كما أن تجاوب المربين والطلبة وأولياء الأمور كان في مستوى الآمال والتطلعات. وتم تنفيذ الكثير من الخطوات المهمة والمنصوص عليها في البرنامج التنفيذي، وأنجزنا الكثير في هذا المجال، وكانت حصيلة المرحلة الأولى واعدة ومبشرة بالخيرة.

أما بخصوص التعليم الإلكتروني فهو باختصار طريقة للتعليم باستخدام أدوات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواء كان عن بعد أو في الفصل الدراسي المهم المقصود هو استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهدا وأكبر فائدة، والدراسة عن بعد هي جزء مشتق من الدراسة الإلكترونية وفي كلتا الحالتين فإن المتعلم يتلقى المعلومات من مكان بعيد عن المعلم "مصدر المعلومات"، وعندما نتحدث عن الدراسة الإلكترونية فليس بالضرورة أن نتحدث عن التعليم الفوري المتزامن، بل يكون التعليم الإلكتروني غير متزامن. فالتعليم الافتراضي: هو أن نتعلم المفيد من مواقع بعيدة لا يحدها مكان ولا زمان بواسطة الإنترنت والتقنيات.

ولكن هل ينفي ذلك وجود المدرسة والمدرس كما قد يتوهم البعض؟

- والجواب بالنفي طبعا، وذلك لان التعليم الإلكتروني يختلف في بعض جوانبه عن التعلم الإلكتروني، فالتعليم يعني وجود متعلم ومعلم ودرس وصف في مدرسة، في حين أن التعلم عملية ذاتية بالدرجة الأولى وتكون داخل المدرسة أو خارجها بوجود معلم أو بعدم وجوده. ولذلك فإننا نتحدث هنا عن التعليم الذي يستند إلى الوسائط الإلكترونية ويعطي مجالا واسعا لعمليات التعلم والتعليم عن بعد من مختلف مصادر المعرفة التي تتيحها البوابة الإلكترونية من خلال مناهج تم تحويلها إلى كتب إلكترونية، من دون أن يعني ذلك بالضرورة التوقف عندها. هذا فضلا عما يتيحه التعليم الإلكتروني من إمكانات للتواصل بين المعلم والطالب والبيت ومراكز المعرفة المختلفة.

ويصعب حصر فوائد التعليم الإلكتروني في هذا المقام ولكن يمكن إيراد بعض تلك الفوائد كما حددها بعض الباحثين: زيادة فرص الاتصال والتواصل - المساهمة في وجهات النظر المختلفة للطلاب - الإحساس بالمساواة - سهولة الوصول إلى المعلم- إمكان تحوير طريقة التدريس - ملائمة مختلف أساليب التعليم - المساعدة الإضافية على التكرار- توسيع مجالي الزمان والمكان - الاستمرارية في الوصول إلى المناهج - عدم الاعتماد على الحضور الفعلي - سهولة وتعدد طرق تقييم تطور الطالب - الاستفادة القصوى من الزمن - تقليل الأعباء الإدارية بالنسبة إلى المعلم - تقليل حجم العمل في المدرسة - التعليم الإلكتروني وفر أدوات تقوم بتحليل الدرجات والنتائج والاختبارات وكذلك وضع إحصاءات عنها وبإمكانها أيضا إرسال ملفات وسجلات الطلاب إلى مسجل الكلية.

ولكن ماذا نعني بمدرسة المستقبل؟

- هنالك وجهات نظر متعددة، ينظر من خلالها إلى هذا الموضوع، نلخصها في العناصر الآتية:

- النظرة الجزئية: إذ ينظر إلى مدرسة المستقبل من خلال عنصر واحد، بحيث يظن أن تطوير هذا العنصر كفيل بنقل المدرسة لتكون صالحة للمستقبل، وملبية لحاجات التعلم المتطورة.

- النظرة التقنية: وهي التي تفترض وتركز على الجانب التقني المعلوماتي في التدريس، وتفترض أن تقانة المعلومات تمتلك عصا سحرية لنقل المدارس من مدارس بدائية تقليدية إلى مدارس المستقبل، مدارس القرن الواحد والعشرين، مدارس الألفية الجديدة، المدارس الإلكترونية، المدارس الذكية، إلى غير ذلك من الأسماء التي يشعر معها الإنسان أنه في حلم، لا يود انقطاعه.

- النظرة الشمولية: وهي النظرة التي تفترض أن تطوير المدارس عملية معقدة، تشترك فيها عناصر عدة وتتأثر بعوامل كثيرة. وتطوير المدرسة لصنع ما نسميه مدرسة المستقبل يحتاج إلى جهد متعدد الأبعاد، بحيث يطال التطوير جميع هذه العناصر ويأخذ بالاعتبار تلك العوامل. وتراعي هذه النظرة أننا لا نتعامل مع مدرسة خيالية نختلقها في أذهاننا، بل نتعامل مع مدرسة على أرض الواقع بكل عوائقه وبكل نواقصه وبإمكاناته المتواضعة. مدرسة مرتبطة تطورا وتأخرا بمنظومة مؤسسات المجتمع الأخرى. ولا يتصور أن ننجح بشكل كبير في إيجاد مدرسة المستقبل، من دون أن نوجد أسرة المستقبل واتصالات المستقبل وإعلام المستقبل، وأندية المستقبل، وغيرها، أو باختصار نوجد مجتمع المستقبل، وهذه الوجهة التي نأخذ في وزارة التربية والتعليم، حيث ننظر إلى مدرسة المستقبل على أنها المدرسة المتطورة التي يسعى التربويون إلى إيجادها لتلبي حاجات المتعلمين المختلفة ولتزودهم بالأسس المناسبة لمواصلة دراستهم الجامعية أو ما في مستواها، وتزودهم بما يؤهلهم للعيش بفعالية وبتكيف في مجتمعهم الحديث.

هل يمكن لكم تحديد بعض خصائص المشروع في علاقته بالطالب والمعلم وولي الأمر؟

- يشتمل المشروع على منظومة تعليمية متكاملة تتضمن بوابة تعليمية تسمح بدخول الطلاب، المدرسين، الإداريين وأولياء الأمور كل بحسب متطلباته واحتياجاته التربوية والتعليمية وصلاحياته. ويوفر للإدارة المدرسية نظاما متكاملا يتضمن الكثير من المعلومات عن الأمور الآتية: المعلم والطالب والمناهج ومختلف مكونات دورة العمل بالمدرسة.

ويتمثل في هذا النظام نموذج المعلم المحترف إذ يتحول الكتاب المدرسي إلى كتاب إلكتروني مرن تنتقل فيه الصورة الصامتة إلى حركة مع شرح بالصوت أي جزء من أجزاء المحتوى، كما يمكان المعلم من تحديد معنى أي كلمة في المحتوى وتعميمها على الطلاب. وتوفر المنظومة إمكانية نقل المحاضرات الحية بكاميرات تمكن المعلم من الشرح للطلبة بالصوت والصورة، في أي مكان لجميع المدارس المربوطة بالشبكة، كما توفر إمكان الدخول إلى أي موقع تعليمي لتعزيز الدرس وإثرائه بالمصادر المختلفة من المعرفة المتوافرة على شبكة الإنترنت. وهذه المنظومة التعليمية تفتح للطالب مجالا واسعا من: التفاعل مع زملائه ومعلميه، من خلال طرح الأسئلة، وإبداء الرأي، تبادل الآراء والمعلومات والأفكار مع الآخرين في مدرسته وفي المدارس الأخرى وفي أي مكان من العالم. والتعلم الذاتي. كما يوفر النظام فرصة لولي الأمر ليتفاعل مع المنظومة.

آثار المشروع

وبدوره يشرح مدير المشروع ورئيس مركز المعلومات والتوثيق زاهر محمد سعيد آثار تطبيق المشروع قائلا "من بين النتائج المتوقعة لمدارس المستقبل: التواصل الفعال مع محتويات المنهج وبين المشاركين فيما بينهم، "التعاون المشترك خلال العملية التعليمية / التعلمية بين الطلاب فيما بينهم بالإضافة إلى تواصلهم مع الأستاذ ومشاركة المصادر بين الطلاب"، الدعم والتشجيع المتبادل بين الطلاب وذلك عند تقييم أعمالهم فيما بينهم؛ إنشاء بنية اجتماعية قوية صلبة ومتماسكة.

وتؤكد المؤشرات الأولية للتطبيق المرحلي لمشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل انه يسير قدما نحو تحقيق الأهداف المحددة له مسبقا، وهي: استثمار القدرات الكبيرة التي تتيحها تقنية المعلومات والاتصال لتحقيق جودة التعلم ورفع كفاءة التعليم وتحقيق كفايات مناهج المواد الدراسية في جميع مراحل التعليم، تلبية الاحتياجات المباشرة للتنمية الوطنية ولسوق العمل في مجال التعامل مع تقنيات المعلومات والاتصال الحديثة وأساليب الوصول للمعلومات ومعالجتها، تأسيس القيم والمهارات الإيجابية لدى الطالب التي تمكنه من التعايش في مجتمع المعلومات الحديث وتحقيق متطلبات التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.

وتأتي هذه الجهود في إطار زيادة فرص الاتصال والتواصل من خلال التعليم الإلكتروني بين الطلبة فيما بينهم وبين الطلبة والمدرسة عبر مجالس النقاش والبريد الإلكتروني وغرف الحوار حيث يرى الباحثون أن هذه الأشياء تزيد وتحفز الطلاب على المشاركة والتفاعل مع الموضوعات المطروحة، هذا إلى جانب أن المنتديات الفورية تتيح فرصا لتبادل وجهات النظر في الموضوعات المطروحة ما يزيد فرص الاستفادة من الآراء والمقترحات المطروحة ودمجها ويسهم في تكوين أساس متين عند المتعلم لتصبح عنده معرفة وآراء قوية وسديدة عبر المهارات التي اكتسبها من الحوار.

كما لا نغفل أن أدوات الاتصال تتيح لكل طالب فرصة الإدلاء برأيه في أي وقت ومن دون حرج خلافا لقاعات الدرس التقليدية التي تحرمه هذه الميزة بسبب سوء التنظيم أو لضعف صوت الطالب أو خجله أو غيرها من الأسباب ما يعطيه إحساسا بالمساواة ويمكنه من الوصول بسهولة إلى المعلم حتى في خارج أوقات العمل الرسمية البعث بأسئلته واستفساراته فيصبح اليوم الدراسي مفتوحا.

المرحلة الأولى

ويتابع زاهر حديثه عما تم تحقيقه من المشروع في مرحلته الأولى فيؤكد: أنه تم تحقيق الكثير وان العمل مستمر، ففي كل يوم هنالك جهد يضاف إلى المشروع.

وتطمح وزارة التربية والتعليم أن يحقق مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل نقلة نوعية من التعليم التقليدي إلى التعليم الفعال القائم على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصال ICT أو ما يسمى بالتعلم الإلكتروني في عمليات التعلم والتعليم على أسس تربوية مدروسة بحيث تكون موجهة نحو تزويد الأجيال الناشئة بالكفايات والقيم والمهارات الأساسية اللازمة للتحول في مملكة البحرين إلى مجتمع المعلومات والاقتصاد القائم على المعرفة.

وتم إنجاز الكثير من البرامج المعدة ضمن خطة المشروع في المرحلة الأولى من التطبيق: أولها تشكيل اللجنة التنفيذية المشرفة على المشروع وتحديد فرق العمل بالإدارات والمدارس وتعيين مدير للمشروع وتوظيف خبير للمساعدة في إدارة المشروع.

كما تم إعداد مسودة وثيقة المشروع وخطة العمل ووضع تقدير الكلفة المالية للمشروع ورصد الموازنات بمساعدة خبير من اليونسكو.

- إنشاء إدارة للمشروع وبدء التوظيف.

- إنشاء وظائف داعمة للمشروع في المدارس: اختصاصي تكنولوجيا تعليم - فني نظم معلومات - فني مختبر حاسب آلي. طرح تجهيزات المدارس ومكونات البنية التحتية من خلال مناقصات عامة.

- توفير الحواسيب المحمولة للمعلمين الناجحين في الدورات التدريبية.التعاقد مع إحدى الشركات العربية لتوفير وتشغيل منظومة التعلم الإلكتروني على بوابة تعليمية مركزية تخدم جميع المدارس.

- إنشاء مركز خدمة بيانات مؤقت لتحميل وتشغيل المنظومة الإلكترونية.

- إنشاء مركزي خدمة البيانات الرئيسي والاحتياطي ودمج قواعد بيانات الوزارة الخاصة بالطلبة والمدارس والمراحل والمعلمين بقواعد بيانات منظومة التعلم الإلكتروني.

- إنشاء شبكة اتصالات سريعة لربط المدارس وإدارات الوزارة بالبوابة التعليمية من خلال دعم شركة بتلكو وتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة مايكروسوفت تشمل دعما من الشركة لتدريب المعلمين وتأهيل أطقم الدعم الفني بالوزارة. والاتصال بالمؤسسات الخاصة والجهات الحكومية لتسويق المشروع والحصول على الدعم اللازم مثل: الجهاز المركزي للمعلومات - وزارة المالية - القطاع المصرفي - وزارة الصناعة - شركة النفط - Cisco - Microsoft. تشكيل فريق تربوي محوري لإعداد سيناريوهات تطبيق التعلم الإلكتروني في الميدان التعليمي.

- اعتماد إدارة التدريب بالوزارة من قبل اليونسكو كمركز امتحان معتمد لبرنامج ICDLوذلك بعد توفير جميع المستلزمات اللازمة للترخيص.

- تنفيذ حملة إعلامية متوازنة للتعريف بالمشروع وكسب الدعم اللازم له معنويا وماديا.

- تسويق المشروع داخل مدارس المرحلة الأولى وتوضيح مختلف جوانبه.التفاهم مع وزارة الصحة للبدء في تطبيق نظام الصحة الإلكترونية بمدارس المرحلة الأولى.

تعميم التجربة

وتسعى وزارة التربية والتعليم - والكلام مازال لزاهر سعيد - إلى الاستمرار في تطبيق هذا المشروع على جميع المدارس بمختلف مراحلها. ولتحقيق ذلك يتطلب العمل في خط مواز للتوسع السريع في تعليم أساسيات تكنولوجيا المعلومات "IT"في جميع مدارس البحرين من خلال: تطوير مناهج حديثة متسلسلة لتعليم تكنولوجيا المعلومات "IT" للمراحل الدراسية الثلاث. واستكمال إنشاء مختبرات الحاسوب في المدارس الابتدائية والإعدادية في أقصر مدة ممكنة. وتوظيف وتدريب معلمي تقنية المعلومات بكافة المراحل على الوسائل الحديثة في تعليم هذا المجال. ونناقش في الحلقة الثانية الأثر المتوقع جراء تطبيق هذا المشروع على رسالة التعليم في مملكة البحرين، وألتقينا بالعاملين ميدانيا في هذه التجربة التي يراد لها أن تكون أنموذجا راقيا للتعليم البحريني الذي دخل البوابة الالكترونية من أوسع أبوابها

العدد 1004 - الأحد 05 يونيو 2005م الموافق 27 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً