يصادف الخامس من يونيو/ حزيران من كل عام يوم البيئة العالمي، الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1972 وعهدت إلى برنامج الأمم المتحدة للبيئة "يونب" الاحتفال به بهدف جذب الاهتمام العالمي إلى أهمية البيئة وتحفيز الانتباه والعمل السياسي باتجاهها والترويج لأهمية دور المجتمعات المحوري في تغيير المواقف تجاه القضايا البيئية ومناصرة الشراكة التي تضمن أن تتمتع كل الأمم والشعوب بمستقبل أكثر أمانا وازدهارا.
وشعار يوم البيئة العالمي لهذا العام هو "مدن خضراء: لنخطط لمستقبل الأرض"، وستجرى الاحتفالات الرئيسية بيوم البيئة العالمي 2005 في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية "محل ميلاد المنظمة التي أنشئت لتعبر عن مصالح البشرية جمعاء"، على حد قول المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة كلاوس توبفر.
من الصدف أن يتزامن يوم البيئة العالمي مع يوم الاستيلاء على الأرض العربية وتغيير معالمها البيئية والتراثية أمام أعين المنظمات العالمية المعنية بالبيئة، ولايزال الاعتداء على الأرض العربية من العام 1967 "نكبة حزيران". وجمعية أصدقاء البيئة جمعت بين النقيضين في احتفالاتها بيوم البيئة العالمي في السنوات الماضية فقدمت ندوة "تدمير الاحتلال الصهيوني للبيئة الفلسطينية" لتسلط الضوء من خلالها على معاناة الإنسان الفلسطيني التي لا تقتصر على سلب أراضيه وخيرات بلاده والإرهاب البدني والنفسي ضده تحت الاحتلال، بل تمتد لتشمل كل جزئيات عيشه الكريم واستمرار بقائه عبر تلويث وتدمير بيئته.
هذه السنة لن يحتفل أصدقاء البيئة بيوم البيئة العالمي، فعمل الجمعية للبيئة ومن أجلها لا يرتبط بالمناسبات لتنشط مع كل مناسبة عالمية، وتنسى البيئة فيما بينها، بل عملها من أجل البيئة والحياة ممتد امتداد أيام السنة.
وبهذه المناسبة نود أن نسلط الضوء على نكبات البيئة البحرينية، وما أكثرها بدءا بالخالد في قضايا البحرين البيئية، خليج توبلي أرض رامسار رقم 921 فمع وجود توجيهات حكومية ولجنة برلمانية للتحقيق في التجاوزات والانتهاكات ومع وجود توجه شعبي ومن مؤسسات المجتمع المدني إلا أن معاناة الخليج لاتزال مستمرة.
سواحل البحرين، الأرخبيل، لم تعد موجودة، فهي اما مردومة أو بخلاف كل الأعراف أصبحت السواحل ملكا خاصا يتصرف بها مالكوها كما يشاءون بلا حسيب أو رقيب، ولتختفي باختفائها الكثير من الكائنات الحية ومنها النادر والفريد.
الشعاب المرجانية الثرية بيئيا، والتي مازالت تقاوم كل آثار الردم والحفر والصيد الجائر والممارسات الخاطئة، وتوفر سلة الخبز للعديد من صيادي البحرين وأسرهم ومصدر الغذاء لعدد أكبر من البحرينيين، ثروتنا المتجددة الوحيدة مهددة في فشت العظم والجارم ومياهنا الإقليمية الثرية لاسيما في شمال وشرق البحرين.
حزام البحرين الأخضر، حائط الصد الأول ضد تلوث الهواء "الذي ازدادت وتيرته" هو الآخر مهدد بزوال ما تبقت من مساحاته لتزرع بدلا عنه غابات اسمنتية ولتختفي باختفائه العديد من كائنات المياه العذبة حتى قبل أن يدرسها الباحثون ويسجلوها علميا باسم البحرين.
مازالت تشريعات بيئية بحاجة لأن تسن وتنفذ لإنقاذ البقية الباقية من بيئاتنا الهشة، ومازالت القرارات والقوانين البيئية الموجودة بحاجة إلى تفعيل ورقابة وتأسيس لمحاسبة وقضاء بيئي مستقل يتناسب مع طبيعة الجرائم البيئية بدرجاتها المختلفة.
ومازلنا كمؤسسات مجتمع مدني معنية بالبيئة وكمواطنين على أرض البحرين نسمع ونرى بصيغة فرض الأمر الواقع، أنه تمت مصادرة الملك العام المشاع من بحارنا "لاسيما الفشوت ذات الأهمية البيئية العالية"، وسواحلنا الثرية بعد فوات الأوان وتوهيبها لأفراد أو مؤسسات تحت مظلة التنمية والاستثمار ذي المنفعة الخاصة.
ومازلنا نشهد مشروعات ضخمة بعيدة عن الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الأممية أو المعايير والمواصفات والاشتراطات الدولية الملزمة للجهات الرسمية والقطاع العام والخاص محليا ودوليا، ونرى هذه المشروعات تدمر البيئات المهمة دون التقيد بنشر المعلومات الكاملة الواضحة والصحيحة عن أوجه ومدى الضرر المتوقع من جراء تنفيذ هذه المشروعات، ما ينعكس سلبا على الوضع البيئي ومستقبل الثروات الطبيعية في البحرين، وتدفع ثمنه بيئة الوطن والفرص المستقبلية للاستثمار المستدام لحاضر ومستقبل البحرين بأجياله التي لم تر النور بعد.
فلأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من موائل الأحياء والحياة الفطرية في أرض ديلمون التي بوركت بالمياه العذبة التي أهدرت بسوء التخطيط والاستهلاك غير المستدام، نبث في الخامس من يونيو رسالة مفتوحة للتوقف عن التدمير: "لنخطط لمستقبل البحرين التي هي جزء من الأرض"
إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"العدد 1003 - السبت 04 يونيو 2005م الموافق 26 ربيع الثاني 1426هـ