لا نريد شيئا كبيرا، نريد ان نعيد البحر الى أهالي المالكية الطيبين، فمن حقهم ان يطالبوا بالبحر، فهو الرئة التي يتنفسون منها، فالمالكية ستصبح قرية بلا جمال، بلا روح، اذا هي فقدت بحرها. .. أين سيذهب أهالي المالكية اذا صودر بحرهم؟ إلى حدائق "ديزني لاند" المنتشرة في القرية، أم إلى الشواطئ الترابية السياحية حيث المصايف والشاليهات؟ من حق أهل القرية ألا يقبلوا بأنصاف حلول، فالحل ان يعود البحر ولا أحد فوق القانون، فمقتضى العدالة ألا يسمح لأحد بضرب القانون، فالمبدأ يقتضي ان اذا خالف القدوة القانون، فلا يؤمن أن يطبقه الآخرون.
في الدول الغربية الكل سواسية أمام القانون، فلا فرق بين ابن الوزير وبين أحد الزنوج الذين يعيشون في الحارات الفقيرة، هذا في الدول التي لا تعتنق الإسلام، ونحن مجتمع إسلامي لا فرق بين مواطن وآخر ويجب ان يرجع الإسلام إلى أصحابه. في الولايات المتحدة الأميركية أقر الرئيس بيل كلينتون قرار قبول انسحاب ثاني مرشحة له لمنصب وزارة العدل، بعدما ثبت تورطها في قبول احدى خادماتها المخالفة لقانون الإقامة، كما حدث للمرشحة الأولى للمنصب نفسه. ونحن أملنا في الدولة ان تتخذ القرارات المناسبة لعودة البحر، البحر أولا وأخيرا. ثانيا، ماذا سيفعل الفقراء الذين ستنقطع ارزاقهم؟ إلى أين يذهبون، ولماذا نصمت ونحن نرى البلاد تؤكل "حتة حتة" و"قطعة قطعة"؟ هذه هي أم المهازل ان يتحدى متنفذ هيبة الدولة وهيبة الناس وهيبة المجتمع. ان مثل هذه السلوكيات تعرض صدقية الذي بنيناه طيلة السنوات الأربع للانهيار. ماذا سنقول لو سألنا الإعلام الدولي عن القانون وهتك القانون؟ ماذا سنقول لمنظمات البيئة اذا قالت لنا: هل من المعقول أن كل المجتمع بما فيها الحكومة لم تستطع ان توقف جدارا يصادر بحر الناس؟ هل في غد سنتكلم عن دولة المؤسسات والقانون؟ اذا أخذ اليوم بحر المالكية، فليس بمأمن ساحل أبوصبح أو ساحل عراد مستقبلا، فأفهموا الدرس جيدا.
هل نحن حقا في الألفية الثالثة وفي القرن الواحد والعشرين أم في عصر الاقطاع؟ ماذا سنقول للعالم ونحن أمام اختبار صغير؟ أين هم الذين يسطرون لنا أروع الخطب والادبيات عن حب الوطن على صفحات الصحف؟ لماذا صمت هؤلاء؟ أين هم دعاة العدالة الاجتماعية؟ في كل يوم نرى كتابا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها على مسألة تافهة هنا أو هناك، فلماذا الآن اغمضت العيون وخرست الافواه وغابت الاقلام؟
اليوم اذا انكسر القانون في المالكية فسيكسر غدا في الدراز وفي المحرق وفي سترة وفي كل مكان، اذا صمت الناس وصمت الجميع فسنكون في مجتمع الغابة، وحينها لا تتفاجأوا اذا رأيتم متنفذا غدا حاصر ساحل أبوصبح أو سواحل المحرق أو ساحل عراد وحجزها كاملة.
من حق أهل المالكية ان يطالبوا ببحرهم ومعهم كل المجتمع البحريني.
والسؤال: ماذا بقي من السواحل والبحار حتى تؤخذ هذه البقية الباقية من البحار؟ الى أين نحن نسير بالناس عبر هذه المهازل؟ لا تحشروا الناس في زوايا الاحباط. يا بحر المالكية الحبيب لن نقول وداعا.
ان بحر المالكية الآن يذرف دموع الحزن... دموع الفراق، دموع ذكريات الاجداد، دموع ذكريات الطفولة... هذا البحر الذي لم يبخل على الناس بحب، بسلام، برزق... فهل نقول له وداعا؟ كلا لن نقول: وداعا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1002 - الجمعة 03 يونيو 2005م الموافق 25 ربيع الثاني 1426هـ