العدد 1000 - الأربعاء 01 يونيو 2005م الموافق 23 ربيع الثاني 1426هـ

خولة القزويني احترم طرحك... ولكن اختلف معك كثيرا في الرأي

منذ مدة بسيطة قرأت في إحدى الصحف المحلية تحقيقا أجراه حسين مرهون وعلي الجلاوي مع الأديبة المعروفة خولة القزويني، لفت نظري بادئ ذي بدء عنوان التحقيق إذ كان يحمل "اعتبرت دخول المرأة السياسة نوعا من "البرستيج". .. لا أناهض الانغلاق لأنني لست داعية... أنا أديبة"، فكان العنوان بالنسبة لي دافعا كبيرا للاطلاع على التحقيق وتفكيك معانيه وخصوصا انني بعد ما اطلعت عليه سجلت الكثير من الملاحظات التي لا تتفق مع ما قد طرحته، بل أكبر من ذلك فقد دهشت لوجهة نظرها بخصوص المرأة ولاسيما أنها تعد من النساء المثقفات الواعيات واللاتي لهن دور كبير في المجتمع فكيف لها أن تتبنى أفكارا كهذه تمس واقع المرأة، وعلى أي أساس أخذت هذا المنحنى...

أسئلة كثيرة في الواقع راودتني عند قراءتي لما نشرته "الأيام"، وإليكم بعض ما جال في خاطري من أفكار ورؤى وملاحظات إلى جانب ما ذكرته أديبتنا الأخت خولة:

في البداية أود أن أسجل اعتزازي وفخري بكون الأديبة الروائية الكويتية المعروفة واحدة من الأخوات الفاضلات اللاتي يمثلن التيار الإسلامي، فهذا بحد ذاته يستحق مني الإشادة به، كما يعجبني فيها الثقة الزائدة بالنفس وهذا ما استعطت أن استشفه من المقابلة، إذ إنها وبكل جرأة استطاعت أن تحدد الفوارق التي تميزها عن بنت الهدى بعد أن اعترفت بأن هناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما سواء في الطرح أو في أسلوب التعامل مع المرأة لكونها أحد شخوص الرواية، ولكنها بعد ذلك ذكرت أن بنت الهدى عاشت في حقبة تاريخية معينة داخل مجتمع منغلق في العراق بعكسها هي فقد سافرت واطلعت وعاصرت قضايا اجتماعية مختلفة وبالتالي جعلها أكثر ثراء من بنت الهدى وهذا ما جاء على لسانها، على رغم إنني أتحفظ كثيرا على مقارنتها هذه فلا يمكن بأي حال من الأحوال عمل مقارنة، فبنت الهدى كما نعرف جميعا عاشت ظروفا قاسية جدا وظروفا أمنية صعبة، وبالتالي حتما سينعكس ذلك على كتاباتها بعكس ما تعيشه الكاتبة الكويتية من ظروف أمنية مستتبة وغيرها من متغيرات.

الغريب العجيب في اللقاء أن الكاتبة من الطبقة المثقفة فهي جامعية وكاتبة وعضوة في رابطة الأدباء والكتاب أي أنها إلى جانب وظيفتها ودورها الأساسي كأم وزوجة فلها دورها الواضح والملموس في المجتمع ألا أنها تحمل فكرا غريبا جدا غير منفتح وضيق لأبعد الحدود والأغرب من ذلك إننا قد تجاوزنا تلك المرحلة منذ زمن بعيد والمفترض اننا أسسنا لثقافة جديدة مغايرة على أساس أن المرأة شريكة الرجل في كل المجالات فلا يمكن أن ينهض المجتمع نهضته الحقيقية ونصفه معطل أو لا يمكن للمجتمع أن يطير بجناح واحد فقط، وبالتالي وجود المرأة لابد أن يكون فاعلا فالمرأة جزء من الحراك المجتمعي ولا يمكن أن تقبل المرأة الواعية بأن يكون للمجتمع حراك وتطور وتبقى تأخذ دور المتفرج أو تكتفي بالسماع بل يجب عليها أن تكون جزءا من الحراك المجتمعي، ونحن الشريحة المثقفة يجب أن نحمل لواء هذا العمل، ولابد من تشكيل قوى ضاغطة حتى يمكن للمرأة تحقيق مكاسب جمة على جميع الأصعدة لا ان نكون نحن من يقف كالطوق المنيع أمام المرأة فالمرأة الآن متعلمة وواعية فهناك الوزيرة والوكيلة والرئيسة والمديرة والسفيرة والمعلمة والطبيبة والمهندسة... الخ، والمؤسف أن الأخت خولة مثقفة جدا والنساء الكويتيات يستشعرن حاجة ماسة في استعادة حقوقهن السياسية منذ زمن بعيد وبالتالي نستغرب منها أن تسبح بفكرها وأطروحاتها ضد التيار، وغريب جدا أن تنظر إلى المرأة نظرة ازدراء وتصغير، واستشف ذلك من خلال سؤالها من هي المرأة التي تستحق أن تشغل هذه المكانة؟ معللة ذلك بأن المرأة الخليجية لم تتهيأ لأن تقوم بهذا الدور أي العمل السياسي، أنا معك بأن المرأة لم تتهيأ بعد بالشكل المطلوب لأنها تأخرت كثيرا، ولكن لا يعني ذلك أن نتركها "مكانك سر" أبدا، بل لابد لنا من تكاتف الجهود وتضافرها من أجل الأخذ بيدها، فالمرأة شقيقة الرجل ولا ينقصها شيء سوى التجربة والخبرة وبطبيعة الحال التجربة والخبرة لا تأتي من فراغ بدليل أن الرجل أيضا في الكثير من الأحيان تنقصه الخبرة إذا ما كان بعيدا عن التجربة، وإنما من خلال العمل على توافرها، بالمطالبة والضغط الشعبي لا بالصد وباتخاذ القرارات المحبطة، وبخصوص أن الرجل الخليجي لايزال لا يتقبل المرأة في البرلمان فهذا الكلام مرده أنه لم يعتد على ذلك ولكي يعتاد على ذلك عليه أن يتعود على وجود المرأة معه في البرلمان فعلى كل حال المرأة موجودة معه في كل مكان في البيت وفي الشارع وفي العمل في الجامعة وفي الأماكن العامة فالبرلمان لا يفرق كثيرا عن بقية الأماكن متى ما حضرت المرأة فيه، أما عن القصور التي أشارت إليه والمتعلق بأصول التربية المثالية والثغرات التي أشارت إليها داخل البيت ولهذا لا تجد بدا من وجود المرأة حبيسة البيت وانها خلقت للبيت وخلقت للرجل وتعلل وجهة نظرها هذه بأنها تتكلم من منطلق الفطرة وبالتالي المرأة معقلها الأساسي بيتها وزوجها، هنا اختلف معك كثيرا وهذا ما جعلني أكتب هذا المقال وإذا نتكلم من الناحية الشرعية فإن الشرع يعطي المرأة حق التصويت والانتخاب فهو على كل حال شيء مشروع لا نقاش فيه، أما إذا كنت تتكلمين عن عرف، فنحن مثلا في البحرين تجاوزنا هذه المرحلة التي لم تتجاوزها إلى الآن فئة قليلة وتحاول جاهدة أن تقنع نفسها بأهمية مشاركة المرأة في المجتمع فالمرأة شريك الرجل، والمرأة تمثل نصف المجتمع وعليها يقع مصير المجتمع بأسره فهي مربية الأجيال، لم يعد دور المرأة قاصرا في الوقت الجاري على التربية فقط، مثل ما كان يحدث في السابق بعد خروج المرأة للعمل، بل أخذ دورها في نمو وزيادة بنمو المجتمعات لم تكن مقصرة، في دورها وفي عملها وعلينا أن نفكر بالوسائل والآليات الممكن توافرها لضمان دخول المرأة معترك الحياة السياسية من دون أن يكون هناك تأثير سلبي على رسالتها الأولى وهي التربية، علينا أن نرتقي في التفكير فبدلا من أن نرتاح نفسيا حينما تكون المرأة موجودة في بيتها ليل نهار من دون أن يكون لها دور فاعل داخل أسرتها بمعنى الوجود الكمي، ونتحول إلى وجودها داخل أسرتها بشكل نوعي بغض النظر عن عدد ساعات مكوثها داخل البيت، فكم من النساء يقضين 24 ساعة داخل بيوتهن وهن لا يعرفن عنه شيئا، وبالتالي من الإجحاف أن نصدر حكما في المرأة بأن تظل حبيسة المنزل وتبقى بعيدا عن الحراك المجتمعي فليس من العدل بمكان، بل على المرأة أن تتطلع على كل مجريات الأمور لكي توصل بدورها رسالتها للأجيال القادمة، ولنا أن نسأل الأخت الفاضلة هل أثر نشاطك الاجتماعي وعملك على دورك الأساسي في المنزل؟ إذا كان الجواب لا، فعلى أي أساس قدرت وجود المرأة داخل البيت؟ فهل الخروج منه لأناس دون أناس؟ وإذا كان الجواب نعم، لا يعني ذلك أن الأخريات سيواجهن المصير نفسه فلكل واحدة قدرتها الخاصة على تصريف الأمور وقيادة المواقف.

وكفانا أن نتذكر وضع المرأة في بداية صدر الإسلام وفي عهد الرسول "ص" إذ كان للمرأة دور بارز فلم يكن قاصرا على تربية الأجيال، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، وعندما نسمع هذا الطرح من أناس بسطاء غير متعلمين لعلنا نلتمس العذر والقبول ولكن حينما تكون مثل هذه الآراء صادرة من شخصيات فاهمة متعلمة ومثقفة وواعية، نشعر بالأسف والحزن، ولاسيما إذا كانت هذه الأصوات آتية من شخصيات تتسم بكونها صاحبة قلم وفكر، إذ يفترض بأنهن من يقدن الحركة النسائية الإسلامية إلى الأمام دائما حتى لا نصاب بالجمود والتخلف، العالم في حراك مستمر ولن ينتظر وثبة المرأة، وعلينا من الآن أن نأخذ بيدها فهذا واجب علينا، وحق لها علينا.

وفي النهاية، الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية، ولذلك أكرر احترامي الشديد لك ولطرحك ولكني اختلف معك كثيرا في أفكارك ورؤاك





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً