يقول محللون إن الكويت عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد تغرق سريعا في أزمة سياسية جديدة بعد الانتخابات التي تجري في مايو/ أيار إذا لم يتم إجراء إصلاح كبير لديمقراطيتها البرلمانية.
وحل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح البرلمان ودعا إلى إجراء انتخابات لإنهاء صراع مطول على السلطة بين الهيئة التشريعية ومجلس الوزراء أعاق إصدار تشريع مهم لأكثر من عامين. ويتضمن هذا خطة للتحفيز قيمتها خمسة مليارات دولار لمكافحة الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألحقت أضرارا بالغة بالكويت.
وفرضت الحكومة الإجراءات الشهر الماضي من خلال تشريع طارئ. وقال المحلل شفيق الغبرة: «هناك حاجة إلى إصلاح النظام الاقتصادي... إذا لم نستطع معالجة هذا سنشهد مزيدا من الصراع والمشاحنات».
وكانت الكويت سابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وأول دولة خليجية عربية تتبنى دستور العام 1962 وأنشأت مجلسا منتخبا بعد ذلك بعام وسمحت بقدر من الحرية السياسية أكبر من دول خليجية عربية أخرى تحكمها أسر. وللنواب سلطات إشرافية قوية. وباستطاعتهم مساءلة الوزراء أو سحب الثقة منهم، ما أدى إلى موجة من استقالات الوزراء في الأعوام الثلاثة الماضية. وتحتفظ الكويت بحظر على الأحزاب السياسية على رغم نداءات بالسماح بها.
ويقول محللون إن الأسرة الحاكمة تخشى من أن الأحزاب يمكن أن تقوي الإسلاميين وتؤدي إلى تدخل أجنبي. لكن الحكومات التي تشكلها أحزاب منتخبة للبرلمان يمكن أيضا أن تهدد امتياز أسرة الصباح التي تتحكم على سبيل المثال في السياسة الخارجية لواحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم. ويقول المحلل شملان العيسى إن الكويت لا تريد السماح للأحزاب الدينية بأن تصبح أحزابا سياسية... الكويتيون مازالوا يتأثرون بعشائرهم وطوائفهم الدينية، وولاؤهم لها أكثر من ولائهم لبلادهم. ووضعت الأسرة الحاكمة خطا أحمر بشأن استجواب رئيس الوزراء الذي يكون تقليديا أحد أفراد أسرة الصباح الحاكمة.
وعادة يكلف أفراد من الأسرة الحاكمة بالحقائب الوزارية الأساسية مثل الدفاع والداخلية أو الخارجية. ويعمل النواب من خلال كتل فضفاضة وكثيرا ما تسود البرلمان حالة من الفوضى غير المنظمة حيث يغير النواب التحالفات ويمطرون المجلس بالاقتراحات أو يسعون إلى الثأر من الوزراء.
وقال المدير بالشركة الخليجية للاستشارات مصطفى البهبهاني «إن هناك عيبا في الحكم يسمح لأي نائب باستجواب الوزراء وأضاف أن هذا يحتاج إلى تنظيم حتى لا يكون لنائب منفرد سلطة خلق أزمة سياسية.
وتتعرض نصف الديمقراطية في منطقة الخليج العربية إلى الهجوم من الإصلاحيين حيث يريدون برلمانا منتخبا له سلطة تشكيل الحكومات ومن المحافظين المتحالفين مع النخب الحاكمة الذين يعتقدون أن مزيدا من التعددية سيؤدي إلى مزيد من الفوضى. ونادى حزب الأمة الإسلامي غير الرسمي بإجراء إصلاح نحو مزيد من الديمقراطية.
وقال في بيان إن الكويت بحاجة إلى إصلاح سياسي ودستوري جذري بعد أن فشل دستور 1962 في تحقيق الإصلاحات المأمولة. ويخشى آخرون من أنه يمكن أن يكون هناك مأزق إذا أصبح البرلمان أكثر قوة من خلال الأحزاب التي يمكن أن تتحدى بدرجة أكبر الحكومات التي يسيطر عليها آل الصباح. وقال الغبرة لدينا برلمان لا يشكل حكومة. وبرلمان غير ليبرالي... نحتاج إلى أن تكون لدينا أحزاب سياسية لكننا نحتاج أيضا إلى حكومة لها رؤية».
وشهدت الكويت التي تضررت بشدة من انخفاض أسعار النفط خمس حكومات وأجرت ثلاثة انتخابات منذ العام 2006 لتترنح من أزمة إلى أخرى.
وجرى حل البرلمان ست مرات منذ العام 1963 لإنهاء خلافات مماثلة. وضغط البرلمان على الحكومة لإلغاء صفقات تجارية كبرى عبر التهديد بتقديم طلب إحاطة. وفي الأشهر الأخيرة ألغت الحكومة عطاءات قيمتها 8.4 مليارات دولار لإنشاء مصفاة نفط رابعة كما أوقفت صفقة قيمتها 17 مليار دولار مع شركة داو كيميكال الأميركية.
وقال المحلل ووزير النفط السابق علي البغلي: «أعطينا مثلا سيئا جدا عن الديمقراطية لدول الخليج... بدلا من أن تحذو حذو الكويت يسأل حكامها شعوبهم (هل تريدون هذه الديمقراطية التي أوقفت الإصلاحات) وبالطبع يقول الناس كلا.
العدد 2408 - الخميس 09 أبريل 2009م الموافق 13 ربيع الثاني 1430هـ