شاركت «جمعية الصم البحرينية» في المؤتمر الدولي الثالث للإعاقة والتأهيل الذي نظّم في العاصمة السعودية الرياض، في الفترة ما بين 22 و26 مارس/ آذار الماضي. وقد تشكّل الوفد من رئيس اللجنة الإعلامية، ورئيسة اللجنة النسائية مديحة إبراهيم، وعضوي مجلس الإدارة حسن خلف وراضي العلي. وقد شارك الوفد في حضور المحاضرات والندوات العلمية وورش العمل، والتقى بعدد من ممثلي المنظمات والجمعيات التطوعية العاملة في هذا الميدان، من بينها الاتحاد الدولي للصم، والجمعيات السعودية العاملة في خدمة هذه الفئات.
المؤتمر الذي نُظّم تحت عنوان «البحث العلمي في مجال الإعاقة»، حضرته وفود عربية وأجنبية كثيرة، بالإضافة إلى مئات المشاركين من المختصين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، والأكاديميين وطلاب الجامعات، فضلا عن المؤسسات الرسمية والمنظمات والجمعيات الأهلية ذات العلاقة بخدمة الفئات ذات الاحتياجات الخاصة، من المكفوفين والصم وذوي الإعاقات الحركية المختلفة. أعمال المؤتمر توزّعت على ثلاث قاعات رئيسية في فندق انتركونتننتال الرياض، مجهزة بوسائل الاتصال والترجمة، وتوزّعت على فترتين صباحية ومسائية، وترافقت مع ترجمةٍ للغة الإشارة لكثافة أعداد الصم المشاركين في المؤتمر، سواء من العرب أو الأجانب. وكان لافتا الاحتفاء الكبير الذي أحيط به رئيس الاتحاد الدولي للصم، الفنلندي ماركو يوكنين حيث حرصوا على التواصل معه بلغة الإشارة، والتقاط الصور التذكارية، بما فيهم الشباب والفتيات السعوديات من ذوي الإعاقة السمعية.
تناولت الجلسة الافتتاحية في اليوم الأول عددا من القضايا مثل حقوق المعاقين في الإسلام، وذوي الاحتياجات الخاصة وقضية حقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لحقوق المعاقين. وتطرقت الجلسات الصباحية إلى محاور حقوقية وأخلاقية مختلفة. وفي الجلسات المسائية تم استعراض عدد من التجارب في الدول العربية والأجنبية، وحقوق الانسان المعاق.
في اليوم الثاني، تركّزت الجلسات حول الإعلام والتوعية والدمج الاجتماعي، وبرامج تعليم ودمج ذوي الإعاقة، والتأهيل التربوي ودور الدولة والمجتمع في الدعم والتأهيل النفسي والاجتماعي. وفي الجلسات المسائية تم تناول بعض تجارب العمل التطوعي وتأثير البرامج على السلوك، ودور التربية الرياضية في دمج المعاقين حركيا، واستراتيجيات التعامل مع المشكلات الجنسية لذوي الاحتياجات الخاصة، والضعف الإعلامي في مجال التوعية بقضاياهم، فضلا عن استخدام التكنولوجيا الحديثة المعاونة لتمكين ذوي الاعاقات المعرفية والتعليمية والبصرية والسمعية والكلامية.
اليوم الثالث كان ذا طابع علمي طبي، لذلك اتخذت أكثر الجلسات اتجاها أكاديميا صرفا، بالتركيز على البحوث المتعلقة بالاعتلالات الوراثية والدراسات الخاصة بهذا المجال، في عددٍ من البلدان. وفي المساء تناولت بعض الجلسات مواضيع تربوية مثل اختبارات النطق لدى الأطفال العرب، وتأثير استخدام الكومبيوتر على تعليم المهارات الحركية الأساسية، وبعض الأمراض الحديثة مثل التوحّد.
في اليوم الرابع تركّز البحث حول التعليم، بدءا بمنح المهمّشين الفرصة في المجال التعليمي، باعتباره الطريق السليم للمستقبل، في وقت يعاني المجتمع المعاصر من ظهور ما يسمى بـ «الفئات الحائرة»، وغياب المدارس الشاملة. وأعطي جانبٌ من الاهتمام في الجلسة الثالثة للتركيز على الصم وضعاف السمع، انطلاقا من مناقشة ثقافة المجتمع، وتوحيد لغة الإشارة العربية، وأهمية تعليمها لطلبة المرحلة الابتدائية كأداة ضرورية للتواصل والتعلم.
وشهد هذا الموضوع جدالا حادا بسبب اختلاف وجهات النظر بين من يدعو إلى توحيد لغة الإشارة بين العرب، وبين من يركّز على ضرورة الاهتمام بلغات الإشارة القِطرية، واحترام ما يتفق عليه الصم في كل دولةٍ على حدة، باعتبار أنها خصوصية وطنية. ومن شأن الخيار الأول تقليل الحواجز أمام الصمّ من مختلف الدول العربية، وفتح مجال أكبر نحو التفاهم والتواصل والتعلّم بصورة أكبر وأوسع.
وفي مساء اليوم الأخير من المؤتمر، تم الإعلان عن مجموعةٍ من التوصيات، التي تركّزت على الدعوة إلى مزيد من الاهتمام ببرامج تعليم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم في المجتمع.
شهد المؤتمر حدثا استثنائيا بإعلان أحد المشاركين إسلامه، وهو الخبير الفرنسي في طب الأمراض النفسية رولاند دار دينيز، البروفيسور بجامعة باريس ديكارت. وقد قام داردينيز بتغيير اسمه إلى شريف بدلا من رولاند، وعبّر عن شكره لله الذي يسر له هذا الشرف باعتناقه الإسلام.
وذكر أن مشاركته في المؤتمر أتاحت له فرصة التعرف عن قرب على حياة المجتمع الإسلامي في السعودية، وكان نقطة تحول مهمة في حياته ملاحظته توقف الفعاليات والجلسات تقديرا واحتراما للصلاة.
وذكرت صحيفة الرياض في عدد الثلثاء، السابع من أبريل/ نيسان الجاري، أن رحلة إسلام العالم الفرنسي بدأت من خلال طالبة دكتوراه سعودية كان يشرف عليها في الجامعة، وأثار فضوله التزامها وتمسكها بالحجاب، فدفعه للبحث عن حقيقة الإسلام من خلال لقاءاته بالطلبة المسلمين وزيارة المراكز الإسلامية وقراءة الكتب المترجمة ومنها ترجمة المصحف. وأولت اللجنة المنظمة اهتماما كبيرا بالبروفيسور المسلم، فتكلفت برحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة.
- المشاهدة البارزة الأولى هو حجم الدعم الذي تحظى به الجمعيات والمؤسسات السعودية العاملة في هذا المجال، سواء من الحكومة السعودية أو من القطاع الخاص، أو المحسنين الذين يقدّمون بسخاء للنهوض بهذه التجارب وإنجاحها.
- أقيم على هامش المؤتمر معرضٌ للمنتجات والأجهزة والمعينات التي توافر حياة أسهل للمعاقين، سواء ذوي الإعاقات الحركية أو الصم أو المكفوفين. وكان لافتا البرمجيات الحديثة التي تساعد الكفيف على قراءة وكتابة النصوص على الحاسوب مباشرة. كما تضمن المعرض عددا من اللوحات والمعروضات الفنية والأشغال اليدوية التي أتقن صنعها تلاميذ معاقون من أعمار مختلفة. تم تنظيم جولات سياحية للزوار، إلى عددٍ من المرافق المعروفة بالعاصمة الرياض، من بينها برج المملكة التجاري، والمتحف الوطني السعودي، ومركز الأبحاث ومستشفى الملك فيصل التخصصي.
- لعل من الأمور الملاحظة كثرة العنصر النسائي المشارك في فعاليات المؤتمر، سواء في الجلسات أو ورش العمل أو التنظيم، وربما يرجع ذلك لطبيعة عمل المؤسسات التطوعية، أو لاقتحام الفتاة السعودية مجال الدراسات الطبية والصحية المرتبطة بمجال الاحتياجات الخاصة. ويعطي المؤتمر انطباعا جيدا عمّا بلغته المرأة السعودية في مجال العلم والمعرفة واقتحامها ميادين العمل الجديدة.
العدد 2408 - الخميس 09 أبريل 2009م الموافق 13 ربيع الثاني 1430هـ