كثيرا ما تصلنا في الصحافة رسائل تظلم من موظفين على مديريهم في وزارات، في مصارف، في مؤسسات. .. إلخ وليس دائما، أن كل شكوى حقيقية ولكن لا تعدم مؤسساتنا ووزاراتنا من مديرين قساة و"يامه" في المؤسسات موظفون غلابة ومظلومون. المشكلة هي مزاجية المسئول سواء أكان وزيرا أو مدير مدرسة أو مدير بقالة... أحيانا المسئول "يتخانق" مع زوجته ليلا ويكون الضحية هم الموظفون نهارا. هناك مدير يحاول أن يسير الوزير على طريقته، وخصوصا إذا أحيط بالحاشية المتمصلحة التي عادة ما تكون هي مصدر الأخبار.
أحيانا، المسئول يكون أشد قسوة حتى من تيمورلنك. كثيرا ما نرى عقدا نفسية. مثلا تجد موظفا بسيطا "منتف"، "فقير"، "كحيان" فجأة ينقل إلى مسئول كبير، مدير أو مدير عام. مثل هذا المدير "يتخرع" فيصاب بالنرجسية... يرى نفسه أجمل من كروز وأقوى من محمد علي كلاي، بعبارة أخرى "رامبو" زمانه. والمصيبة الكبرى إذا مارس مثل هذا المدير دور "إسماعيل ياسين في الجيش"، ولكن هذه المرة في الوزارة وليس في الجيش ليكون ضحاياه موظفين مهمشين، تقطيع أرزاق، لا يقبل حتى كلمة نقد وادعة تخدش إحساسه الحريري الرفيع.
تسريح العاملات في بعض مصانعنا صورة من صور التعسف في بلاد المليون نخلة. انتهاك حقوق العمال وإلقاؤهم في الشارع مظهر من مظاهر سياستنا "الرشيدة" في التعاطي مع العمال. ولعل من مضحكات عين عذاري التي أصبحت كالبكاء أن يترافع عن حقوق العمال والإنسان ديناصورات "البلطجة". تماما كالديناصور الذي راح يوزع الرسائل والمسجات على كل المجتمع في لعبة مكشوفة تذكرنا بأيام قانون أمن الدولة. أصبحت لا أصدق... العمال فراشات تطير في مصانعنا وتحتاج إلى حماية، ولكن إن عشت أراك الدهر عجبا.
عودا على بدء، كم من مسئول قمع موظفيه. لقد قرأت كتاب "الأثر النفسي للقرارات الإدارية" ليوسف أسعد، وأتمنى على كل موظف مضطهد أن يقرأ هذا الكتاب، واقرأوا معي بعض عناوينه ومحاوره:
- القرار الإداري والعاطفة.
- القرار الإداري والإرادة الفردية.
- ما يجب مراعاته في القرار الإداري.
- الديناميات النفسية في إصدار القرار الإداري.
- الآثار السلبية للقرارات الإدارية.
- النية المبيتة قبل إصدار القرار الإداري.
أليس صحيحا، "يامه" في الوزارات مظلومون؟ دعونا نقرأ ما نظمه الوزير غازي القصيبي، هذا المثقف الكبير، من أبيات شعر لمهزلة المدير، فهي تحت عنوان "قم للمدير!":
قم للمدير ووفه التبجيلا
كاد المدير أن يكون الغولا
أرأيت أفظع أو أشد من الذي
"لطع" المراجع حين جاء طويلا
عجبا له لا تنتهي كذباته
كم يحسن التبرير والتأويلا
وإذا أتته معاملات صفها
في خانتين بدرجه مقفولا
فإذا رأى صفو الوزير معكرا
عرض التي يرجو لها التعطيلا
وإذا رأى أن المزج مهيأ
عرض التي "يبغي" لها التعجيلا
ويصيح: قد أمر الوزير فبادروا
من لم ينفذ يصبح المفصولا
قم للمدير ووفه التبجيلا
فلقد غدا هذا المدير وكيلا
والسؤال: كم مدير ضحك على وزير، وكم مدير أصبح هو الوكيل، وكم مدير يحسن التبرير والتأويل، وكم وزير لا يعرف المفصول، وكم من وزير صار وكيلا، وكم من وكيل صار هو الوزير؟
إذا...
قم للمدير ووفه التبجيلا
كاد المدير أن يكون الغولا
أرأيت أفظع أو أشد من الذي
ملأ الوزارة أدمعا وعويلا
دخل الوزارة حافيا و"منتفا"
يا ليت شعري كيف أضحى الفيلا!
... مع العذر للشاعرين
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 999 - الثلثاء 31 مايو 2005م الموافق 22 ربيع الثاني 1426هـ