العدد 2907 - السبت 21 أغسطس 2010م الموافق 11 رمضان 1431هـ

فارق... ولو بسيط!

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

نتمنى ألا تؤثر التوترات السياسية والأمنية الأخيرة على نسبة المشاركة في الانتخابات التي تطل علينا سريعاً. فليس من الخافي على الكثيرين وجود حالة من الإحباط السياسي العام لدى المواطنين نحو مجلس نوابهم، زادها الإعلان المبدئي عن بعض قوائم مرشحي الجمعيات السياسية - التي لم تتغير - سوءاً، ليصيبها التوتر السياسي الأخير في مقتل يأس بعد أن كانت تنازع الأمل.

إن التصويت في الانتخابات هو فعل سياسي عميق التأثير وعميق المعنى، يمنح المواطن، أي مواطن (ربما لأول مرة) الحق في أن يشارك سياسياً وبشكل مباشر في صناعة قرار ما، ويمنح صوته القوة ويجعله مقصداً يطلبه الطالبون، والتخلي عن هذا الحق تحت أي مسوغ هو خسارة كبيرة معنوية قبل أن تكون سياسية. والتصويت ولو بورقة خالية هو تسجيل لموقف سياسي عميق التأثير يحدث فرقاً ولو كان بسيطاً.

القول بأن البرلمان لن يغير شيئاً، وأنه لا يملك صلاحيات أصلاً، وأن الانتخابات مقيدة سياسياً ومعروفة النتائج سلفاً، هي كلها قواعد لا يساهم انتشارها بين الناس والإيمان بها إلا في عزوف المواطنين عن التصويت، وكفرهم بالعملية الانتخابية برمتها. وما سيفعله عزوفهم ذاك هو تكريس المزيد من الوضع القائم، فمن أين سيأتي البديل إذا كان الناس جالسون في بيوتهم يوم الانتخابات؟

وهل نتوقع أي تغيير والناس محبطون ويائسون؟

إن الإيمان بأن الانتخابات المقبلة لن تحدث فرقاً وأن التشكيلة الانتخابية المقبلة مرسومة سلفاً، وأن هناك أيادي ستتدخل بالضرورة وستستطيع أن تغير في النتائج (بغض النظر عن صحة ذلك) هو إعلان مبكر للهزيمة في الانتخابات، والمساهمة في ترديده من قبل بعض قوى المعارضة بالذات هو وقوع في فخ ذكي نصبه لهم من لا يريدون التغيير، فتحبيط الناس ودفعهم للعزوف عن التصويت أسهل بكثير من حملهم على التصويت ضد قناعاتهم.

من هو ذلك اليائس المحبط الجالس في منزله يوم الانتخابات؟

إنه شخص ذو وعي سياسي واطلاع على مجريات الأمور، إحباطه ناتج عن وعي بما يجري حوله، وليس عن جهل. فلو لم يكن مطلعاً على ما يجري لما أحبط ولما عزف. ذلك اليائس هو قوة حقيقية للتغيير لو قام بالتصويت، وخسارة صوته هي خسارة لكل التيارات السياسية؛ لأن قناعاته ومواقفه قد تحدث بالفعل فارقاً.

إن التحدي الأكبر أمام الجميع في الانتخابات المقبلة هو محاولة حشد المزيد من الأصوات، المزيد من المشاركة في الانتخابات يعني المزيد من إمكانية التغيير. فمواجهة أي محاولات للتأثير على نتائج الانتخابات لا تأتي إلا بمزيد من الأصوات. وقد لا يكون الصوت الانتخابي حلاً سحرياً للتغيير، ولكنه بكل تأكيد مساهمة ولو بسيطة في تسجيل موقف ما، أو إحداث فرق ما. وكم هو المواطن البحريني بحاجة إلى تسجيل موقف ما في ظل ما يجري حوله.

نعم، إن التطورات السياسية الأخيرة مخيفة ومقلقة، ومجلس النواب لم يفعل الكثير بمقياس الناس.

نعم، نعيش منعطفاً سياسياً مهماً للغاية نراجع من خلاله المنجزات والتحديات الخطيرة، ونعم نتوقع ألا تحمل الانتخابات المقبلة الكثير من المفاجآت، وخصوصاً أن أبطال الصورة الانتخابية يتضحون شيئاً فشيئاً. لكن الإحباط واليأس هو قوة معاكسة تسحقنا، يجب أن نواجهها بتسجيل موقف ما، وصناديق الاقتراع تنتظر تسجيلنا لهذا الموقف بطريقة سلمية وحضارية.

لو لم يعجبنا مرشح دائرتنا، لنصوت لغيره، لو كان لدينا موقف من تيار سياسي ما، لنصوت لمنافسيه، لو لم يقنعنا أي مرشح ببرنامجه الانتخابي، لنسجل موقفاً بورقة بيضاء.

كل النسب تحمل في الانتخابات، كل الأصوات تصنع فارقاً، ولو بسيطاً

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2907 - السبت 21 أغسطس 2010م الموافق 11 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:33 م

      مجرد رأي وتعليق

      في مواقف محددة قد يكون للمشاركة أهمية وعلى العكس من ذلك قد يكون في ظروف بالنسبة للمقاطعة. عن نفسي في كلتا الحالتين الأمر سيان لأنني لا احب الشكليات ولا البهرجات ولا ان أكون كالهمج الرعاع. لوكانت كفة المشاركة ترجع ولو بقليل عن كفة المقاطعة لشاركت والعكس.ولا أسمي نفسي مقاطعاً وإنما أنا بعيد عن ذلك كله أما موقفي فهو: الميثاق صوت بلا الانمتخابات البلدية والنيابية 2002 ليست في قاموسي ، الإنتخابات البلدية والنيابية 2006 لا تستحق أن ألتفت إليها.

    • زائر 3 | 10:54 م

      هو هو..هي هي

      ما بالك تسألين و لا تجيبين..تأتين باسباب المشكلة و لا تقترحين حلولا..كيف سيساهم التصويت بالتغيير؟؟؟؟ إذا كان المجلس هو هو و السياسة هي هي و الصلاحيات هي هي و النتائج هي هي..مساهمتنا تعطي إشارة واحدة فقط أننا راضون عن وضع المجلس الوطني..و أن نسبة المشاركة في الانتخابات كبيرة..و هو ما لا نريده..

    • زائر 2 | 9:49 م

      موقف ؟؟؟؟

      ذكرتي كل المواقف على أساس انه يسجل موقف !!!
      حسب اعتقادي البسيط ان من يقاطع يسجل موقف أيضاً ؟؟؟
      أما قولكي فاليشارك ويضع ورقة بيضاءفما الفرق بينه وبين من قاطع ... كلام غريب ... فكأنكي تطالبينهم للمشاركه لمجرد المشاركه لا لتغير شيْْ !!!

    • زائر 1 | 9:44 م

      قبل وبعد

      في 2006 كنت متحمساً لفكرة خوض الانتخابات .. أما الآن اقتنعت بمقولة المحفوظ "البرلمان فاسد ومفسد" ومصر على المقاطعة .. مطالبنا الأساسية لم تتحققمثل تطبيق الدستور وتفعيل الفصل بين السلطات والتوزيع العادل للثروة والتداول السلمي للسلطة وايقاف التمييز ... الخ

اقرأ ايضاً