ماذا سيبقى من الراحل غازي القصيبي... الشاعر والروائي والأديب والإداري والوزير؟
سيبقى من القصيبي بعض شعره، سيقرؤه الناس لسنوات مقبلة، ثم يتحوّل كل ما كتب من أشعار إلى ديوان على الرف، إلى جانب دواوين الراحلين.
سيبقى من القصيبي تلك الروايات التي أرّخ فيها للتحولات التي مرّت بالمنطقة الخليجية والعربية، وسجّل في بعضها مشاهد تعتبر جريئة، بالنسبة لمسئول خليجي في منطقة تحكمها أنظمة محافظة. ربما يتحوّل بعضها إلى مسلسلات أو أفلام، فتطيل مكوث اسم القصيبي متداولاً بين الناس فترة أطول.
سيبقى من القصيبي كتبه النقدية والفكرية، والسجالات التي دخلها ضد خصومه ممن يُسمّون بـ «الصحويين». بعد سنوات سيكتب البعض عن هذه السجالات وتصبح ذكرى من التاريخ، كما نقرأ اليوم عن نقائض جرير والفرزدق، أو صراعات العقاد وطه حسين، وربما يشعر من يأتي بعدنا بخمسين عاماً، بالشفقة على أبطال عصرنا، كما نشعر ونحن نقرأ نقائض ونقائص الأجيال السابقة.
أهم ما في تجربة القصيبي، جمعه بين المنزلة الأدبية الرفيعة والمنصب الرسمي الكبير، حيث تولى عدة مناصب وزارية، وحرص على أن يترك بصمته على كل موقع تولاه، بل ظلّ يدير وزارته الأخيرة رغم غيابه عنها شهوراً طويلة وهو مقيمٌ في ردهات المستشفيات.
ولعل من أهم ما تركه القصيبي في متناول الأجيال، تسجيله لتجربته الإدارية التي جاءت أشبه بالسيرة الذاتية، وأسماها «حياة في الإدارة». وهو كتابٌ يشدك لقراءته، لما فيه من معلومات وحوادث وتجارب وأفكار، رغم أنه كتاب مرهق جداً، لعدم وجود أبواب ولا فصول ولا عناوين جانبية لتشكل محطات استراحة للقارئ، فلابد أن تقرأه في نَفَسٍ واحد.
عاش القصيبي حياةً صاخبةً، حتى وهو يتولى مسئولية قيادة مؤسسات حكومية ووزارات خدمية الطابع. فحين عُيّن مديراً للسكك الحديدية، ذهب إلى مقر عمله في اليوم الأول مستخدماً القطار، الذي كان ينقل ذوي الدخل المحدود.
يعلّق على ما كتبته صحيفة أجنبية أن مجلس الوزراء في بلاده من أكثر مجالس الوزراء في العالم ثقافةً وأقلهم سناً بقوله: «إذا كان هناك من الوزراء من يعتقد أنه تولى الوزارة بفضل ذكاء طبيعي خارق أو موهبة فطرية أو نفوذ سياسي أو صلات عائلية، فإنني أعترف بصراحةٍ أن الظروف وحدها هي التي وضعتني على المقعد المليء بالأشواك»!
القصيبي تلقّى تعليمه العالي في أكثر بلدان العالم ريادةً إعلاميةً، بريطانيا وأميركا، فحرص على أن يستثمر الإعلام، لإدراكه تأثير وسائل الاتصال في المجتمع المعاصر. وهو يعترف بأنه نشر ثلاثة دواوين شعرية ولم يعرفه إلا القليل، بينما قدّم برنامجاً تلفزيونياً واحداً، فأصبح الناس يستوقفونه للسلام عليه في الشارع. ولذلك فاجأ الجمهور بتقديمه الأطباق في أحد المطاعم، ليوصل للشاب السعودي الخليجي رسالةً بأن العمل في المطعم ليس عاراً، وهي خطوة أكثر تأثيراً من سبعين خطاباً وموعظة. وحين اتهمه خصومه بغرامه بالإعلام، ردّ عليهم بقوة: «الحبّ يحتاج إلى طرفين، وعليهم أن يسألوا عن سبب حبّ الإعلام لي»!
ربما أدرك أن الناس قد ينسون بعد حينٍ معاركه الإدارية المثيرة في هذه الوزارة أو تلك، فحرص على تسجيلها في كتابٍ، سيبقى فترة طويلةً متداولاً بين الناس
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2907 - السبت 21 أغسطس 2010م الموافق 11 رمضان 1431هـ
سيد ماتعودنا منك .... السكوت؟؟؟؟؟
سيدي الكريم .. ارجو منك التحدث عن اوضاع البحرين لاننا في اتم الحاجة الى تصحيح الاوضاع ... وخل عنك المواضيع الجانبيه
شقة الحرية
شقة الحرية رواية جميلة..للراحل غازي القصيبي.. لم يوفق فريق التمثيل البحريني في تجسيدها ونقلها للواقع..نتمنى ان نرى اعمال للكاتب في شكل افلام او مسلسلات دراميه جيده
رحمه الله
رحم الله غازي القصيبي، ذهب إلى بارئه، لكن مشكلاتنا المحلية لا تزال باقية يا سيد، نرجو منك التركيز على الأزمة الحالية المحلية