تكمن أهمية التقارير التي صدرت مؤخراً عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة ليس فقط في كونها تقدم الدلائل التي تحذر من الخطر المترصد بكوكبنا من جراء تدهور النظم البيئية، وإنما أيضا لأنها تقدم دراسة علمية دقيقة وضعها في تصرف صناع القرار والمستثمرين من أجل إحياء الاقتصاد وإعادة الحياة إلى الكوكب.
يتميز تقرير «الكوكب الميت، الكوكب الحي» وهو آخر التقارير الصادرة عن برنامج «يونيب» بمناسبة يوم البيئة العالمي، في أنه استقطب اهتمام الإعلام العالمي من خلال الحقائق التي قدمها والتي تبشر بجني فوائد اقتصادية ضخمة من الاستثمار في الثروات الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.
عبر زج الكوكب بين متناقضين رئيسيين – أي الحياة والموت – كأننا بهذا التقرير نشير إلى الخيار الذي يطرحه العلماء بشكل صريح: إما استعادة الثروات التي توفرها الطبيعة وخلق فرص جديدة للعمل، وإما الفقر والجوع والبطالة وبالتالي فقدان الصحة والحياة.
هذا التقرير لا يعتبر مجرد دليل فحسب، وهو ليس تكراراً لدعوة ملحة من أجل حماية الكوكب، وإنما هو مجموعة عناصر تكون معادلات في حساب من هم أدرى بما ستؤول إليه حالتنا كبشر إن لم نعدل نظرتنا إلى سبل الاستثمار وتحقيق الأرباح. وتتلخص تلك العناصر بالإدارة الجيدة، والتقييم الموضوعي للأسباب التي أدت إلى سوء حالة النظم الأيكولوجية، وإعادة المياه إلى مجاريها من خلال اتخاذ القرار الحكيم.
البيئة لم تعد فقط إحدى ركائز استمرار المجتمعات، بل هي حجر الأساس وأحد أهم الأصول التي اعتمدها أجدادنا لتحقيق الثروات وأصبحت جزءاً من ثقافتهم، قبل أن تؤول إلى أبناء عصر التطور الصناعي السريع. اليوم يقدم برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقارير من شأنها أن تحدث تغييراً إيجابياً كبيراً إذا تم تطبيقها.
وكما يقول أحد الفلاسفة الذين استلهموا الطبيعة: إن فاتكم علم عن خطر محدق بالحياة فلستم بمسئولين عن هلاك البشرية، وإنما الخطأ عند من أدرك بالعلم خلاصا وغض النظر.
إقرأ أيضا لـ "حبيب الهبر"العدد 2906 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ