قالت سيدة مرفهة: «كنت أراه كل صباح يجمع القناني والعلب الفارغة وعينات أحذية بالية، يجر خلفه عربة ملأى بالنفايات والدمى المحترقة.
قالت فتاة شبه عارية: «كان كثيراً ما ينشغل بتقاطيع جسدي. تحرش بي ذات مساء، أشفقت عليه لذا لم أتردد في البصق عليه!
يتجمهر المارة حول جثة نقرتها طيور الهجرة. خيوط دم على صفحة القار. لوحة متوحشة. رحل عاشق المسافات والحواري وضيف النفايات. النبيل الذي لم يكثرث لدمه الأزرق.
***
بين طنجة وعدن، ومدن تغسل كآبتها حين أصحو. أدلف إلى الحوانيت العتيقة باحثاً عن رجال أراهم مرآة الروح وتقاطيع الذهول والفضيحة والإرباك. حراً كأن لم أكن نزيل أرحام أمهات ومدن وشوارع ملوثة بوحشة الغرباء.
إلى أين تأخذك هذه الصحوة؟ تلامس بأطرافك حدود المدن المتصقعة. تشفق على الغرباء إشفاقك على أمك المسلولة من الجوع وذهول الحاجة. تتقصى أخبار المروج والينابيع وصخب المواسم. مزدحماً بالأساطير والأعياد الآفلة.
***
ظل يتمتم وهو يضع وردة سرقها من قبر لصيق. وضعها أمام شمعة ذاوية على قبرها. كانت فاتحته لها:
وهذي الريح
هذا الضوءُ عكاُز الصعود
إلى الذي يجبُ
وهذا العمر لا يعطي كما تهبُ
دخلنا فضة الدهليز
فارتاع المدى وتلعثم الذهبُ...
***
ظل يهذي: كثيراً ما أرى البيت خزانة الألفة، والبحر مرآة السماء، والشارع مشيمة حتى أصل، والأطفال فاكهة السرير، والنص زهو المعرفة، والصعود معراج تحت المجهر. أما أنا فشاهد يستدرجه الغيب.
اعبروا بي أنهاركم. لقنوا أطفالكم سيرتي. أنا العابث بالمجد، المستخف بالريح والكلاب وسجلات المتاحف.
دعوا لي وجوم النفايات وخذوا زهرة الكنوز. دعوا لي عزلة المعرفة وخذوا موسيقى الحرس. أنتم يا من علقت على أستاركم وصايا أبي ونوايا لصوص المتاحف.
* مقاطع من رواية «سماء العزلة»
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ
بصراحة انت لؤطة
كل ما احاول اقرأ لك شي ما افهم شنو تبي تقول
في احتمالين: 1) مستوى تفكيري ما يصل لمستوى تفكيرك.
2) انت بروحك مو عارف شسالفة.
على العموم الكاتب الجيد يفهمه الجميع البسيط والمثقف حاول انك تدور وتلقى الخلطة السرية.