غيّب الموت الوزير والأديب والشاعر الكبير غازي عبدالرحمن القصيبي عن سبعين عاماً، بعد معاناةٍ طويلةٍ مع المرض.
القصيبي وُلد في الهفوف بالاحساء، وانتقل مع أبيه إلى البحرين في صباه، حيث التحق بإحدى المدارس الحكومية الجديدة، حيث تلقى تعليمه حتى المستوى الثانوي، قبل أن يعود إلى بلاده.
البحرين لم تكن مجرد محطةٍ عابرةٍ، بل كانت واحةً ثقافيةً متقدّمةً على الكثير من دول الجوار. وفي أحد كتبه، يصف كيف كانت دهشته من إضاءة البيت المظلم في الليل فيتحوّل إلى نهار بضغطة زر، لأن الكهرباء حينها لم تصل بلدته حيث كان الناس يعتمدون على «الفنر». ويذكر كيف كان ينتظر عند الغروب قدوم موظف البلدية بعصاه الطويلة ليضيء المصابيح بالشوارع. والغريب أن القدر كان يخبئ لذلك الطفل أن يكون وزيراً للكهرباء.
القصيبي ترك بصمةً مهمةً في الأدب العربي، فقد تناول عدداً من الفنون الأدبية، فعرفه القارئ شاعراً وروائياً وكاتباً وناقداً. كما برع في كتابة المذكرات وفن السيرة الذاتية، التي ترفدها خبرةٌ طويلةٌ في الحياة. فقد شارك كمستشار قانوني في الوفد الذي مثّل الجانب السعودي في المفاوضات التي أنهت حرب اليمن في الستينيات. فحياةٌ بمثل هذا الخصب والغنى تستحق بلاشك وقفات للتأمل.
علاقة القصيبي بالبحرين والبحرينيين علاقةٌ قديمةٌ إذاً، ومن لم يعرفه صديقاً منهم فقد عرفه كاتباً أو سفيراً، حتى الجيل الجديد تعرّف عليه من خلال إنتاجه الروائي الذي يلقى رواجاً أوسع من غيره في الوقت الراهن. وفي كتابه «ما قالته النخلة للبحر»، يتحدّث علوي الهاشمي عن القصيبي كشاعر بحريني من طليعة المؤسسين للحركة الشعرية الحديثة بالبحرين.
القصيبي انتقل من لندن للعمل سفيراً في البحرين خريف 1984، واعتبرها استراحة محارب، بعد سنوات من النزال. ويؤكد أن أحداً هنا لم يعامله معاملة السفير العادي، بحكم العلاقات الوطيدة التي تحكم البلدين حكومة وشعباً. ويعترف بأن الفترة التي قضاها في البحرين من أسعد فترات حياته، فقد توفر له من الوقت ما لم يتوفر له في مواقع العمل الأخرى، فأصبح يقضي ما لا يقل عن أربع ساعات في المكتبة بين القراءة والكتابة؛ واشترى قارباً صغيراً للصيد؛ وأصبح يقضي وقتاً أطول مع أولاده الذين أبعدته عنهم الوظائف السابقة. هذه الفترة أثمرت كتابه «100 ورقة ورد»، وهو مجموعة مقالات أسبوعية نشرها في إحدى المجلات البحرينية.
قد ينسى الناس بعد حينٍ تجربته الإدارية المثيرة في الوزارات، لكن ما تركه من كتب هي التي ستطيل بقاء ذكره بين الناس، فقد كتب في الأدب والفكر والسياسة والتنمية وفن الادارة، وظلّ أكثرها ممنوعاً من التداول في المكتبات ومعارض الكتب، بسبب مواقف بعض الجهات الدينية، ولم يرفع الحظر عن تداولها إلا في الأسبوع الأخير من حياته وهو ينازع الموت. وإذا كان الآخرون سيذكرونه برواياته وأشعاره ومؤلفاته، فإن شعب البحرين سيذكره بتلك القصيدة التي تذكّرك بعيون الشعر العربي:
دربٌ من العشق لا دربٌ من الحجر... ذاك الذي طار بالواحاتِ للجزر.
أثناء وزارته الأخيرة، انتقل للعلاج في الولايات المتحدة، وسرت شائعات حول وفاته، وفوجئ الناس بنشر قصيدةٍ ينعى فيها نفسه. كانت جرس الانذار الأول، فقد أحسّ الرجل رحمه الله بدنو الأجل المكتوب على جباه الخلق أجمعين، وهو العارف تماماً بأن كل ابن أنثى وإن طالت سلامته... يوماً على آلةٍ حدباء محمول.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2903 - الثلثاء 17 أغسطس 2010م الموافق 07 رمضان 1431هـ
لم
أنت يا يسيد ربما نسيت ما كتبه في السيد الخميني رحمه الله تعالى ، كل حسنات هذا الرجل ذهبت عندما كتب قصيدة يستهزأ فيها بالسيد الفاضل محرر الرجال و صانع الأبطال السيد روح الله الموسوي الخميني ، أنصحك أو على الأقل أرجوا منك أن تقرأ قصيدته التي انتقص فيها من الامام الراحل و أنت تعرف من هذا الرجل الذي تكتب عنه !!!!!!!!!
كنا
البحرين لم تكن مجرد محطةٍ عابرةٍ، بل كانت واحةً ثقافيةً متقدّمةً على الكثير من دول الجوار.هذا في الماضي...... أما الآن فعلى البحرين السلام.
تحية لك وللاديب الراحل
شخصية كبيرة ولاشك، ترك بصمته على الأدب العربي. وأحييك يا سيد على هذه الالتفاتة التي تدل على حجم مكتبتك وسعة اطلاعك واهتماماتك المتنوعة.
ارى الاكسجين منع عنك يا سيد
حين لا يكون في الدار اكسجين تخرج الى الفناء و لكن حين لا يكون في الفناء اكسجين ما عليك الا ان تتسلى به
معك في الطريق وحيداً
ما قصرت يا سيدنا.. الأديب الراحل القصيبي يستحق الكثير الكثير الكثير,, ولو ببضع كلمات من القراء الكرام.. ولو كان الموضوع من اللي بالي بالك.. لدارت رحى الحرب في التعليقات بأشكال وألوان من الأسماء المستعارة.
طبق سياسة الجمهور عايز كده