العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ

حقائق صحافية أمام الرأي العام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على أبواب انتخابات جمعية الصحافيين، لابد من وضع بعض الحقائق أمام الرأي العام، والصحافي منه على وجه التحديد.

أول الحقائق البديهية أن دنيا الصحافة قد تغيّرت، فحين انطلقت الجمعية كانت هناك صحيفتان فقط، وبسبب الحساسيات والخلافات، صارت الجمعية ممثلة لطرفٍ واحدٍ فقط مع انسحاب الطرف الآخر... وبقي عددٌ من الصحافيين الأساسيين خارج اللعبة.

اليوم، وبعد سبع سنوات، تضاعف عدد الصحف مرتين، وتضاعف عدد الصحافيين ثلاث مرات، ومع ذلك ظلّ عددٌ كبيرٌ منهم بعيدا عن الجمعية أو هي بقيت بعيدة عنه، لعجزها عن التحوّل إلى بيتٍ جامعٍ يلمّ شمل الجميع، وبقينا منقسمين بين جمعية ونقابة.

الجميع يعرف أن الجمعية مشلولةٌ، وآن لها أن تستجيب للتغيير ليتمثل فيها الجميع. هناك جهاتٌ تدفع للتغيير، وجهاتٌ تقاومه وتتشبّث بالوضع الحالي المشلول. وفي محاولتها تلك التجأت إلى السلاح القذر الأكثر رواجا هذه الأيام، وهي سلاح التحشيد الطائفي، على طريقة «رمتني بدائها وانسلت».

التغيير قادمٌ لا محالة ولو بعد حين، وهو ضرورةٌ لمصلحة الصحافة والصحافيين، ولإصلاح البيت الداخلي للسلطة الرابعة، وما حدث تحت الطاولة لابد أن يعرفه الجمهور. فبعد نشر أسماء بعض المترشّحين، تمّ تكليف أحد «الخدم» بكتابة بيانٍ مفبرك، ونُشر في المنتديات الطائفية المخترقة، للنفخ في نظرية سيطرة طائفةٍ على أخرى. (وأقترح على الإدارة الجديدة أن تبدأ أعمالها بكشف هوية هذا «الصحافي» المدسوس بتهمة الكذب وانتحال شخصية آخرين وتضليل الرأي العام).

البيان تبعته خطوةٌ أخرى لإنهاء خصومة الست سنوات، فتمّ عقد لقاءٍ بين رئيسي تحرير وأقنع أحدهما الآخر بنظريته وبضرورة التحالف معا، بقوله: «هل تقبل بسيطرة (...) على الجمعية». فكلّ ما يكتبونه عن الليبرالية طوال العام، يتحوّل أيام الاستحقاقات الانتخابية إلى كأسٍ من مشروب الطائفية المعتّق الرديء.

الحقيقة الأخرى أن هناك قناعات مشتركة تجمع عددا من الصحافيين بضرورة التغيير وإصلاح الجمعية، وتعديل الخطأ التاريخي الذي سمح بترشّح رؤساء التحرير. هؤلاء ينتمون مهنيا إلى صحفٍ مختلفة، وجغرافيا إلى مناطق مختلفة، ودينيا إلى طوائف مختلفة، وكان لابد من ضرب هذا التوجه وإسقاطه عبر مختلف الضغوط، ليكون الناخب أمام قوائم خالصة (pure) طائفيا. أحدهم قال: «لقد ملّلوني من كثرة الاتصالات لأنسحب»، وانسحب فعلا. وآخر كان متردّدا حتى اللحظات الأخيرة، وثالث طُلب منه النزول ضمن «قائمتنا»، فلا يجوز أن تنزل ضمن «قائمتهم»!

إنها تكريس لسياسة «مساجدنا ومساجدكم» التي أصبح لها دعاة وداعيات، لتشطير شعب البحرين إلى فئات ومذاهب و»غيتوات» متنافرة. فـ «نحن» و»أنتم»، وليس بيننا غير القتال إلى يوم القيامة! حتى عندما تكتب منتقدا عملية التجسّس على عباد الله، التي تنتهك خصوصية كل البحرينيين من مختلف الطوائف والأجناس، تخرج لك «خفيفةُ ظلٍّ» بمسرحيةٍ عن قيس وليلى، وتبحث أخرى عن مخارج شرعية للتجسّس على الناس من خلال محرّك «غوغل»، لتثبت أن ما يجري في البحرين صراعٌ بين معسكرين: المسلمين والمشركين... وهكذا يبلغ الانحطاط!

التغيير قادمٌ في بلاط صاحب الجلالة، ليس هناك مؤامرات ولا خزعبلات. هناك رغبة صادقةٌ بالتغيير، فالصحافيون الذين يدعون للإصلاح ويدافعون عن حقوق أصحاب مختلف المهن والقطاعات، يطمحون ببيتٍ دافيء يلمّ شملهم ويحسّن أوضاعهم... بعيدا عن الطأفنة والتشرذم والحساسيات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً