العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ

أوهام ماندلسون تتهاوى تحت ضربات الأزمة العالمية وسوء أوضاع المنطقة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سوف تستقبل دول المنطقة خلال الأيام القادمة وفدا برئاسة وزير التجارة البريطاني اللورد بيتر ماندلسون، يرافقه في جولته الخليجية هذه، والتي ستبدأ بدولة الإمارات وتشمل البحرين والكويت، وفد تجاري واقتصادي رفيع المستوى، كما ذكر موقع «سي إن إن» الذي أورد الخبر.

وسبق وصول الوفد إلى المنطقة تصريحات أدلى بها الناطق الإقليمي باسم الحكومة البريطانية جون ويلكس، في مؤتمر صحافي بدبي، قال فيها «إن ماندلسون سيلتقي بعدد من المسئولين في العاصمة أبوظبي، السوق الأكبر للتجارة البريطانية، من بينهم وزيرة الاقتصاد والتخطيط، الشيخة لبنى القاسمي».

وإذا كانت رئاسة الوفد وطبيعة المشاركين فيه توحي بالمهمة الرئيسية التي شدت ماندلسون نحو المنطقة في هذه المرحلة بالذات، بغض النظر عن كل عناصرالتجميل الدبلوماسية التي حاول أن يغلف بها ماندلسون أهداف الزيارة، فإن حالة الركود الشديدة التي تعصف بالاقتصاد البريطاني، كشفت المستور، إذ تمر بريطانيا اليوم بأسوأ ركود اقتصادي تعرضت له منذ الحرب الكونية الثانية، الأمر الذي وضعها في خانة أسوأ الدول الأوروبية تأثرا بالأزمة.

ووفقا لتوقعات المؤسسات المالية، من المتوقع أن تعاني السوق البريطانية من «انكماش إجمالي للناتج العام بنحو 3 في المئة أو أكثر، وارتفاع العجز إلى 39 مليار جنيه إسترليني، بحلول 2015 - 2016، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة، لتسجل 3.2 مليون عاطل عن العمل».

هذه الحالة المتردية شخصها، يوم الأحد الماضي الموافق 5 أبريل/ نيسان 2009، وزير المالية البريطاني اليستير دارلينغ، في مقابلة أجرتها معه صحيفة صنداي تايمز اللندنية، أكد فيها أن بريطانيا «تعاني ركودا اسوأ مما توقعته الحكومة، وإن الاقتصاد البريطاني لن يسجل اي نمو قبل نهاية العام الحالي في أحسن الاحوال».

من المهم أن تنظر دول المنطقة إلى هذه الزيارة كحلقة جديدة في سلسلة السياسة البريطانية الهادفة إلى دعوة المنطقة للمساهمة المباشرة في انتشال الدول الغربية، وعلى وجه الخصوص تلك الأكثر سوءا من بينها، من أزمتها المالية الممسكة بتلابيبها، والتي دشنها رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون، خلال زيارته للمنطقة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، حين دعا دول الخليج صراحة كي تمارس «دورا محوريا في حل الأزمة الاقتصادية العالمية».

لقد حث براون في تلك الجولة التي استهلها بالسعودية «دول المنطقة للمساهمة في إعادة تمويل الاقتصاد العالمي الهش، وتعزيز قطاع الصناعة البريطاني».

وكان ماندلسون من بين أعضاء الوفد المصاحب لبراون، الذي ضم أيضا 27 من كبار قيادات قطاع الصناعة وزير الطاقة وأيد ميليباند.

وأفصح براون حينها، دون اية رتوش دبلوماسية، على لسلن ناطق رسمي باسمه، أوردت تصريحاته صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية، «أن ثروات الصناديق السيادية هي الهدف الرئيسي للتجارة البريطانية، وأن الثروات والاحتياطات الهائلة التي تمتلكها تلك الدول ستساهم في إعادة تمويل النظام المالي العالمي» .

ما ينبغي أن يدركه ماندلسون، هو أن هناك عاملين أساسيين يجعلان من ظروف المنطقة اليوم، وأثناء جولة ماندلسون مختلفة عن تلك القائمة عندما زارها براون، الأول أن الأزمة المالية لم تضرب حينها دول المنطقة، التي كانت حتى زيارة براون بعيدة، بدرجة معينة عن الآثار السلبية التي أفرزتها الأزمة المالية، إذ لم يكن قد تم حينها إعلان نتائج الربع الأخير من العام 2008، والذي تكشفت فيه الخسائر، أو عدم تحقيق الأرباح المتوقعة، التي تعرضت لها الاستثمارات الخليجية في المنطقة وفي الأسواق الغربية، بما فيها السوق البريطانية. ولعل من مؤشرات عمق الأزمة التي سوف تعاني منها المنطقة ابتداء من الربع الثاني من هذا العام، هو نتاج ذلك المسح الذي قامت به شركات كتخصصة ونشر موقع صحيفة «الوطن» السعودية ملخصا له والذي يؤكد أنة « 63 في المئة من 500 شركة حسمت أمرها من التوظيف في ظل الأزمة المالية، مؤكدة أنها لن توظف أحدا هذه الأيام» .

العامل الثاني، هو التراجع السريع الذي ألم بالعوائد النفطية التي خسرت أكثر من نصف قيمتها، عندما تراجعت أسعار النفط مما يزيد على 150 دولارا للبرميل، إلى حوالى 47 دولارا للبرميل، وترافق ذلك مع تراجع أيضا في حاجة أسواق الطاقة نظرا لتعثر الأوضاع في الأسواق الصناعية، بما فيها الصناعات الكبرى مثل السيارات في بريطانيا وأوروبا والخدمات المالية، في أسواق وول ستريت في أمريكا والسنتر في بريطانيا.

هذا على صعيد المنطقة، أما على صعيد بريطانيا، ومن ورائها الدول الأوروبية، فقد كشفت قمة العشرين، عمق الأزمة التي تعاني منها الدول الغربية من جهة، وحجم الأموال التي وصلت إلى ما يربو على تريليون دولار التي تحتاجها العواصم الغربية لوقف تدهورها، دع عنك الخروج من أزمتها اوإستعادة عافيتها.

هنا ملاحظة مهمة تجدر الإشارة لها، وهي أن ماندلسون قد استهل زيارته بالعاصمة الإماراتية، عوضا عن الرياض، ويفسر البعض هذا السلوك البريطاني، إلى يأس بريطانيا من مساهمة سعودية جادة كما حصل في زيارة براون عندما وعدت السعودية بضخ 500 مليار دولار في الأسواق الغربية لإنعاشها وانتشالها من الركود المحيط بها.

أما اليوم فقد سبقت وصول ماندلسون إلى المنطقة تصريحات وزير المالية السعودي إبراهيم العساف في أعقاب اجتماعات قمة العشرين الأخيرة التي شاركت فيها السعودية، حين أكد، كما ورد في تصريح له نقلته صحيفة الشرق الأوسط البريطانية «أن بلاده لم تساهم في زيادة دعم الصندوق، وأنها لا تزال تدرس الخيارات المتاحة».

هنا تتكامل الصورة، وتتضافر الظروف السيئة على نحو مضاد لتوقعات أو طموحات ماندلسون، فمن جهة لم تعد دول المنطقة في وضع يسمح لها بمد يد الدعم والمساعدة، ومن جهة أخرى، وصلت الأزمة بالدول الأوروبية أنها بحاجة إلى ما يفوق قدرات المنطقة وإمكاناتها المالية والاستثمارية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً