في دول العالم الثالث، يتم صوغ القوانين لضبط المواطن! لا قانون يضبط الدولة في حال تجاوزها. لكأن القوانين وضعت أساسا لـ «تفصيل» المواطن على مقاس الدولة، وليس العكس!
ثمة ثقافة غائبة في الدواوين الرسمية للدولة العربية. ثقافة تتعلَّق بأخطائها. الحديث المعمَّم والسائد والشائع والمكرَّس؛ أن المواطن أكثر قابلية وشهية واستعدادا وتمثلا وتوجها وانحيازا، وحتى «نية» لارتكاب الأخطاء. في المقابل الدولة أكثر قابلية والتزاما وصرامة وتأكيدا وتمثلا وتوجها وتكريسا وتشجيعا على عدم ارتكاب الأخطاء!
هل نتحدث هنا عن فيلم هندي فترة نهوض السينما في سبعينيات القرن الماضي. أيام أمجاد، دارا سينغ، دارا ماندرا، براون، وأميتا باتشان؟ لا. نتحدث عن فيلم يصر مخرجه على أن تكون البطولة فيه للدولة! ولأن البطل لا يموت في السينما الهندية خصوصا، والسينما عموما، نحن أمام مأزق في التشخيص. أو يبدو الأمر كذلك! في المقابل يمكن للشعب أن يموت في نهاية الفيلم كي تستمر الدولة! كيف يمكن للدولة - أي دولة - أن تستمر وتحقق فاعليتها وهدفها من دون شعب؟
عودة إلى القوانين في دول العالم الثالث. أحاول أن أستوعب ربما لضيق في الأفق، أو ربما الغباء، أو ربما مشاكستي التي تم إثباتها مؤخرا بفحص الدم! كيف يمكن لتلك القوانين حماية الدولة من تجاوزها للمواطن، ولا يحق بعد ذلك للمواطن أن يرفع «خشمه» أمام الهول الماثل؟ إلى من يلجأ المواطن في هكذا هندسة عالية التركيب في حماية واضعها؟
يكفي الرجوع إلى أن «قوات مكافحة الشغب اضطرت!!! - مؤخرا - إلى استخدام (الشوزن) للدفاع عن نفسها أمام (إرهاب ثلاثة أطفال) أكبرهم لا يتجاوز 14 عاما!!!». مثل ذلك «الإضطرار» هو صيغة مقنَّنة تكرِّس وتؤكد وتعمِّم وتشيع حماية أخطاء الدولة! في الوقت الذي يجد فيه المواطن نفسه أمام هراوة «القانون» قبل هراوة القادمين من «وراء الحدود»!
هل يمكننا الحديث عن «قانون» بمعناه الهادف إلى ضبط أمور الحياة والدولة والحقوق والواجبات والالتزامات، في عالم بهكذا مواصفات ومفارقات أيضا؟ فقط أسأل!!!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ