حذر رئيس جمعية الصيادلة البحرينية حسن الماجد من أن تطبيق المشروع بقانون رقم (18) للعام 1997- والذي أحاله مجلس الوزراء إلى مجلس النواب أخيرا- من شأنه أن يؤدي إلى ضياع مهنة الصيدلة لتتحول إلى تجارة وتهدد الصيادلة البحرينيين في أرزاقهم بالإضافة إلى صعوبة ضبط القطاع من الجانب الصحي وتسهيل تهريب الأدوية المزيفة.
ودعت الجمعية إلى عمل دراسة تقوم بها الأطراف ذات العلاقة وخاصة المعنية مباشرة بالمرضى والمستفيدين من قطاع الصيدلة لحصر الإيجابيات المتوقعة والسلبيات المحتملة على أن تكون هذه الدراسة إحدى الوسائل التي يمكن الركون إليها قبل فتح المجال لغير الصيادلة بالترخيص والتملك للصيدليات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي نظمته جمعية الصيادلة البحرينية مساء أمس في مقرها بالعدلية بحضور نائب رئيس الجمعية عادل سرحان وممثلين عن الصحف المحلية.
وقال الماجد: «إن جوهر المشروع بقانون المطروح هو تجاوز للمادة رقم(14) من القانون الحالي وهو ما يجعل القطاع مجالا للاستثمار إذا تمت قوامة رأس المال مع التخصص العلمي، وذلك بعد أن أجهضت الجمعية في السَّابق عدة محاولات لتجاوز القانون الحالي عبر محاولة استصدار رخص للصيدليات وسلاسل الصيدليات وكان للجمعية دور في إجهاض هذه المحاولات.
وأوضح أنه وبحسب الجمعية فإن المادة رقم(14) من القانون الحالي تنص على أنه»لا يجوز إنشاء مركز صيدلي إلا بترخيص مسبق من الوزارة، ويُقدم طلب الترخيص للوزارة وفق الشروط والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير، ولا يمنح حق الترخيص إلا لصيدلي بحريني الجنسية لا يقل عمره عن 21 عاما أو لشركة على أن يكون 50 في المئة من رأس مالها على الأقل مملوكا عند التأسيس لأكثر من صيدلي، وإذا توفي صاحب الصيدلية جاز أن تدار الصيدلية بمعرفة صيدلي لصالح الورثة».
وذكر الماجد أن «جمعية الصيادلة تدعم من حيث المبدأ الدعوة إلى تطوير القوانين والتشريعات لتتناسب مع المرحلة التي تمر بها المملكة من تطوير وتحديث على مختلف الأصعدة كي تصبح البحرين المكان المناسب للاستثمار الذي يجب أن تعم فوائده كل المواطنين بالدرجة الأولى».
واستطرد رئيس جمعية الصيادلة قائلا: «إن حصر إصدار ترخيص الصيدليات والمراكز الصيدلية هو ممارسة سارية ومتبعة في الكثير من الدول الخليجية والعربية والدولية مثل السعودية والكويت والأردن وسورية ولبنان ومصر والجزائر وإيطاليا وغيرها، وباعتبار جمعيتنا إحدى جمعيات النفع العام ومنضوية تحت مظلة مؤسسات المجتمع المدني فهي تضع نصب عينها الانعكاسات المحتملة لهذا القرار».
وواصل الماجد «هناك مجموعة من السلبيات التي قد تنجم عن التعديل على القانون الحالي منها احتمال إغراق السوق المحدودة والصغيرة أصلا بعدد كبير من الصيدليات أكثر بكثير من الحاجة الفعلية إليها، وقد تبحث الصيدليات القائمة والجديدة عن صيادلة غير بحرينيين ذوي كفاءة منخفضة وبأجور متدنية وسيجلبون من بعض البلدان الآسيوية والأفريقية وهو ما سيهدد مستقبل المهنة في البحرين وسيؤدي إلى تضرر المرضى بالدرجة الأولى وهم أولى بالحماية».
وأردف «في السنوات الأخيرة اتجه الصيادلة بعد تقاعدهم من العمل في القطاع العام إلى استصدار رخص الصيدليات لكن هذه الفئة من الصيادلة البحرينية وبما يملكون من خبرات عريضة اكتسبوها طوال حياتهم في مجالات المهنة المختلفة الفنية والإدارية من شأن إقرار مشروع القانون أن يجعلهم يعزفون عن الاستمرار في المهنة».
وبيََّن الماجد «يعتبر فتح الباب لغير الصيادلة البحرينيين تراجعا واضحا في سبيل التعامل مع أصحاب الاختصاصات وحاملي الشهادات العلمية ويُصبح حاملو رؤوس الأموال هم المحددون لسير الأمور في الدول بينما تحاول الحكومات الخليجية والبحرين من بينها تعيين وزرائها وقياداتها من التكنوقراط لأهمية الجانب العلمي لمعرفة التوجهات الشاملة في الاقتصاد والتجارة والاستثمار، وعلى رغم أن البحرين محمية لحد الآن من وجود الأدوية المزيفة بسبب الرقابة المستمرة على استيراد الأدوية ومنافذ دخولها وتحديد شروط استيرادها فإن فتح المجال أمام الجميع سيُعرض الدولة أو المنطقة بكاملها لدخول أدوية تهرب من الرقابة وتدخل الأسواق بطريقة يصعب تعقبها وتنظم عملية استيرادها ولنا في بعض الدول المجاورة عبرة إذ تتهم بعضها بأنها منطقة عبور للأدوية المزيفة من دول الجنوب إلى الشمال».
وأكد رئيس جمعية الصيادلة أن محدودية السوق البحريني وتنافس الشركات العملاقة يهدد الصيدلي البحريني في رزقه، وبحسب اتفاقيات التجارة العالمية فإن الدول المحافظة على مصلحة مواطنيها في المقام الأول وفتح باب الاستثمار بالطريقة التي تتم الإشارة إليها سيفتح الباب لمستثمرين غير بحرينيين راغبين في الربح من دون الاهتمام باقتصاد الدولة ما سيؤثر سلبا على المواطن البحريني».
وأورد «تطبق البحرين اتفاقيات التجارة الحرة ولا توجد حماية للوكلاء من مستوردي الأدوية ولكن بحسب القوانين والأنظمة الدولية يشترط الاستيراد من مصانع مسجلة ومرخصة تتم زيارتها من قبل مفتشين متخصصين في شئون التصنيع الدوائي الجيد، ومعظم الأحيان ضمن وفود منسقة من دول الخليج ولا يسمح إلا باستيراد أدوية مسجلة خاضعة للدراسة والتحليل ومكتملة الوثائق العلمية من حيث السمية والفارماكولوجية وما لها من جوانب علمية دقيقة، وعليه فإن الاستيراد محدد بأسباب علمية وقانونية بقصد الحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين، كما لوحظ أن الشركات ذاتها لا ترغب في تغيير أو التعامل مع غير وكلائها لسهولة المتابعة وتنسيق أمور التسجيل والنواقص في الوثائق». وذكر الماجد «إن تخصيص الرخص للصيادلة البحرينيين بحسب القانون الحالي يهدف إلى الاستثمار في الجوانب العلمية ويشجع أبناء المملكة من المواطنين على الالتحاق بالتخصصات العلمية التي تعود بالفائدة على المملكة وهذا هو الاستثمار الحقيقي، أما أن يتم قياس كل ما في حياتنا بالاستثمار المادي غير المدعوم علميّا على المدى الطويل فسيخلق جيلا عازفا عن دراسة الصيدلة، وقد لوحظ أن مجالات الاستثمار المادية غير المدروسة هي التي يتم التطرق إليها بإلحاح في هذه الحقبة الزمنية ما أدى إلى تراجع ملحوظ في نوعية الخريجين وأنواع التخصصات التي يلتحق بها الإنسان الخليجي وبمراجعة سريعة لأعداد خريجي تخصصات التسويق والتجارة مقارنة بخريجي التخصصات العلمية يؤكد خطأ الاتجاه الذي يتم التسويق له وهذا الاتجاه قد تكون له فائدة زمنية ذات أمد زمني قصير لكنه لا يخدم بناء دول ذات اقتصاديات قوية تقوم على ركائز علمية مدروسة». وقال رئيس الجمعية إن اتحاد الصيادلة العرب بعث برسالة قبل أيام إلى وزير الصحة فيصل الحمر تدعوه فيها إلى الإبقاء على فتح الصيدليات وتملكها وإدارتها للصيادلة البحرينيين فقط، كما بعثت جمعية الصيادلة البحرينية للوزير رسالة في شهر 6 الماضي عبرت فيها عن رفضها للقرار وأوضحت أسباب رفضها لهذا التوجه. على الصعيد نفسه، قال نائب رئيس الجمعية عادل سرحان: «كان أملنا أن تصدر قرارات لدعم الصيدلي البحريني مثل صرف بدل تفرغ أسوة بالأطباء ومثل فتح صيدليات خاصة إلى جانب العمل الحكومي أسوة بمختلف القطاعات، كما أن الصيدلي البحريني عندما يتقاعد - وفي حالة القرار المذكور- فإنه لن يتمكن من فتح صيدلية أو بيع ترخيصه في حالة تم تنفيذ هذا القانون».
وأضاف سرحان «ربما يكون الاستثمار مجديا في مجال مصانع الأدوية، ولكن الاستثمار في القطاع بالصورة التي جاءت في المشروع بقانون ستدمر المهنة».
وواصل رئيس الجمعية «في البحرين أكثر من 100 صيدلاني بحريني في القطاعين العام والخاص، وهناك حوالي 76 صيدلية، وهامش الربح الحالي في الصيدليات 13 في المئة فقط وهذا لا يُربح، وما يُربح هي الأمور الأخرى في الصيدلية مثل منتجات الأطفال وأدوات التجميل وغيرها». وأكد الماجد أن الجمعية ستستمر بتحركاتها السلمية لإقناع المسئولين بمرئياتها وبخطورة تنفيذ القرار على وضع المهنة في المملكة وما يحمله من تهديد بخفض رواتب الصيادلة في القطاع الخاص من جراء جلب عمالة رخيصة غير كفؤة.
العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ