بعثت لجنة حماية الصحفيين أمس الأول (الثلثاء) رسالة إلى عدد من كبار المسئولين البحرينيين، احتجاجا على ما أسمته «تدهور حرية الصحافة مؤخرا في البحرين وعلى الحملة الجارية التي تشنها الحكومة ضد المواقع الإلكترونية والمدونات الناقدة أو المعارِضة». وقالت: «نجم عن حملة التضييق ضد هذه المواقع حجب العشرات منها داخل المملكة، وفقا لما أفادته منظمات محلية ودولية معنية برصد حقوق الانسان وحرية الصحافة».

وأعربت لجنة حماية الصحفيين في رسالتها عن «قلقها» إزاء الحملة التي تستهدف المواقع الإلكترونية المستقلة أو الناقدة التي تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية وقضايا حقوق الإنسان، «ولاسيما على خلفية تصاعد حملة التضييق على الناشطين ورموز المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان. وأضافت «في كانون الثاني/ يناير، نشرت وسائل الإعلام المحلية القرار الوزاري رقم 1 / 2009 الصادر عن وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة الموجه لشركات الاتصالات والقاضي بحجب مواقع إلكترونية معينة دون سابق إنذار ودون إبداء أسباب محددة. وعلى إثر ذلك حُجبت عشرات المدونات والمنتديات والمواقع الإلكترونية التابعة لجماعات حقوق إنسان محلية وإقليمية».

وأشارت اللجنة إلى أن السلطات وصفت حملتها بأنها حملة ضد المواقع الإلكترونية الإباحية وغير اللائقة اجتماعيا، «إلا أن ما قامت به لجنة حماية الصحفيين من بحث وتقصي يُظهر أن مواقع العشرات من جماعات حقوق الإنسان والمدونيين المعارضين والمستقلين والمنظمات السياسية قد حُجبت في البحرين. وتنص المادة 2 من القرار بأنه (على شركات الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت حجب المواقع الإلكترونية الإباحية والمخلة بالآداب العامة)، ولكن المادة 1 تُلزم هذه الشركات بحجب المواقع الإلكترونية التي يصدر بشأن حجبها قرار من الوزير حتى لو لم تكن ذات طبيعة إباحية».

خدمة «غوغل» للترجمة محجوبة

وتابعت: يقول المدافعون عن حرية التعبير إن المدونات ومواقع الإنترنت التي تعتبرها الحكومة مصدرا للإزعاج والمضايقة كانت تحجب حتى قبل صدور هذا القرار. إلا إن لجنة حماية الصحفيين علمت من عدة مصادر أن عدد المواقع المحجوبة شهد زيادة مطردة في الآونة الأخيرة. كما علمت من مصادر عدة من داخل البحرين أن وزارة الثقافة والإعلام تستخدم تكنولوجيا متطورة قادرة على فلترة كلمات معينة وحجب المواقع. وتظهر عوضا عن المواقع المحجوبة شاشة تقول: «هذا الموقع مغلق لمخالفته الأنظمة والقوانين في مملكة البحرين». وفي 11 فبراير/ شباط، قالت وزارة الثقافة والإعلام لوكالة «رويترز» إن بعض المواقع الإلكترونية قد حُجبت بسبب مشكلات فنية وإن هذه المشكلات سوف تُحل. ولكن لجنة حماية الصحفيين علمت من مصادر محلية أن الدخول إلى العديد من المواقع التي حُجبت قبل 11 فبراير لايزال متعذرا حتى الآن. فعلى سبيل المثال، مازالت خدمة «غوغل» للترجمة محجوبة منذ ثلاثة أشهر حسبما صرحت مصادر للجنة حماية الصحفيين.

ونقلت اللجنة عن الناشط السياسي عبدالجليل السنكيس أنه أخبر لجنة حماية الصحفيين أن مدونته حُجبت يوم 10 فبراير بعد أن نشر عريضة لمجموعة دولية من المثقفين. وكان من جملة ما طالبت به العريضة رفع الحظر على سفر السنكيس. ورَحّل السنكيس كتاباته إلى موقع (آخر) ولكن لايزال الدخول إلى كلتا المدونتين من داخل البحرين متعذرا حسبما صرح للجنة حماية الصحفيين. وقالت اللجنة: «كما لاتزال مدونة محمود اليوسف... التي تتناول في جملة مواضيعها القضايا السياسية والاجتماعية محجوبة منذ سنوات في داخل المملكة».

كما نقلت الرسالة عن «معظم المصادر» قولها للجنة إن المنتديات التي تناقش المسائل الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية التي تعتبرها الحكومة حساسة هي الأكثر استهدافا على شبكة الانترنت. فقد تم حجب المنتدى السياسي «ملتقى البحرين» والمنتدى الثقافي «منتديات البحرين» والمنتدى الثقافي السياسي «الصرح الوطني». وعلاوة على ذلك، مازالت المواقع الإلكترونية التابعة لمركز البحرين لحقوق الانسان والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان محجوبة في داخل المملكة منذ أمد بعيد. كما يتعذر الدخول لعشرات المواقع التي تقدم خدمات الخادم البديل (proxy).

رقابة تعسفية على الأصوات الناقدة

ورأت لجنة حماية الصحفيين في رسالتها أنه «لا يجب حجب المدونات والمواقع الإلكترونية تعسفيا. ففي الحالات النادرة التي يكون فيها ما يبرر حجب أحد المواقع، يتعين على السلطات أن توضح الأسباب. وبغياب آلية كهذه، كما هو الحال الآن في البحرين، فإن السلطات تسترسل في فرض الرقابة تعسفيا على الأصوات الناقدة إذ تقوم ببساطة بحظر الوصول إليها تحت غطاء حماية الآداب العامة أو الوحدة الوطنية. ويُظهر البحث الذي أجرته لجنة حماية الصحفيين أن ذنب الكثير من المواقع المحجوبة داخل المملكة ما هو إلا تصديها لشواغل اجتماعية أو سياسية أو ذات صلة بحقوق الإنسان من منظور نقدي. ولا يجب أن يكون هذا وحده سببا في فرض الرقابة أو الحجب».

وأردفت اللجنة «تتناقض هذه الأفعال المتصلة بالرقابة مع عدة أحكام في الدستور البحريني الذي يكفل الحق في حرية التعبير. كما أنها تشكل انتهاكا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه البحرين العام 2006 الذي يضمن حرية الفرد في «التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها».

كما لفتت انتباه المسئولين البحرينيين إلى دعوتين قضائيتين رفعتهما وكالات حكومية مؤخرا بحق صحافيتين مستقلتين هما مريم الشروقي ولميس ضيف. وذكرت اللجنة أنها تعتقد بأن الدعوتين القضائيتين تتناقضان وروح الكلمة التي ألقاها رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في أكتوبر/ تشرين الأول 2008 والتي حث فيها وسائل الإعلام على «الاستفادة من أجواء الديمقراطية والحرية المتاحة بالمملكة» وعلى «ضرورة أن تكون الصحافة متحدثة صادقة باسم المجتمع البحريني تحكي واقعه اليومي المعاش وتساهم في إيجاد الحلول الناجعة لمشكلاته بحيادية وموضوعية».

وفي ختام رسالتها الموقعة باسم المدير التنفيذي جويل سايمون ناشدت اللجنة عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن يصدر توجيهاته إلى وزارة الثقافة والإعلام لإلغاء القرار الوزاري القاضي بحجب المواقع الإلكترونية الناقدة. وإصدار تعليماته للوكالات المعنية بإسقاط التهم ذات الدوافع السياسية بحق مريم الشروقي ولميس ضيف دونما تأخير.