أرجأت المحكمة الكبرى الجنائية المنعقدة يوم أمس (الأربعاء) محاكمة الكاتبة الزميلة مريم الشروقي في الدعوى المرفوعة ضدها من قبل ديوان الخدمة المدنية إلى 10 مايو/ أيار المقبل، وذلك لإطلاع محامي الشروقي على أوراق الدعوى وتقديم ردهم بالمذكرات الدفاعية.
وكانت جلسة أمس عقدت بشكلٍ سريع، إذ مثلت الزميلة الشروقي بمعية المحاميين أحمد العريض ورباب العريض أمام هيئة المحكمة الكبرى الجنائية المنعقدة برئاسة القاضي طلعت إبراهيم، وقدمت المحامية العريض إلى المحكمة ما يفيد وكالتها عن الكاتبة الشروقي، وطلبت من المحكمة مدَّ أجل للقضية، مع السماح لها بالاطلاع على الأوراق لتقديم الرد في الجلسة المقبلة؛ وذلك باعتبار حضورها لأولى جلسات المحاكمة.
وقد عقدت الجلسة القضائية برئاسة القاضي طلعت إبراهيم وعضوية القضاة محمد الرميحي وعلي الكعبي، وأمانة سر ناجي عبدالله.
وبُعيد انتهاء نظر المحكمة لقضية الزميلة الكاتبة، قالت الشروقي لـ «الوسط»: «رفعت لجنة حماية الصحفيين الأميركية يوم أمس (الأربعاء) خطابا إلى جلالة الملك، وبعثت بنسخ من هذا الخطاب إلى مجموعة من المؤسسات التي تُعنى بالحريات والصحافيين»، موضحة «تضمن الخطاب المرفوع إلى عاهل البلاد دعما وتأييدا لي في القضية المرفوعة ضدي من قبل ديوان الخدمة المدنية، وأكد الخطاب في مضمونه أن محاكمتي هو إنقاصٌ من دور الصحافة وحريتها واعتبرته إجحافا بحقي».
وأضافت الشروقي «أشار خطاب لجنة حماية الصحفيين الأميركية إلى أمور أخرى غير محاكمتي، ومنها حرية الصحافة بشكلٍ عام وحرية التصفح الإلكتروني».
وأردفت الشروقي «في جلسة المحاكمة اليوم (أمس الأربعاء) انضمت إلى الدفاع عني المحامية رباب العريض، وطلبت الاطلاع على أوراق الدعوى كونها تحضر لأول مرة، ثاني جلسات المحاكمة، كما طلبت العريض من هيئة المحكمة إعفائي من حضور جلسات المحاكمة، والاكتفاء بنيابتها عني، وقد وافقت المحكمة على طلبها».
وقالت الشروقي في هذا السياق: «تأجلت القضية إلى 10 مايو المقبل، وستكتفي المحكمة بمواصلة إجراءات المحاكمة من دون حضوري، وذلك بناء على الطلب الذي تمت الموافقة عليه».
وعبرت الشروقي عن بالغ أسفها لما آلت إليه الأوضاع، إذ أفادت: «إنه لمن المؤسف أن يقف الكاتب البحريني في عهد المشروع الإصلاحي الذي يرعاه جلالة الملك أمام القضاء متهما حاله حال المتهمين والمتورطين في قضايا المخدرات والدعارة والسرقة، في حين أن الكاتب له رسالة سامية يهدف من خلالها إلى الحفاظ على المصلحة العامة»، لافتة إلى «أن ما حدث اليوم مثال شاهدا لما نقول، إذ كانت المحكمة تشهد محاكمة مجموعة من أولئك المتهمين».
وفي ختام تصريحها قالت الزميلة الشروقي: «تبقى ثقتنا بنزاهة قضائنا كبيرة جدّا، ونتمنى أن تكون محاكمتي هي آخر محاكمة للكتاب والصحافيين الذين يسعون إلى تحقيق المصلحة العامة لا غيرها من الأمور».
يشار إلى أن محاكمة الزميلة الكاتبة مريم الشروقي تأتي إثر كتابتها مقالا عن التمييز الوظيفي في البلاد، وتقدم ديوان الخدمة المدنية برفع دعوى ضدها بسبب ذلك المقال.
وكانت الشروقي مثلت في أولى جلسات محاكمتها بتاريخ 3 مارس/ آذار أمام القضاء، إذ واجهتها المحكمة بالتهمة المسندة إليها من قبل النيابة العامة، المتمثلة (التهمة) في أن الكاتبة الشروقي في يوم 27 أغسطس/ آب 2008 بصفتها كاتبة في صحيفة «الوسط» أهانت في العدد 2182 ديوان الخدمة المدنية بأن وجهت إليه عبارات من شأنها الإساءة إليه والحط من شأنه بأن نعتته بعدم المساواة في اختيار من يتقدمون لشغل الوظائف الشاغرة على النحو المبين في الأوراق، إلا أن الشروقي أنكرت التهمة الموجهة إليها بخصوص كتابة مقال عن التمييز الوظيفي، إثر تقدم ديوان الخدمة المدنية برفع دعوى قضائية.
وتحظى الشروقي في القضية المرفوعة ضدها بتأييد ودعم العديد من المنظمات والفعاليات المحلية والدولية، وذلك إيمانا بحرية الصحافة والانتقاد البناء الهادف إلى المصلحة العامة.
وفي دعمٍ لموقفها تلقت الشروقي مراسلات بريدية عدة من منظمات حقوقية، بالإضافة إلى لجنة حماية الصحفيين العالمية، إذ أعلنت تلك المنظمات الموقف الداعم والمؤيد للكاتبة الشروقي، موضحة أنها بصدد متابعة سير القضية وتغطيتها.
من جهته، أوضح نائب رئيس جمعية الصحفيين عادل مرزوق أن «قضية محاكمة الشروقي ليست قضيتها فقط، بل هي قضية سلسلة من الصحافيين مازالوا يترددون على المحاكم جراء ما يمكن تسميته بموضة رفع القضايا ضدهم وفق القانون السيئ للعام 2002».
وأضاف أن «الجمعية تؤكد مساندتها ودعمها للزميلة الشروقي وتشكر في الوقت ذاته المحامي أحمد العريض على جهوده وترافعه»، مبينا أن «تضامن الصحافيين وعدد من الاتحاد النسائي ورجال الدين هو إحدى الرسائل التي ترسلها البحرين إلى العالم بشأن حريات الصحافة فيها». وشدد مرزوق على ضرورة تكاتف الجسم الصحافي في البحرين في هذا الوقت من أجل الخروج بقانون صحافة جديد يضمن الحريات ويكفل الحقوق.
وطالب المرزوق رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الزايد بسحب الدعوى لأنها تنال من حرية الصحافة التي تعد أداة التقييم والتصحيح لجميع الأجهزة الحكومية والمؤسسات.
وقال: «لابد أن يكون جميع وزراء الدول ومسئوليها مقدرين لدور الصحافة، لا أن يلقوا بهم في المحاكم الجنائية تحديدا، فمن اللافت للنظر أن القاعة التي تحاكم فيها الشروقي هي نفسها التي حوكم فيها متهمو الحجيرة، وبهذا نكون أرسلنا المزيد من الرسائل الخاطئة في البحرين إلى العالم أجمع».
العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ