شارك 200 باحث من 20 دولة في الحلقات النقاشية بالمؤتمر الدولي الأول عن الإعلام الجديد، الذي حمل شعار: «الإعلام الجديد... تكنولوجيا جديدة لعالم جديد»، والذي نظمه قسم الإعلام والسياحة والفنون بجامعة البحرين صباح أمس الأول (الثلثاء).
وبلغ عدد أوراق العمل التي قدمت أمس (الأربعاء) 25 ورقة علمية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية تم عرضها خلال 6 جلسات نقاشية، ويبلغ عدد الأوراق العلمية المتقدمة للمشاركة 84 ورقة، تمت الموافقة على 59 ورقة منها، ورفضت 25 ورقة عمل.
وكانت الجلسة الأولى عن الإعلام الجديد والمجتمع، إذ أكد الأستاذ بجامعة البحرين عدنان بو مطيع خلال ورقته التي حملت عنوان: «القفزة الإعلامية في دول الخليج العربي» أن هناك أزمة يشهدها العالم وهي أزمة المضمون الصحافي بسبب دخول بعض الإعلاميين إلى هذا المجال على رغم عدم امتلاكهم التخصص أو المؤهل المطلوب في هذا المجال.
وأوضح بومطيع أن بعض القنوات الفضائية أثرت على الجانب السياسي بشكل كبير، إذ إن هذه المحطات ساهمت بشكل كبير في استقرار بعض المجتمعات العربية، فضلا عن وقف بعض الإجراءات السياسية التي كان بالإمكان أن يتخذها بعض القادة.
كما لفت بومطيع إلى أن وجود الحركة القومية في البحرين أثرت على المد القومي للإعلام والذي لاتزال ملامح تأثيره واضحة على المجتمع البحريني.
من جانبها، قالت الأستاذة بجامعة قطر عزة مصطفى في ورقتها التي حملت عنوان: «العلاقة بين الوحدة وبعض المتغيرات الديموغرافية على استخدام الانترنت»: «إن هناك علاقة بين الوحدة واستخدام الإنترنت، فربما تكون الوحدة سببا في الإدمان على الإنترنت، أو ربما يكون الإنترنت سببا في حدوث الوحدة أو ما يسمى بالعزلة الاجتماعية التي تخلق بعد ذلك ما يسمى بالإدمان».
كما تطرقت مصطفى إلى مدى الانتفاع من خدمات الإنترنت، مبينة بعض مواطني العالم العربي لا يعرفون الاستغلال الأمثل للإنترنت، ما يؤدي إلى عدم انتفاعهم من هذه الخدمات.
من جانبه، أشار الأستاذ بجامعة المملكة رضا أمين في ورقته «استخدام اليوتويوب من قبِل الطلبة الجامعيين في البحرين» إلى أن استخدامات الشباب الجامعي لموقع يوتويوب أكثرها تكون لرؤية اللقطات الإخبارية الساخنة أو لمعرفة الأخبار، مبينا أن نسبة المستخدمين لهذا الموقع بشكل إيجابي عددهم كبير.
ولفت أمين إلى أن هناك بعض الشباب الذين يستخدمون اليوتويوب بشكل سلبي، إذ إن هؤلاء يحاولون الدخول إلى الموقع من جانب التسلية والتي تتمثل في الفضول والترفيه.
وأكد أمين أن 83 في المئة من الشباب يعتقدون بضرورة وجود «فلترة» على شبكة الويب وخصوصا أن هناك من يريد أن يستخدم هذه الفلترة لأهداف ثقافية أو دينية أو اجتماعية.
من جانبه، أكد الأستاذ بجامعة الإمارات العربية المتحدة قيس التميمي أن دول العالم العربي تفتقد لحرية التعبير، وحرية الكتابة وخصوصا أن هناك بعض الدول تفرض قيودا على قنوات الاتصال، مشيرا إلى أن هناك بعض القنوات الفضائية استطاعت كسر هذه الحدود، إذ إنها خلقت ما يسمى بالتنوع.
تكنولوجيا الاتصال أصبحت تتعارض مع الهوية الثقافية
أما الجلسة الثانية فكانت عن الأبعاد الثقافية والتعليمية في الإعلام الجديد، وقد تطرق من خلالها المناقشون إلى مدى تأثير الإعلام الجديد على الهوية الثقافية والتعليمية.
وقالت الأستاذة بجامعة حلوان في القاهرة فوادة البكري خلال ورقة عملها التي حملت عنوان: «وسائط الإعلام الجديدة والثقافات عبر الاتصال الثقافي»: «عند التطرق إلى تكنولوجيا الاتصال فإنها في إحدى الجوانب تكون عززت الهوية الثقافية، إذ تجعل المتلقي يتفاعل مع الحقائق والمعرفة ما يؤدي إلى زيادة مستوى الوعي ورفع مستوى المعارف لدى المتلقي».
وأضافت أن «الجانب الآخر لتكنولوجيا الاتصال هو سلبي نوعا مَّا، إذ إنه ربما يتعارض مع الهوية الثقافية والتي تشمل العادات والتقاليد والأعراف، إذ إن تكنولوجيا الاتصال ربما توصل رسالة تتعارض مع هذه الأعراف».
وأوضحت البكري أن تكنولوجيا الاتصال التي خلقت تقنيات متعددة ومتنوعة أثرت على الثقافات، متسائلة ما إذا يمكن تحاشي الاصطدام الذي سينتج عن كثرة قنوات الاتصال.
وبينت أن الهوية العربية باتت مهددة وخصوصا أن العرب باتوا مستهلكين للثقافة الغربية ما أدى إلى تأثر الهوية العربية نتيجة هذا الاستهلاك غير المحدود.
ولفتت البكري إلى أن الهوية الثقافية وهي الشيء الذي يميز الدول عن غيرها من باقي الدول عن طريق عاداتها ومعتقداتها ليست بشيء جامد وإنما هي شيء قابل للإبداع والتجدد، إنما ليس على حساب الانفتاح والانفلات بشكل كلي.
وذكرت البكري أن هناك فجوة في التبادل الثقافي إذ من المفترض أن يكون هناك تكافؤ بين ثقافة وأخرى وليس التبعية، مشيرة إلى أن التبعية ستؤثر على الهوية الثقافية بشكل ملحوظ.
وأشارت البكري إلى أن هناك قضية عدم وجود توازن إعلامي بين التدفق الذي بات يؤثر على الهوية الثقافية، إذ إن الفضائيات بدأت تزداد في الدول العربية، لافتة إلى أن هذه الفضائيات بدأت تغزو العالم العربي وتؤثر في هويته الثقافية.
كما تطرقت البكري إلى دور هذه الفضائيات التي باتت تستخدم أسلوب التشويق، من أجل تدمير الهوية الثقافية، إذ إن عنصر التشويق الذي أصبح يستخدم الآن يعتبر من العناصر الخطيرة التي تؤثر على الهوية الثقافية، مبينة أن استخدام هذا العنصر ما هو إلا من أجل الربح، إذ إن بعض الفضائيات تستخدمه لزيادة أرباحها وخصوصا أنه أصبحت تنوب عن الإعلام المقروء.
وبينت البكري أن الاستعمار في العصر الحديث بات عن طريق تكنولوجيا الاتصال، إذ إن الدول العظمى استطاعت أن تسلب الثقافة العربية ودفع العرب إلى تبني الثقافة الغربية، مؤكدة أن الحل الوحيد لإيقاف هذا الغزو هو الأخذ بالديمقراطية.
إلى ذلك، قال أحد الأساتذة بإحدى الجامعات الأردنية محمد القضاة في ورقته: «إن قوانين الحظر التي تقوم بها بعض الدول على بعض وسائل الاتصال حفاظا على هويتها الثقافية هي من أكثر الدول المعرضة لمحو هويتها الثقافية(...) إن الدول المتميزة بثقافتها والتي بإمكانها المحافظة عليها هي الدول التي تواجه وتحارب غور الثقافات بطرق حضارية».
وأضاف أن «تقنيات وسائل الاتصال بكل ما تحمله من تقنيات وعلى رغم إيجابيتها، فإن هناك مشكلة عدم التوازن وخصوصا أن ثقافة المتلقي أصبحت أقل من المستوى المطلوب، لذلك لابد من خلق موقف للمثقف حتى يكون قادرا على مواكبة المستجدات، مع ضرورة أن تكون هناك خطط لمواجهة التقنيات التي تهدد المتلقي أو ثقافته وخصوصا في ظل نشر ثقافة العولمة التي باتت تهدد المتلقي نفسه».
كما تطرق القضاة إلى دور النظام الجديد وتجليات الدول العظمى في تفتيت القوميات العربية ومحو الثقافة العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن الثقافة التي تعتبر عنصر تواصل بين الشعوب أصبحت أداة مهددة.
كما لفت القضاة إلى دور الصحافة المكتوبة، مطالبا بعدم الاكتفاء بالأخبار السياسية، إذ إنه لابد نشر الثقافة عن طريق الصحافة وخصوصا في ظل المتغيرات التي يواجهها العالم الآن.
كما تطرقت جلسات المؤتمر إلى محور الاتصالات المتقاربة والذي احتوى على 5 أوراق عمل قدمها المشاركون من مختلف البلدان، كما تم التطرق إلى محور مصادر المعلومات التقنية ومعلومات الإنترنت.
يذكر أن أعمال المؤتمر تختتم أعمالها اليوم برفع التوصيات والنقاشات التي توصل إليها المشاركون في المؤتمر.
العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ