العدد 2898 - الخميس 12 أغسطس 2010م الموافق 02 رمضان 1431هـ

سقوط الأقنعة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء خبر إعلان وزارة الدفاع الأميركية «أنها أبلغت الكونغرس عزمها بيع صواريخ باتريوت اعتراضية متطورة للكويت التي تسعى إلى حماية أراضيها من تهديد إيراني محتمل».

ونقلاً عن بيان صادر عن وكالة الأمن الدفاعي في وزارة الدفاع الأميركية فإن «الكويت تسعى للحصول على 209 من صواريخ باتريوت الاعتراضية المتطورة تصل قيمتها إلى 900 مليون دولار. وأضافت أنها أرسلت موافقتها على هذا الطلب إلى الكونغرس».

ولفت البيان إلى أن «صفقة بيع الصواريخ ستعزز أمن دولة حليفة غير عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تعتبر قوة مهمة لضمان الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط، وإلى أن الكويت تحتاج إلى هذه الصواريخ لمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية التي تشكلها أسلحة الأرض - جوّ الخاصة بالأعداء، كما أنها ستستخدم هذه الصواريخ كدرع في مواجهة الأخطار الإقليمية ولتعزيز دفاعها عن أراضيها».

هناك الكثير مما يمكن ان يقال بشأن التبريرات التي حاول بيان وكالة الأمن الدفاعي بشأن حاجة الكويت، أو جدوى اقتنائها مثل هذه الأسلحة المتطورة في الدفاع عن أمن الكويت وحماية أراضيها. ولربما آن الأوان كي يقتنع الجميع أن زمن المكابرات قد ولّى، وأن الحقائق قادرة دوماً على دحض الإدعاءات. تكفي الإشارة إلى الغزو الذي قام به الرئيس العراقي السابق صدام حسين في العام 1990، لنسف كل الأقاويل التي تروج لإمكانية دولة خليجية صغيرة، بعدد سكان محدود مثل الكويت أن تواجه غزواً تقوم به دولة كبرى في المنطقة، في حال عزمت تلك الدولة، كما فعل صدام حسين، على غزو الكويت.

كل الدلائل أشارت ولاتزال تشير إلى أنه في حال وقوع مثل هذا الغزو، فليس أمام تلك الدولة الخليجية الصغيرة من خيار سوى، الاستنجاد بإحدى الدول الكبرى، ودفع الثمن الباهظ الذي ستفرضه عليها تلك الدولة، لقاء موافقتها سياسياً ومشاركتها عسكرياً في إنقاذ تلك الدولة الصغيرة من براثن الغزاة.

ما أهم من ذلك كله هو السؤال: لماذا تكشف الولايات المتحدة الأميركية عن القناع الذي تستّرت خلفه طيلة السنوات التي تلت دخولها العراق، وتقوّلها علناً إنها ستعود من جديد إلى تسليح المنطقة، سواء بطلب من دولها الصغيرة، أو بقرار من الدول الكبرى ذات المصالح الضخمة في المنطقة، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة؟

هناك أكثر من سبب يقف وراء هذه الإستراتيجية الأميركية، لكن السبب الأقوى الذي يدفع الإدارة الأميركية إلى إعادة حُمّى التسلح إلى المنطقة هو عمق غوصها في الأزمة المالية التي لا تزال ممسكة بتلابيب الاقتصاد الأميركي بغضّ النظر عن ادعاءات واشنطن المخالفة لذلك. إذ لا تزال الإدارة الحالية في واشنطن غير قادرة على انتشال نفسها من أوحال الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد الأميركي في العام 2003، وما زال يعاني من ذيولها.

ولكي نكون أكثر دقة، ينبغي التأكيد على أن صفقات التسلح، مهما بلغت أقيامها، لن تكون الوحيدة المنقذة في هذا الميدان، فهناك أيضاً تلك المتعلقة بقطاع الطاقة التي تجني من ورائها الشركات الأميركية مليارات الدولارات التي تغذي بدورها الخزينة الأميركية عبر قنوات كثيرة ليست الضرائب سوى أحد أشكالها. لكن تبقى لصفقات السلاح أبعادها السياسية التي تجعل منها قطاعاً أكثر إغراءً للأميركان، والذي يبيح لهم نزع كل الأقنعة، والإفصاح عن الكثير مما يحرصون على إخفائه. كل ذلك من أجل ضمان سيطرتهم على السوق العالمية للسلاح، وخاصة في البلدان الأكثر غنى والأقل قدرة على الدفاع عن نفسها، والتي تشكل دول مجلس التعاون النموذج المثالي له.

يمكننا الإشارة هنا إلى تقرير معهد استوكهولم لأبحاث السلام الدولي، الذي نشره موقع «إسلام أونلاين»، في مطلع العام 2009، موضحاً أن دولة الإمارات العربية المتحدة «احتلت المركز الثالث في قائمة أكبر مستوردي السلاح في العالم في 2008 وللعام الخامس على التوالي, بعد حصولها على 6 في المئة من واردات السلاح في العالم خلال الفترة من 2004 إلى 2008. وأن الإمارات تستورد نحو 12 في المئة من صادرات الولايات المتحدة العسكرية، وكانت شركة لوكهيد مارتن الأميركية، التي تعد أكبر شركات تجارة السلاح في العالم، قد أعلنت مؤخراً أنها على وشك التوصل لصفقة بقيمة 7 مليارات دولار لبيع نظام الدفاع الصاروخي المتطور «ثاد» إلى الإمارات خلال 18 شهراً، مشيرة إلى أن عملية تسليم النظام سوف تبدأ بعد العام 2012».

دراسة أخرى صادرة عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن ونشرها موقع «العرب أونلاين» كشفت أن «الإنفاق العسكري لدول الخليج العربي خلال عامي 1998 - 1999، شكّل 70 فى المئة من الإنفاق العسكرى العربي، أي نحو 29.5 مليار دولار. كما ستحصل الإمارات أيضاً على ذخيرة وصواريخ لهذه الطائرات بقيمة إضافية قدرها (1.3) مليار دولار، كما وقعت الكويت في نهاية العام 2002 صفقة أسلحة أميركية تصل قيمتها إلى ملياري دولار تشتري الكويت بمقتضاها 16 طائرة من طراز أباتشي بدأ تسليمها في العام 2005 وصواريخ جو - أرض ومحركات من طرازات مختلفة».

من هنا وبغضّ النظر عن التبريرات الأميركية، فقد سقطت كل الأقنعة، وأطل وجه أميركا القبيح مرة أخرى لاهثاً وراء النفوذ أولاً وجني الأرباح الطائلة ثانياً.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2898 - الخميس 12 أغسطس 2010م الموافق 02 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:52 ص

      الخـــــــــــــــــراج الأمريكــــــــــــــــــــــــي

      هل هذه المضادات الجوية للكويت ام لامريكا.
      هل هي تخدم المصالح الكويتية ام الامريكية
      --
      فهي صواريخ امريكية تدار من قبل امريكا وتخدم مصالحها.
      --
      وكقاعدة عسكرية امريكية كان من المفروض كباقي القواعد الاخرى في العالم ان تدفع امريكا اجارا سنويا مقابلها.
      --
      اذا لماذا تتدفع الكويت هذا المبلغ الضخم لامريكا.
      --
      الاجابة واضحة جدا .. انه الخراج المفروض على هثل هذه الدول.

    • زائر 4 | 4:33 ص

      من هو ذي الوجه القبيح؟؟؟؟؟

      الا تعلم كافة البشرية بصاحب الوجه القبيح ياحضرة الكاتب؟؟؟؟ واذاكانت كذلك فمن يتعامل معها اقبح لانه يعرفها مسبقا !! ولماذا لاتلوووم من يسبحووون في فلكها .... ؟

    • زائر 3 | 3:58 ص

      أمريكا تسير والعرب وراءها

      دولة واحدة لا يتعدى سكانها 80 مليون نسمة تقف في وجهة امريكا وقفة الند للند و22 بلد عربي لا اعرف قد يفوق تعداد سكانها مجتمعة 400 مليون نسمة تعيش التبعية العمياء لمصالح أمريكان وكل ما يردد قادتها ردا على امريكا (حاضر عمي) ويريدون من شعوبهم ترديد نفس الكلام لهم (حاضر عمي) أصبح العرب محل الطنز والإستهزاء في العالم فشلونا في كل مكان

    • زائر 2 | 2:10 ص

      اخافوكم بالعراق امس ويخيفونكم بايران اليوم ؟؟؟؟

      هل من متذكر ؟ هل من متعض ؟؟؟؟؟
      بالأمس اخافوكم بالعراق واليوم يخيفونكم بايران الم تتعلموا الدرس تفتحون خزائنكم لهم وشعوبكم في أمس الحاجة لما تنفقون تصالحوا مع شعوبكم
      فهم امانكم ودرعكم والاستنفقون وتنفقون الى ما نهاية وهم مصدر خوفكم الوحيد الذي يجب منه تحذرون هل تعقلون راجعوا انفسكم وتنادوا في مؤتمراتكم ياأولي الالباب وربما كان القادم ادهى وامر لكم خاصة بعد ان وضعتم اعناقكم في أيديهم وتنكرتم لشعوبكم وبخلتم عليها ....

    • زائر 1 | 11:18 م

      كل في فلك يسبحون

      استراتيجية خاصة وعمودية وأفقية .. إن ما يتم تصريحه من قبل هؤلاء والواقع الذي يكشف سقوط الأقنعة يتضح أن هؤلاء يسبحون في فلكهم الخاص وأجندتهم الخاصة والكل له أجندة خاصة تفوق على المصالح العامة والكونية والباقي مجرد تبعا .. مع تحيات Nada Ahmed

اقرأ ايضاً