في واقعنا الإنساني نجد في أحايين كثيرة تستوقفنا أعمال خيرية رائعة، يؤديها أفراد أو جماعات أو مؤسسات في مجتمعاتنا البحرينية، لا من أجل أن يحصلوا على مقابل مادي ولا من أجل أن يشكرهم الناس على الجهود الكبيرة التي يبذلونها، بل كل ما يريدونه من ذلك العمل هو الأجر الثواب من رب العباد ليس إلا.
ومثل هؤلاء لو حاولنا معرفة عددهم سنجدهم يشكلون رقما كبيرا في مجتمعنا الطيب، لم نبالغ في هذه المسألة، إنما ما نقوله حقيقة ثابتة يستطيع كل إنسان مشكك أن يعرفها من الذين يشتغلون بالأعمال الخيرية والإنسانية والذين ينتشرون في قرى ومدن البحرين.
فلولا وجود العدد الكبير من أولئك الأخيار الطيبين في مجتمعنا، لما وجدنا حجم الإنفاق الكبير الذي يبذل في سبيل الخير من مختلف المؤسسات والصناديق الخيرية والإنسانية التي يزيد عددها عن100 مؤسسة خيرية وإنسانية واجتماعية، أليس ما تنفقه تلك المؤسسات الخيرية والإنسانية من الإيرادات التي حصلت عليها من أبناء هذا البلد الطيب ومن المؤسسات التجارية ومن البنوك والمصارف.
بطبيعة الحال تلك الأموال التي تتحصل عليها المؤسسات الخيرية لم تأت إلا بوجود الكوادر البشرية التي طوعت نفسها على العمل التطوعي لخدمة الفئات الاجتماعية المحتاجة للعون والمساعدة، فمجتمعنا عامر ولله المنة والحمد بأصحاب النفوس الإنسانية الراقية، فمن أنعم الله عليه بوفرة في المال والرزق، ولم يجد لديه وقتاً للعمل في المؤسسات الخيرية، تراه يبذل بسخاء لدعم كل عمل خيري أو إنساني في مجتمعه، ومن يجد نفسه أنه غير قادر على الدعم المادي، ولكنه قادر على الدعم بالجهد والوقت، تجده لا يقصر ولا يتردد في تقديم كل ما يستطيعه من جهد ووقت في سبيل تنمية العمل الخيري في مفاصله المختلفة، وهناك من تراه يبذل المال والجهد والوقت من أجل تطور العمل الإنساني في اتجاهاته المتنوعة.
ما أردت الإشارة إليه هو أننا في مجتمع عرف بدعمه الوافر للخير في مختلف اتجاهاته الإنسانية وهذا الأمر ليس خافياً على المشتغلين في الأعمال الخيرية والإنسانية على وجه الخصوص، فهم أكثر الناس معرفة وعلماً بهذه المسألة لعلاقتهم الوثيقة بأصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الإنسانية الراقية، فهم يعلمون بحجم العطاء ويعلمون بحجم الإنفاق في هذا السبيل الخيّر.
وفي مجتمعنا نجد أناساً لا نستطيع تحديد عددهم بدقة أياديهم مبسوطة دائما للأعمال الخيرية، لا يترددون أبدا في دعم ومساندة الأعمال الخيّرة ولا يحاولون إبعاد أنفسهم عن الساحات الخيرية التي يرجى من ورائها الأجر والثواب الأخروي، فهم واثقون ومتيقنون أن ما يقدمونه بعين الله وفي سبيل الله، وهم مطمئنون أن ما يقومون به من عمل صالح لن يضيع عند الله عزو جل، وهم يعلمون أن كل فلس يدفعونه للأعمال الخيرية يكون ضمانة خيّرة في الآخرة.
لهذا تجدهم يبذلون بسخاء يفوق كل التصورات والتوقعات.
حل علينا شهر رمضان ضيفا كريما ومباركا، وسنجد أصحاب النفوس الطيبة من أبناء هذا البلد الطيب يتقاطرون على الجمعيات والصناديق الخيرية لتقديم ما يستطيعون من التبرعات العينية والمادية وهم يرجون رضا الله تعالى، ومثل هؤلاء لا يجوع ولا يعرى أحد من الناس في أوساطهم.
في شهر رمضان المبارك الماضي جاء أحد المحسنين إلى صندوق مدينة عيسى الخيري متبرعا بـ500 دينار، ثلاثمئة منها لمشروع الإفطار الجماعي الذي ينظمه الصندوق لأبناء المنطقة في ليالي السبت في كل عام، والباقي من المبلغ طلب صرفه لإفطار الأسر المتعففة.
ولم يكن مشروع إفطار الأسر المتعففة ضمن أجندة الصندوق، ولأنه وجده سنة حسنة فسارعوا لتنفيذه، وتمكنوا بفضل الله سبحانه وتعالى من إيصال الإفطار إلى 100 أسرة متعففة.
لن أصف إليكم ما أحدثه هذا المشروع الإنساني في نفوس الأسر المتعففة، لقد ترك أثرا إيجابيا كبيرا في نفوسهم، هذا ما عبروا عنه بالاتصالات الهاتفية والمباشرة.
ما أردت قوله إن مثل هذا المحسن نراه في كل بقعة في وطننا العزيز وفي جميع قرى ومدن محافظاتنا الخيّرة فلهذا نقول من حق هذا الوطن أن يفخر بأهله الأخيار والأبرار الذين لا يريدون الجزاء والثواب إلا من الله تعالى، ومن حقه أن يعتز ويتفاخر بهم في جميع الميادين الخيرية، ومن حقه أن يرفع رأسه وهامته عاليا في كل المحافل الإنسانية لما يقدمه أهل هذا البلد الحبيب.
سلمان سالم
لم نعد كالسابق، كل ما فينا تغير، الصباح والقهوة وحتى الفنجان، أبعاد المرآة ليست حقيقية، الأمطار ملوثة، لوثتها سحابات الدخان، هشاشة النسيم ومكانس الطرقات.
يختفي كل ما هو جميل، حتى الوجوه الرائعة تتبدل، براءة الأطفال تنقرض، وتذبل الأزهار والروح المفعمة بالحب، شاشة التلفاز باتت ألوانها باهتة لا حياة فيها، وحتى الأسماء لم تعد كما كانت.
الشعر والغناء، القلم والورق، أين كان وأين الآن؟ رائحة الورد يخنقها التراب ويدمر فيها عنفوان المساء، والليل، ماذا أقول عن الليل؟ مازال وحيداً فينا يبكي، ينتظر الصبح أن يتنفس.
وعلى آخر «حبة بندول» تنبهت إننا نعيش على أرضٍ مِيزتُها الدوران.
حينها بدت لي نافذة الغرفة وقد عبر منها ضوءٌ خافت، لم أفكر في ماهية هذا الضوء أو في خصائصه الفيزيائية، ولا حاجة لي أن أفكر، مادامت مدلولاته عندي مختلفة، فهو الصفاء، النقاء، العفوية والقلب الطاهر. عندها أدركت بأننا لن نستطع الاستمتاع بسيمفونية هادئة مادمنا لا نمتلك حس السمع ولن نستمتع بلوحة فنية طالما كان غائباً فينا حس البصر.
وعلى حين غفلة بدت لي نقطة التحول.
حوراء التوبلاني
إن أكثر المصائب التي يتعرض لها البشر بشيوخه وشبابه ناتجة عن الانغماس في الذنوب، ولو ألقينا نظرة عابرة على تاريخ الأمم والشعوب السالفة التي لم يبقَ منها سوى الاسم لاتضح لنا أن الأسباب لتحللها وانهيارها هي الفساد والانغماس في معصية الخالق، فالمريض إذا تمرد على تعليمات طبيبه يطول مرضه ولا يبقى ثمة أمل بشفائه وكذا المجتمع اذا تمرد على أوامر الخالق وأحكامه يسير يوماً بعد آخر نحو الانحطاط والتحلل، أما من يطمح للمعالي ويتوق للفضائل فلا بد له من اجتناب الرذائل والمعاصي، والحر هو من يعف نفسه عن الأهواء ولا تنطوي سريرته على اقتراف الذنوب، لأن نية الذنب وحدها وإن لم يرافقها عمل تؤدي إلى تعكير صفو القلب، إذاً فالإنسان إذا أراد السير على نهج الحياة الإنسانية ينبغي له اتباع سلسلة من الأصول المعينة ومن الطبيعي أن اتباعها يكبح بذلك جماح أهوائه ونزواته في المواقف التي تفرض عليه الانفلات من تلك الحدود .
إن المذنبين الذين أفلحوا في التوبة إلى الله توبة حقيقية وطهروا أنفسهم بفضل الله وفي ظل رحمته من السيئات والمعاصي يستشعرون الراحة والطمأنينة في أنفسهم بعيداً عن هواجس الذلة وكأنهم لم يقترفوا ذنباً .وكما قال النبي محمد (ص) :التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
فالتوبة تشبه خلع الثياب القذرة وارتداء ثياب نظيفة وطاهرة بدلا منها، أو هي كالاغتسال وتطهير البدن، وصفوة القول إن الإنسان القادر على صيانة ذاته من أنواع الذنوب والمعاصي والمحافظة على نقاء فطرته وصفائها يدخل في عداد الناجين والسعداء يوم الحساب الذي لا مفر منه .
وقد أجاد الشاعر في قوله :
اشرب فؤادك بغضة اللذات
واذكر حلول منازل الأموات
لا تلهينك عن معادك لذة
تفنى وتورث دائم الحسرات
إن السعيد غدا زهيداً قانعاً
عبد الإله بأحسن الأخبات
قصة وعبرة
دعا النبي نوح (على نبينا وآله وعليه السلام )على الكفار من قومه وأخذهم الطوفان، ظهر له ملك - وكان النبي نوح يعمل في صناعة الجرار، فكان يصنع الجرة من الطين وبعد أن تجف يبيعها - فكان الملك يشتري منه الجرار واحدة واحدة ويكسرها أمامه، فغضب نوح وسأله عن سبب فعله هذا . فقال له :الأمر لا يعنيك، فأنا قد اشتريتها وأمرها إليّ . فقال له نوح عليه السلام :صحيح ولكن أنا الذي صنعتها، وهي من صنعي .قال له الملك :أنت صنعتها ولم تخلقها ومع هذا فقد غضبت على كسرها، فكيف دعوت على كل عباد الله فهلكوا مع أن الله خلقهم ويحبهم فبقي من بعد هذه القضية يبكي وينوح حتى سمي نوحاً لكثرة نياحه، والغرض من هذه القصة هو الإشارة إلى شفقة الخالق، فهو تعالى يحب مخلوقه.ومن هنا يعاتب نبيه :لم دعوت على كل هؤلاء الناس فهلكوا. ويستفاد من هذا أن الله تعالى يحب عبده، وهو في القرآن يحذر عباده من الشيطان ويوصيهم بعدم الاغترار بالدنيا لأنها دار خداع الشيطان .
يستفاد من هذه الروايات أن من يقترف الذنوب والمعاصي ثم يندم على عمله ويعود إلى ربه تائباً، يفرح الله بتوبته لأنه يحب عباده ولا يريد لهم العذاب بالنار.
منى الحايكي
عاهد ربه بأن يُسخِّر كل ما وهبه الله إياه من معرفة وقدرة، ووفقه إليه من علم ومعرفة في خدمة بلده وأبنائه وخاصة المحتاجين منهم. شعر بعظم المسئولية فانبرى لها يحملها ويتحملها ويؤديها بأمانة وإخلاص قلّ مثيلهما. ذلك هو الفقيد أحمد التحو الذي انتقل إلى جوار ربه قبل أسابيع وهو على وفاءٍ بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام خالقه وبرّ ببلده وناسه ومجتمعه.
بفقدان الأخ والصديق أحمد التحو فقدت البحرين أحد أبنائها البارين وفقدتُ صديقاً وزميلاً رائعاً، تعرفت عليه منذ الصغر في «فريق المخارقة» ولم يفرقنا الزمن بل فرقنا قضاء الله وقدره. عرفته طالباً في المدرسة وعشنا حياة الطفولة كما يعيشها وعاشها الآخرون في تلك الفترة وتواصلت علاقتي بالمرحوم حتى وافاه الأجل المحتوم. لم أفارقه أبداً حتى عندما دخلت وزارة التجارة ومن ثم مركز المعارض وأخذت التزامات العمل جل وقتي. بل على العكس من ذلك، توطدت العلاقة بحكم التعامل معاً في الحياة العملية والمشاركة سوياً في الحياة الاجتماعية حيث كان المرحوم من الناس الذين يثابرون على زيارة المجالس مشاركاً الناس أفراحهم وأتراحهم حيث لا يترك مناسبة من دون تأدية واجب المشاركة فيها مهما كانت وأينما كانت.
كان رحمه الله من الذين ينكرون الذات في العمل التطوعي ويعطيه الكثير من وقته واهتمامه. لذلك افتقدته كما الآخرين في الدورة الحالية لغرفة تجارة وصناعة البحرين. فلقد كان نشطاً في الدورات السابقة وما كان تخلفه عن خوض الانتخابات الماضية إلا بسبب المرض الذي ألّم به. وكان غيابه بمثابة الخسارة الفادحة للقطاع التجاري ولصغار التجار وعلى وجه التحديد تجار الذهب والمجوهرات حيث كان دوره بارزاً في هذا القطاع.
لقد كان رحمه الله من الناس الذين يُبلون بلاءً حسناً في خدمة الآخرين وكان من السابقين دائماً إلى العمل التطوعي وعمل الخير حتى أصبح صديقاً لكل من عرفه وتعامل معه. فلا غروَ إن افتقدته وافتقده الكثير من الناس. رحمه الله وأسكنه جنة الخلد جزاء ما قدمه لبلده ومجتمعه وناسه في حياته.
كاظم عيسى السعيد
نالت ما نالت من العلم وحازت على الشهادة العليا المتوسطة الابتدائية وحتى الأمية، هذا ما أملت عليها سنة الحياة والدين والإسلام الحنيف تبعا لحديث سيدنا المصطفى (ص) إذ قال: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.
وبعد الانتهاء من ضغوطات الدراسة وتبعيتها وعناء المثابرة منهن من توفقن في الحصول على وظيفة ومنهن جلسن في البيت وأخذن يزين البيت بشقاء عمرهن وسنين حياتهن وثمرة فؤادهن وهي الشهادة وشهادة التفوق، أو من ناحية أخرى الفتيات اللاتي اكتفين بالثانوية العامة أو الإعدادية حتى، جميعهن ينتظرن قدوم وليف الحياة وشريكها وفارس أحلامها.
والوالدان أيضا بعد ما غرسا غصن الورد في التربة المهيأة للمنبت واسقوها ماءها ورعوها حق رعايتها وترعرعت وأينعت وحان قطفها، وتمنوا لابنتهم نِعم الرجل وكماله في سمعته وأخلاقه وفي عمله وأحواله، فتأخر رزقها وشريك حياتها برهة من الزمن وأخذ العمر يخطو بها نحو الأمام رويدا رويدا وأخذ التفكير السلبي والوسوسة تدنو منها شيئا فشيئا، وبعد اكتمال نصاب الصبر ومرارته أتى العريس اليافع الموعود وقد ساقه الله إليها انقشع بُثور الانكسار وتشحب الوجه، ارتسمت البسمة العطشانة على ملامح وجهها استقبلوه كأنه ملاك من عند الله هبط إليهم فرشوا له الأرض بالرياحين والفواكه المشكلة والحلويات المزركشة والأبخرة المعطرة.
ونصبوا له الشباك ووقع فيه باقتناع وترحاب وأدب واحترام وجاء دور الأم والخالة والجدة كالعضيد والسند والمحامي المعتمد وقمن بالتفنن وملء الشروط والطلبات، وبداية الغيث قطرة، حيث بدأن بقصم ظهره بالمهر 1500 دينار تليه حفلة في الصالة الفلانية بكلفة 1800 مع الأغاني الصاخبة و(الدي جي) والبوفيه وبعد ذلك حفلة في المأتم الفلاني يليه أيضا العصير والسندوتش والمرطبات والمياه المعدنية بكلفة 1000 دينار تقريبا وهذا كله للنساء طبعا، ووجبة عشاء عامة تشتمل على جميع أنواع الفواكه والمياه المعدنية لأهل منطقته والمدعوين الأجانب بكلفة 1200 دينار، هذا في فترة الخطوبة.
ناهيك عما سوف يرصده لإعلان وإشهار الزواج وهو وجبة عشاء عامة أيضا بالمناسبة بكلفة 1200 دينار تقريبا وسوف يشد الرحال إلى شهر العسل، ولا يتحقق ذلك إلا بموازنة قدرها 1200 دينار على أقل التقدير قد أُعدت وهُيأت لهذا الزواج الفريد من نوعه، وتكاليفه ما يقارب 8000 دينار، وكثير من الشباب أعرضوا وأحجموا عن الزواج بسبب هذا الرقم المخيف والمرعب.
ما أحلى أيام الزواج وما أقدسها وأمتعها وأصفاها، لكن بعد انقضاء تلك الأيام الحلوة الممزوجة بالشهد وتلاشيها السريع تأتي الأيام المثقلة والمرهقة بالدين والقرض المقيت الذي تحمله وانغمس في وحله لأجل تكوين هذا العش الزوجي السعيد، مصحوبا بمرارة الهم الليلي والذل النهاري وعندها يبدأ الضنك المعيشي ويحل شبح التقتير والتقصير ويجد الفقر له موطأ قدم في فناء عش الزوجية يتخلله مشاكل تعكر صفو عسل الحياة إلى انقضاء قرض البنك والسلف.
نوصيكم بتقوى الله عز وجل والحفاظ على العريس ومقدمه وقوامه، وترك زبرج الدنيا وزخرفها وأوساخها.
مصطفى الخوخي
العدد 2898 - الخميس 12 أغسطس 2010م الموافق 02 رمضان 1431هـ
الى مصطفي الخوخي
كلام سليممم شفائدة العرس إذا أولة دين وسلف وطرارة