لاشك أن لدى كل عضو برلماني أو بلدي مقترحات بقوانين ومشروعات قدمها ويعتزم استكمالها حتى تخرج إلى حيز الوجود، وهذا حق مشروع يكفل عدم ضياع الجهود ونسب الإنجازات لأشخاص لاحقين قد لا تكون لديهم الدراية الكافية بمفاصل العمل التشريعي والرقابي.
إلا أن الأسوأ هو أن يأتي إعادة ترشح عضو حالي لدورة جديدة على حساب مصالح المواطنين، أي تتقدم مصلحته الذاتية على العامة، فيجنح إلى تغليب ذاته مهما تكن التضحيات والخسائر.
إقرار تقاعد النواب والبلديين في الفصل التشريعي الثاني نزل كالصدمة على شريحة واسعة من المواطنين، لا تقل عن دويّ قنبلة هيروشيما التي ألقتها الولايات المتحدة الأميركية على اليابان، وتأثيرها قد يتجاوز وجع استقطاع التأمين ضد التعطل، وخصوصاً أن النيابيين يتقاضون مكافأة من الدولة توازي رواتب 10 موظفين يحصلون على 200 دينار شهرياً، ولدى كل منهم مسكن مؤجر وأطفال يدرسون في المدارس الحكومية، ويجدون أنفسهم أحياناً مضطرون إلى اللجوء للمستشفيات الخاصة ولا يملكون ثمن الدواء.
إذا كنا نصبو إلى تجربة ديمقراطية حقيقة قائمة على العدل والمساواة، فعلينا التحرك للمطالبة بإلغاء هذه المبالغ التي ستصرف لتقاعد النواب والبلديين، إذ إن أبسط قواعد الإنصاف عدم أخذ من قضوا 40 عاماً ممن يكدحون ليلاً ونهاراً بموازاة من جاءوا كعابري سبيل فمضوا بضعة أشهر وعادوا إلى قواعدهم سالمين.
ومع تقديرنا لأعضاء مجالس العام 2002 ممن وضعوا اللبنات الأولى للعمل التشريعي في البحرين، وأسسوا قواعد صلبة راسخة استطاع أن ينطلق منها من تبعهم، فصرفت لهم الرواتب التقاعدية، إلا أن المأساة يجب أن لا تكون كالكنز الذي يلهث وراءه من يمتلك الكفاءة الحقيقية ومن يريد الثراء السريع على حد سواء.
ومع احترامنا لكل من ساهموا من بلديين حاليين في تطوير مناطقهم ورصف شوارعها وتزيينها بالأشجار، وتزويدها بالألعاب والمرافق الخدمية الأخرى التي تشمل الصرف الصحي والإسكان وأعمدة الإنارة وغيرها، والنواب الذين وقفوا وتصدوا للدفاع عن مصالح الشعب والمطالبة بتحسين وضعه المعيشي والاجتماعي والقضاء على مشكلة البطالة، إلا أنه يجب لا يعتاشوا على أحزان الناس وهمومهم وقضاياهم التي لاتزال عالقة، فلا يقبلوا على أنفسهم الحصول على أموال يمكن استغلالها في القضاء على المشكلة الإسكانية المعقدة، وبناء المزيد من المدارس والمستشفيات والجامعات الوطنية، وخصوصاً في ظل زيادة وتيرة التجنيس وما صاحبها من طفرة سكانية متزايدة.
الموازنة عقبة حقيقية تواجهها الحكومة أمام إنشاء الكثير من المشروعات التنموية، فلاتزال الاختناقات المرورية في الشوارع الرئيسية والفرعية تستنزف من الأعصاب عنفوانها، وتسريح الكوادر الوطنية من الشركات الخاصة إثر تداعيات الأزمة العالمية يسير على قدم وساق، ومرضى السكلر يواجهون الموت برباطة جأش ويدفعون ثمن ضعف الخدمات الطبية في مواجهة زحف المراجعين الرهيب، فأي مكافأة تقاعدية ينشدها ممثلو الشعب فيما الوطن كل الوطن لايزال يترقب المزيد من المبادرات ليتعافى ويستعيد طاقته من جديد.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2897 - الأربعاء 11 أغسطس 2010م الموافق 01 رمضان 1431هـ
صح لسانك
مقال رائع البيزات ماحد يعيفهالو من كان