العدد 2897 - الأربعاء 11 أغسطس 2010م الموافق 01 رمضان 1431هـ

التناطح... بالتاريخ

محمد حسن كمال الدين comments [at] alwasatnews.com

بين التاريخ وفلسفة التاريخ علينا أن نتذكر أننا إذا رغبنا في الوصول إلى الاستدلال العقلي في التاريخ لابد أن نعرف التاريخ ونقرأه من جهاته الأربع، حتى نحصل منه على دروس في الرصانة، ثم علينا أن نتذكر أن أقصى ما يمكن أن يتناوله المؤرخ من أبعاد الماضي... هو الاهتمام بالمستقبل، وهذه في رأينا المتواضع هي «منفعة التاريخ»، التي تمثل إعادة سيرة الحياة البشرية إلى مجرى تسلسل الأجيال، وتسلسل الأحداث؛ لأن التاريخ يتناول مجمل الحوادث الملحوظة التي تجلت فيها حياة البشرية منذ أقدم العصور، وتتجلى فيها اليوم، وستتجلى فيها غداً، ومن أجل إظهار اللوحات الحقيقية للتاريخ، على المؤرخين استقصاء ما كان يجري، بأسلوب النفس الطويل، حتى يتبينوا كيف حدث التقدم التدريجي في التاريخ، من الخاص إلى العام، ومن التفصيل إلى المجمل، فالتاريخ، ليس من غاياته أن «يعجب أو لا يعجب»، ولكن غايته الكبرى أن ينقل «معرفة»، حيث المعرفة ذات قيمة مطلقة، وذات قيمة مستقلة عن كل سبب، فما هي حظوظ المؤرخين من بلوغ غاياتهم الحقيقية؟

أقول هنا: إن المعرفة تفرض على الباحثين والمؤرخين - وأخص بالذكر البحرينيين منهم - أن يبتعدوا عن الهرطقات المأجورة، التي عادة ما تكون من سلوكيات المرتزقة والمزورين للتاريخ، ثم على المؤرخين من أبناء الوطن ألا ينزلقوا في إعانة المرتزقة على التمادي في التزوير، وألا يحاولوا كتابة بعض ما لديهم من التاريخ بأساليب سلطوية، ثم بعد ذلك عليهم الابتعاد عن أساليب التناطح التي لا يفوز أحد في حلباتها.

وحقائق التاريخ، أينما سقطت، لا تندثر، لأنها مسيرة دائمة إلى الأمام، ولأن شموع التاريخ ليست مطفأة، فالشعوب تعرف متى تستقل قطار تاريخها، وكتاب التاريخ الحقيقيون هم أبناء الساعات المضيئة؛ لأنهم كمن يجيبون على مسائل مطروحة.

أما من يزور التاريخ فهو أشبه بالمشلول الذي يعبر عن غضبه على عدّاء المسافات الطويلة، أو كمن يحفر بإبرة صغيرة في جبال عالية من الأوهام.

وكنت أظن أن أحد الباحثين الذين ضاق صدرهم بما كانت عليه البحرين من ثروة تاريخية «بشرية وطبيعية»، سوف يستكمل مسلسل التحريف، حيث وجدته مسروراً حين عثر على بعض المصادر الهزيلة، وغير الموثقة، وراح يعبر عن فرحته البالغة بمعلومات بعيدة كل البعد عن حقائق التاريخ، ويظهر «والله أعلم» أنها فرحة الكبرياء الصادرة عن توهمه، بأنه المؤرخ الوحيد الذي سبق الزمن بمعرفة التاريخ، وأنا أتخيل أنه فقد حظه من بلوغ الحقيقة، وهو – من جانب آخر – لم يسلم من الصواعق التي وجهها إليه كثير من الكتاب، ثم إنني هنا أبدي يقيناً واضحاً أن انزلاقاته المتكررة سوف تقود المجتمع البحريني بكافة أطيافه، إلى اعتبار هذا الباحث من الأبواق الهزيلة، تماماً مثلما اعتبر جميع البحرينيين تلك الأبواق الطارئة على البحرين، بأنهم أقوام فقدوا توازناتهم النفسية، وراحوا يتبارون في سرد تواريخ مبتكرة للبحرين، طمعاً في أن يتجوزوا البحرين، «أي يحصلوا على جواز بحريني»، يتبرؤون به من أرضهم وتاريخهم، وكأن صدورهم قد ضاقت بحضارة بلدانهم.

ولا أظن أن مثل ذلك سيحدث لولا أنه يشكل انعكاساً للمشهد الثقافي الذي تعيشه بلادنا، حيث غدت ساحاتها أشبه بصحراء مليئة بالكثبان، لا تنمو فيها إلا الطحالب، ولا تعيش حول كثبانها سوى الزواحف، وبسبب وحشية هذه الزواحف والطحالب، فإنها تعمل على تدمير ما هو مفيد، وإلغاء ما هو نافع، ولا يعجبها أن تنمو لغة الحوار الحر، في التاريخ أو الثقافة، ومن مظاهر سعادتها رؤية الناس سعداء في جهلهم، وكأنهم يعيشون في عصر جديد من الظلمات.

ثم إنني لا أظن أن أحداً ينكر التسلسل التاريخي للبحرين منذ حضارة «دلمون» حتى عصرنا الحاضر، ذلك التسلسل الذي حفظته مصادر على درجة عالية من الصدقية، حيث لا يمكن تحريف الحقائق، أو تغيير الوقائع، أو اختلاق الأحداث، ومن يحاول ذلك فإنه واحد من اثنين:

إما جاهل حقيقي بمجريات التاريخ، «والجهل أشد أدوات تعذيب النفس»، وإما حاقد موتور، يبيع ضميره في سوق النخاسين، «والحقد أقسى أدوات تجريد الإنسان من إنسانيته».

أتمنى لهؤلاء وأولئك شفاء الضمير.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسن كمال الدين"

العدد 2897 - الأربعاء 11 أغسطس 2010م الموافق 01 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:12 ص

      التحريف

      راجعوا التقرير المثير وستعرفون ان المخطط على وشك نهاية التنفيذ ( كتاب يكتبون بالريموت كنترول ولايعرفون شيئا عن تاريخ البحرين ) مساجـــدنا + مأتمنا+ مقابرنا + مجتهدينا ( الفقــهاء) ...كتبنا.....قــــرانا ....وام الخـــــــير(
      النخلة ) ....وترثنا.....
      وبحرنا ...وطيورنا ...ومزارعنا ...وعيوننا...، كلها تنادي باسم بحراني ،،،(كتاب مرتزقه+ صحف صفراء) لمحاولة تزوير التاريخ ، ولن يستطيعوا ابدا ...ابدا ... ابدا...

    • زائر 9 | 7:55 ص

      التاريخ يحفظ نفسه..لكن نرجوا الإنتباه !

      المشكلة في أننا انشغلنا عن التاريخ وذبنا في مشاكلنا اليومية والمستقبلية فتركنا الفرصة لمن ينقض على تاريخنا ليشوهه ، الجيد في الأمر أن التاريخ يحفظ نفسه بنفسه.
      البيئة اختلفت والثقة والطمأنينة تغيرت ، فنرجوا الإنتباه !

    • زائر 8 | 7:23 ص

      لك الشكر يابن الوطن كمال الدين النعيمي الاصل والفصل

      تاريخ البحرين يكتبه ابناءه امثالكم حفظكم الله ولسنا مهزومين يارقم واحد لو لا تضحية اباءنا لكنت انت وشاكلتك لاجئين في دول الجوار فالفضل يرجع للبحرينين الاصلاء سنة وشيعة باستقلال البحرين وهذه موضوعها يطول يالحبيب.نقول لك بوركت باصدار موسوعة تاريخ البحرين انت ومجموعتك رجال البحرين الشرفاء ونحن بانتظار باقي الاجزاء .حاولوا معك بشتى الطرق قطع الطريق لكنكم وقفتم وصمدتم حتى انجز العمل وخاب رجاء الطارىء في مركز ........بان يقوم بتحريف تاريخ البحرين نقولها للمجنسين تاريخ بلدانكم احق بكتبتها من قبلكم

    • زائر 7 | 5:14 ص

      قلم موضوعى

      الاستاذ السيد قلم صريح ويكفيه فخرا انه انجز وبكل امانه موسوعه تاريخ البحرين , نحن بحاجه للمزيد من مقالاته التخصصيه الجريئه لتنوير الناس واضافه المعلومه التاريخيه الصحيحه ولكشف زمره المدلسين ونفايات المجتمع

    • زائر 6 | 3:48 ص

      تزوير التناريخ بأيدي مرتزقة

      المال الحرام الذي يبعثر هنا و هناك على المرتزقة و يراد به تغيير التاريخ ، فإنه سراب يختفي كلما اقترب منه المحقق و القارئ المنصف و لا يبقى إلا التاريخ الذي صنعته الأيام و الليالي و الواقع المعاش على الأرض الذي تسطره الأقلام التي عايشته و لمست منه الحقائق فخطته بصدق و أمانة، فشكراً لك يا أستاذ كمال الدين على هذا المقال الرائع و دمت للبحرين مفكراً و مؤرخاً.

    • زائر 5 | 3:06 ص

      ما هو التاريخ

      التاريخ لحظة ميتة يحاول الناس استحضارها كما ان التاريخ بالمنطق الذي تفضلت به يتعارض مع التحليل والتقييم العلمي على اعتبار ان التاريخ لم يعد موجودا في الزمان وهي حقيقة تؤكدها النظرية النسبية بأن الأشياء ليست في مكانها ولا زمانها بعد لحظات بسب التمدد الكوني أما التواريخ وأحداثها فهي في ذاكرة الناس جيلا بعد جيل يستغلها البعض لمصالحه وقد تتحول لكراهية كما هو بين سنة البحرين وشيعتها نتيجة للتخلف لم يكن انفعالك مبررا لأنه كشف بواطنك وانحيازك المذهبي وأبعدك عن المنطق العلمي في قراءات محايدة للتاريخ

    • زائر 4 | 2:54 ص

      لتخرس الالسنة المعوجة

      زائر رقم واحد التاريخ يكتب كما هو وكتب من زمان ولا يمكن تغيره ثانيا تجاوز الكاتب الفطحل شهادة ياقوت الحموي وابن بطوطة بوصفها جهة محايدة تثبت وجود الثلائمة قرية التي انكرها ونوعيه سكانها (والبحرين جزيرة من ثلاثمئة قرية يسكنها الروافض عدا قرية واحدة )كتاب عجائب الاسفار في عراائب وعجائب الامصار لرحلته قبل حوالي ألف عا

    • زائر 3 | 2:39 ص

      بهلول

      زائر رقم 1 :
      يبدوا أنك مفلس و لا تعرف أن ترد الحجة بالحجة لذلك لجأت إلى هذه الأقاويل الرخيصة و أصبحت تناقض نفسك ! ما معنى أن يكتب المنتصر التاريخ ؟ و ما هو تعريفك للإنتصار ؟ إنتصار من على من !؟ التاريخ يا أبو الفهم يكتبه الثقاة ، ثم إن من يطبق نظرية الجنس الآري الذي مللت منها أنت و مل منها كل الشعب البحريني هم من يقصون فئة بعينها عن مناصب بعينها ! أرجوا أن تكون فهمت الآن.

    • زائر 2 | 1:40 ص

      هذا شأ نهم حيثما حلوا وارتحلوا مرتزقة مرتزقة.....

      هذا شأنهم في اي مكان تطأ أقدامهم يلهثون وراء ما يبيعون به كرامتهم ودينهم ولا حظ لهم فيما باعوا وما أخذوا سوى العار وخسارة الدارين الدنيا والآخرة واي خسارة أكبر وامر لو كان لهم قاب سليم هيهات يكون ذلك لان ذلك كما يبدو من فطرتهم التي فطروا عليها فتبا لهم وما يكتبون والمجد لبلدنا وتاريخها الناصع وأبنائها الغيارى ذوي الأقلام الحرة المحبة لوطنها وما أكثرهم لان الحب له الكثير من الأنصار والمنتسبين له اما الحقد فما أقل أنصاره حتى لو تظاهروا بالكثرة وهم كزبد البحر ومصيره المعروف ....

    • زائر 1 | 11:14 م

      شكراً لأبو التاريخ

      قيل المنتصر يكتب التاريخ .و اظن بأن الخاسر يسعى دائما لتشوية التاريخ و قلب الحقائق . نحتاج لمزيد من البحوث دون اقصاء الأخر . و مللنا احاديث الجنس الآري . و هناك من يريد ان يطمس الحقائق بأي طريقة و يضيع حق الآخرين و يقول أنا و بس و الباقي خس . و شكراً لأبو التاريخ كما قال عن نفسة .

اقرأ ايضاً