أكد مترشحون نيابيون ونواب أن الضوابط المعتمدة حالياً لتغيير عنوان السكن في البطاقة السكانية، تقيد العملية الانتخابية، وتسمح بالتحكم في مترشحي الدوائر، بغرض إدخال مترشح وإبعاد آخر في الدوائر الانتخابية، معتبرين في الوقت نفسه أن هذه الضوابط اعتمدت على مرسوم بقانون صدر قبل إعادة الحياة النيابية في 2002، إذ إن انتخابات المجلس الوطني في العام 1973 لم يكن يُشترط أن يكون عنوان المترشح في الدائرة نفسها التي يترشح عنها، وإنما كان يُسمح للمترشحين بالترشح عن دوائر انتخابية تختلف عن عنوان سكنهم.
وتنص المادة الثانية في المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية على أنه: «يشترط في كل مواطن لمباشرة الحقوق السياسية المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي: (...) أن يكون مقيماً إقامة عادية في الدائرة الانتخابية طبقاً لما هو ثابت في بطاقته السكانية، وفي حالة إقامته في الخارج يكون آخر محل إقامة له بمحل إقامة عائلته».
ومن بين الضوابط المعتمدة لتغيير عنوان السكن، في حال الانتقال من مسكن ملك إلى آخر ملك أيضاً، إبراز إثبات الملكية، وآخر فاتورة كهرباء باسمه، والتأكد من الأفراد المقيمين في المسكن الحالي، وتغيير عناوين جميع أفراد الأسرة بمن فيهم الخدم.
أما في حال الانتقال من مسكن ملك إلى آخر مؤجر أو خاص بالأقارب، فيُشترط إبراز ما يثبت ترك المسكن الحالي (هدم، بيع، بناء أو ترميم... إلخ)، وإبراز عقد الإيجار للعنوان الجديد سواءً باسمه أو أحد أفراد العائلة، وفاتورة الكهرباء المسجلة باسمه أو أحد أفراد عائلته، والتأكد من صلة القرابة بين الأسرتين، وتغيير عناوين جميع أفراد الأسرة بمن فيهم الخدم.
وفي هذا الصدد، قال مترشح دائرة ثالثة المحرق إبراهيم شريف: «إن تصعيب مسألة تغيير العناوين، وُجد من أجل التحكم في مترشحي الدوائر، وهي محاولة للسيطرة على من يدخل أو من لا يدخل الانتخابات، ومن يسمحون له بالدخول سيسمحون له بتغيير عنوانه وشراء بيت له إن اضطروا لذلك، وإلا عليه أن يثبت أن بيته تحت الترميم حتى يستطيع تغيير عنوانه إلى سكن آخر».
وأضاف: «الواقع يقول إن نصف النواب لا يسكنون في دوائرهم وإنما في خارجها، وخصوصاً ممن ينتمون إلى محافظتي المحرق أو المنامة، وهما محافظتان تغلب عليهما الأحياء القديمة، وبالتالي تطبيق هذه القيود على تغيير العنوان، هو أمر خارج العقل وغير منطقي».
وأشار شريف إلى ضرورة عدم الربط بين عنوان المترشح والدائرة التي يترشح عنها، وإنما الاقتصار على شرط أن يكون المترشح مقيماً في الدائرة التي يترشح عنها، أو أمضى ما لا يقل عن 5 أعوام في هذه الدائرة في وقت سابق، باعتبار أن المترشح سيترشح في المنطقة التي لديه فيها روابط اجتماعية ويقيم فيها أهله وأصدقاؤه، ولن يُقدم على الترشح في منطقة غريبة عليه، مؤكداً أن عدة دول، من بينها الكويت لا تضع مثل هذه القيود للترشح.
أما النائب سيد جميل كاظم فأكد أن القيود التي وضعها الجهاز المركزي للمعلومات لتغيير العناوين، ليس لها سند دستوري ولا قانوني، وإنما هي قرارات لا ترقى للقانون فضلاً عن الدستور، ناهيك عن كونها قرارات لا ترتقي مع العملية الانتخابية الديمقراطية ولا مع معايير الشفافية والتمثيل الحقيقي للنائب، باعتبار أن النائب يمثل كل الشعب لا دائرة، بحسب كاظم، الذي تساءل: «ما هي فلسفة أن يترشح النائب بحسب عنوانه في دائرة ما؟».
وقال: «إن هذه اللوائح تتناقض مع المادة الدستورية التي تؤكد أن المترشح يمثل كل الشعب، وبالتالي لا يتسق مع المادة في الهدف، ولا يتسق مع فلسفة التمثيل الشعبي لكل أبناء الشعب، فما الهدف من وضع هذه القرارات غير الدستورية وغير الواضحة، غير التضييق على فئات وشخصيات وجهات معينة لا ترغب المؤسسة الرسمية أو النظام الرسمي في وصولها إلى مقاعد البرلمان؟».
وأضاف: «هذه القرارات تشوب العملية الانتخابية، إضافة إلى نواقص عدة، والمتعلقة بجداول الناخبين التي طال انتظارها، فضلاً عن التلاعب في العناوين وقرارات تتخذها جهة معروفة تعمل في الخفاء وتتلاعب بالعناوين وتوزيع المجمعات، وكذلك هي المسئولة عن إدارة الأصوات وترتيبها في المراكز العامة».
وأشار كاظم إلى أن هذه القيود تحول دون أن تكون العملية الانتخابية نزيهة وشفافة، ومستندة إلى المعايير الدولية، وأنه لاشك أن ذلك يلقي بظلال من الشك بين قوى المعارضة والنظام السياسي، ويعمق حالة عدم الثقة، ولاسيما إذا أتت المخرجات والنتائج مشوهة كما هي الضوابط والقرارات، ولا تعكس حقيقة التمثيل المجتمعي لمكونات هذا الشعب، على حد تعبيره.
وقال: «قد نتفهم وجود هذا الشرط بالنسبة إلى المترشح البلدي باعتبارها اختصاصات بلدية خدمية بامتياز وتختص بدوائر محددة، فكلما كان عنوان المترشح من الدائرة نفسها، كان أقرب لتلمس القضايا والأمور الخدمية فيها، ولكن أن تكون كما هي اختصاصات عضو مجلس النواب تشريعية ورقابية، فما فلسفة وجود هذا القرار وهذا الشرط في تحديد أن يكون المترشح عن هذه الدائرة؟».
واختتم حديثه بالقول: «هذه الضوابط تعتبر من القرارات والإجراءات التي تعطل الطريق وتضيق الخناق على فئات وشخصيات محددة من أن تصل بأريحية للمقعد البرلماني لممثل الشعب».
من جهته، قال النائب جواد فيروز: «إن التلاعب في موضوع تثبيت وتغيير العناوين للناخبين والمترشحين أمر ملموس، ووراءه هدف أساسي هو أن يتم التحكم في العملية الانتخابية من قبل جهة واحدة، وهي السلطة التنفيذية تحديداً، وفئة محددة في السلطة التنفيذية والتي تملك المعلومة والقرار، وبات واضحاً وجلياً أن هذا الأمر لا يتم تنفيذه بشفافية ومعايير واضحة، فهناك من يشدد شأنه عندما يريد تغيير عنوانه سواء كان ناخباً أو مترشحاً ويعقد عليه الأمر إلى أن يكون مستحيلاً ويصل إلى طريق مسدود في التغيير، وهناك آخرون يتم تسيير الأمر لهم إلى أبعد المدى». وأضاف: «هناك معلومات مؤكدة أنه تم وضع عراقيل أو فرض تغيير عنوان لمجموعة من الناخبين وبعض المترشحين، وفي المقابل تم تسهيل الأمر بدرجة كبيرة للبعض الآخر حتى تم قبول عقد زواج وهمي من بعض آخر».
واعتبر فيروز أنه من غير المقبول تماماً ألا يعلم المترشح حدود دائرته الانتخابية، ويبدأ الإعلان عن ترشحه ويرتب أموره بشأن الانتخابات، وبعد ذلك يتم الإعلان عن قائمة الناخبين والحدود الجغرافية النهائية للدوائر الانتخابية، ويُغلق باب نقل العناوين، ما يؤدي إلى احتمال أن يتفاجأ بعض المترشحين بإدخال مجمعاتهم ضمن دوائر أخرى غير متوقعة، ويخرجونهم من دوائرهم الأصلية، ومن دون أن تكون لهم فرصة مؤاتية لتعديل أوضاعهم وتغيير عناوينهم لكي يتواجدوا مجدداً في الدائرة التي يرغبون الترشح فيها، وفقاً له. وأشار إلى أن غياب الإعلان عن الموعد المبكر لحدود الدوائر الانتخابية وقيد عدم الترشح إلا في دائرة عنوان السكن، يؤكد عدم وجود ديمقراطية حقيقية في الانتخابات، مطالباً بأن يتم إفساح المجال للترشح في كل الدوائر من دون قيود على عنوان السكن، باعتبار أن المرشح النيابي يمثل كل المواطنين.
العدد 2897 - الأربعاء 11 أغسطس 2010م الموافق 01 رمضان 1431هـ