نشأت جزيرة البحرين جراء تحرك هضبة الجزيرة العربية، بين البحر الأحمر ومنخفض البحر الميت والخليج، وقد أخذت هذه الهضبة في التحرك نحو الشمال بينما هي تغور تحت مياه الخليج لتمر أسفل الهضبة الإيرانية، وهذا ما يفسر غياب التناسق بين شواطئ الخليج الشمالية الصخرية شديدة الانحدار والسواحل الجنوبية الرملية المنبسطة.
نتج عن هذه الهضبة المتحركة، التي تثير الزلازل الشديدة منذ ملايين السنين، سلسلة جبال إيران وأفغانستان، بالإضافة لظهور جزيرة البحرين الأولية على شكل قبة.
وكانت جزيرة البحرين الأولية متصلة بالجزيرة العربية وذلك بسبب هبوط مياه الخليج قبل 100.000 إلى 20.000 سنة، ما جعلها عرضة للتعرية والنحت المائي خلال العصور المطيرة وبفعل التفريغ الهوائي لرواسبها خلال عصور الجفاف. هنا محا التآكل القمة وأزال الأجزاء اللينة غير أنه حافظ على الأجزاء الأكثر مقاومة.
إلا أن مستوى سطح البحر للخليج العربي عاود الارتفاع التدريجي السريع مجددا قبل 20.000 - 7000 سنة لتصبح البحرين جزيرة مرة أخرى. وقد أدى هذا الانفصال إلى خلق بيئة معزولة وملائمة للتجمع السكاني، ما ساعد على تكون ونمو حضارة راقية، كما أدى هذا الانعزال إلى وقف ورود الرمل الكوارتزي إلى جزيرة البحرين خلال الفترات الجافة، ما ساعد في استقرارها الزراعي والاجتماعي. على النقيض من ذلك نجد أن واحات مزارع وقنوات الري في منطقة الإحساء كانت تدفن وتهجر خلال الفترات الجافة، ما جعل الحياة فيها تفتقر إلى الديمومة في الفترات الجافة.
هكذا نلاحظ أن جزيرة البحرين الأولية تكونت في بدايتها على شكل قبة، وقد تعرضت قمة هذه القبة في الأجزاء الوسطى لعمليات التعرية، ما أعطى جزيرة البحرين هيئتها البيضاوية المميزة. وباستمرار تعرية صخور الأيوسين الأوسط (تكوين الدمام) وربما الصخور الأحدث منها، تكوّن حوض داخلي تشكلت أرضيته من صخور الأيوسين الأسفل (تكوين الروس). وتحيط بهذا الحوض منحدرات صخرية من بقايا صخور الأيوسين الأوسط (تكوين الدمام) مشكلة الظاهرة الجيولوجية السائدة والمسمى بصخور الحواف. وهناك ظواهر تركيبية ثانوية تتمثل في خمس طيات مقعرة ذات امتداد شمال- شرق- جنوب- غرب وتميل على محور الطية الرئيسية. أوضح هذه الطيات هي تلك الموجودة على الجانب الشرقي من منحدرات الدمام وهي مقعرات الحسى ورأس حيان والدور. وفي الشمال الغربي من جزيرة البحرين بالقرب من معسكر الهملة تبرز شواهد التواء ممثلا طية محدبة تمتد جنوبا من قرية المرخ وحتى قرية كرزكان. وتنتشر مجموعات من الفواصل على امتداد منحدرات صخور الدمام باتجاه شمال- شمال- غرب، جنوب- جنوب- شرق، تتفاوت في العمق وفي أهميتها كممرات تصريف. وبذلك تكونت أشكال السطح الرئيسية لجزيرة البحرين كما نلاحظها في الوقت الراهن.
لقد لعبت كل تلك العمليات الجيولوجية في تحديد أشكال التضاريس الرئيسية، والتي يمكن حصرها في عدد من الوحدات الجيومورفولوجيه هي: الهضبة الوسطية والحوض الداخلي والجدار الصخري والمنحدر الخلفي والأراضي المنخفضة الساحلية.
وهذه المنطقة تتوسط جزيرة البحرين وتمثل أعلى مستوى عن سطح البحر في البحرين وصولا لأعلى نقطة في جبل الدخان الذي يصل ارتفاعه إلى نحو 134 مترا فوق سطح البحر. وإلى الشمال قليلا من مرتفع الدخان هناك مرتفع الغبيرات الذي يقع على ارتفاع 82 مترا فوق سطح البحر.
وهو حلقة غير متماثلة تحيط بالهضبة الوسطية. ويتخلل هذا الحوض مرتفعات متناثرة وهذه عبارة عن مناطق مرتفعة يقل ارتفاعها عن مرتفع الدخان والغبيرات وتنتشر بشكل متناثر في أنحاء الحوض المختلفة، وخصوصا في أطراف الشريط الغربي
وتوجد بالحوض أيضا مناطق منخفض. تحتل هذه المناطق أجزاء واسعة من الحوض وتتمثل في مجموعة من الأحواض الأرضية التي تتركز في معظمها في الوسط الجنوبي والجنوبي الشرقي من الحوض، حيث يوجد منخفض الغينة ومنخفض الشبك اللذان ينخفضان بمقدار 5 أمتار دون المستوى العام لسطح الحوض، وإلى جانب ذلك هناك مناطق حوضية صغيرة تنتشر في أنحاء متفرقة.
وقد لعبت هذه المنخفضات دورا مهما كمصائد للمياه، فعند سقوط الأمطار تتجمع كميات كبيرة من المياه فيها، وقد تكون المستنقعات الضخمة مشهدا مأهولا حتى الثمانينيات. أما في الحقب الزمانية القديمة فقد كانت هناك بحيرات ضخمة يتجمع حولها السكان كما سنرى لاحقا.
وهي عبارة عن جرف صخري يتراوح ارتفاعه مابين 6 و30 مترا فوق مستوى سطح البحر، تنتمي صخورها إلى تكوينات الدمام، والحافة هذه عبارة عن جدار صخري الشكل، وهي في موقعها كالسياج الذي يحيط بالحوض الداخلي.
تشكل الأجزاء العلوية للحافة خطا مستقيما للمياه بين المنحدرات والسواحل من جهة، والحوض الداخلي من جهة أخرى، فالمياه الساقطة على الحافة إما تتبع الانحدار باتجاه الخارج، وتصل بذلك إلى السواحل أو تتبع الانحدار باتجاه الداخل لتتجمع في أراضي الحوض الداخلي.
تقع هذه الوحدة الجيومورفولوجية بين الحافة الصخرية والأراضي الساحلية المنخفضة، وهذه المنحدرات هي في حقيقة الأمر السفوح السفلى لثنية البحرين المحدبة القديمة، والتي تم إزالة قمتها وجوانبها العليا بفعل عمليات التعرية.
وهنا يمكن الحديث عن وحدتين جيومورفولوجيتين هما:
أ - الشاطئ والأشكال الجيومورفولوجية الشاطئية:
تمتاز خطوط الشاطئ في البحرين بتعرجات لطيفة وغير حادة في الغالب، وذلك نظرا للهدوء النسبي الذي تتمتع به بيئة الموقع البحري، وقد تشكلت في بيئات الشواطىء البحرينية العديد من الظاهرات الجيومورفولوجية أهمها:
1 - الرؤوس البحرية:
وهي عبارة عن نتوءات وألسنة من اليابس متقدمة داخل البحر، تكويناتها في الغالب من الرمال المفككة والمنقولة بواسطة المياه.
2 - الأخــوار:
ومفردها خور وهي عبارة عن لسان من مياه البحر المتوغلة في اليابس وتشكل بذلك ظاهرة معاكسة لظاهرة الرؤوس البحرية.
ب - الأراضي الساحلية:
تغلب التكوينات الرباعية على الجيولوجية السطحية للسهول الساحلية التي تتشكل غالبا من الرمل والطين والحصى، وتتسع الأراضي الساحلية في الأجزاء الشمالية الغربية والجنوبية وتضيق في الأجزاء الشرقية.
تمتاز الأراضي الساحلية بالسطح المتموج الذي يميل أحيانا إلى الاستواء النسبي، وقد تشكلت هذه الأراضي بفعل عاملين:
1- عمليات الترسيب التي قامت بها الأودية في العصور المطيرة البائدة ومن خلالها تم نقل كميات هائلة من الفتات الصخري من منطقة الحوض الداخلي ليتم ترسيبها في البيئة البحرية المجاورة.
2 - الإنسان الذي أدى من خلال نشاطه دور العامل الجيوموفولوجي وذلك من خلال قيامه بردم أجزاء واسعة من الشواطئ الضحلة وتحويلها إلى مناطق يابسة صالحة للعمران البشري ولممارسة النشاطات الاقتصادية المختلفة.
لقد تعرضت جزر البحرين إلى ثلاث فترات مطيرة على الأقل تفصلها عن بعضها بعضا ثلاث فترات جافة نشطت فيها عمليات التعرية الهوائية. وحددت الفترتان المطيرتان الأخيرتان بأنهما تعودان إلى قرابة 14 ألف سنة من الوقت الحاضر والثانية إلى قرابة 7.800 سنة قبل الوقت الحاضر. خلال هذه الفترات أصبحت البحرين عرضة للتعرية والنحت المائي خلال العصور المطيرة انعكست في طبيعتها الجيومورفولوجية، فنجد خطوط التصريف الشعاعية المتجهة من قبة البحرين نحو أطرافها، وحصى المراوح ورواسب القنوات، والسهول الفيضية، ورواسب الخبرات الجنوبية التي عكست امتلاء بحيراتها بالمياه العذبة في فترات متقطعة، ما ساهم في نشوء استيطان لجماعات بشرية حول هذه البحيرات.
هذه التغيرات المناخية ودورات المطر شملت أيضا المناطق المجاورة أي شبه الجزيرة العربية وهو ما يهمنا إذ إن مناطق التغذية للتكوينات الحاملة للمياه والمشكلة للخزانات الجوفية في البحرين تقع في الجزيرة العربية. وقد بدأت المياه الجوفية في البحرين تتكون منذ عصور طويلة. وتعتبر مياه البحرين الجوفية مياه أحفورية غير متجددة تجمعت أثناء الفترات المطيرة التي تعرضت لها الجزيرة العربية، وقد جاء تحديد عمر هذه المياه في مملكة البحرين بالكربون المشع وتبيّن أن ارتشاح المياه خلال الطبقات الرسوبية قد حدث فيما بين 35 ألفا و12 ألف سنة قبل الوقت الحاضر. وقد خزنت هذه المياه بكميات كبيرة لتتدفق شرقا تبعا للميل العام للطبقات الحاملة لها نحو الساحل السعودي الشرقي والبحرين.
تتحدد موارد المياه الجوفية في البحرين بثلاثة خزانات رئيسية حاملة للمياه توجد في الصخور الكربوناتية العائدة إلى تكوينات العصر الثلاثي (أيوسين - باليوسين). ويطلق على هذه الخزانات محليا (مرتبة من الأحدث إلى الأقدم) بالطبقات (أ)، (ب)، (ج). ومن جانب آخر، فإن الأحواض المائية تقسم إلى نظامين هيدروجيولوجيين، وهما حاملة مياه الدمام (يشمل الطبقات (أ)، (ب) وحاملة مياه الروس - أم الرضمة (الطبقة ( أ ))، ويمثلان في امتدادهما الجانبي جزءا من النظام الهيدروجيولوجي الإقليمي لشبه الجزيرة العربية.
ويمثل خزان الدمام الجوفي (الخزان المائي الرئيسي في البحرين) جزءا صغيرا من الخزان المائي الواسع المسمي بالخزان العربي الشرقي، والممتد من صحراء الدهناء وسط المملكة العربية السعودية إلى المنطقة الشرقية بالمملكة والبحرين والكويت وجنوب غربي قطر. يحتوي هذا الخزان الإقليمي أساسا على مخزون مائي إحفوري يعود إلى ما بين 6000 و 22000 سنة خلت حينما كانت جزيرة العرب تتمتع بمناخ مطير، كما تتم تغذيته حاليا بمياه الأمطار حيث توجد منكشفات طبقاته على ارتفاعات تصل إلى 400 متر فوق مستوى سطح البحر في المناطق الوسطى للمملكة. وتتدفق مياه هذا الخزان الإقليمي نحو الشرق والشمال الشرقي باتجاه ميل طبقاته لتغذي خزانات منطقة الساحل الغربي للخليج العربي وجزر البحرين.
يمكن إجمال صور التصريف الطبيعي في ثلاث، هي التدفق من العيون الطبيعية القارية والبحرية والتصريف من الأراضي الملحية والتبخير من المستويات المائية الضحلة. وتعتمد الصورتان الأخيرتان بدرجة أساسية على منسوب الماء الجوفي وبالتالي فإنهما ترتبطان بدرجة أو بأخرى بمستويات السحب من الآبار.
السبخات أو الأراضي الملحية، هي عبارة عن مناطق منخفضة يرتفع فيها منسوب الماء الجوفي أعلى مستوى سطح الأرض وبمحصلة رأسية تسمح باستمرار تدفق المياه إلى أعلى وإمداد المستويات الضحلة من الطبقات السطحية وبالتالي استمرار تبخرها بفعل حرارة الشمس، الأمر الذي يجعل سطح هذه المسطحات مغطى بطبقة قشرية من الرسوبيات الملحية من المكونة عادة من الجبس والرمال الجبسية وبعض الرسوبيات الكلسية. ويتفاوت سمك هذه الرواسب بتفاوت معدلات الإمداد من الماء الجوفي، وبالمقابل تقل درجات التبخير باستمرار ترسب طبقات من الملح التي تمنع في المحصلة النهائية الإمداد من المياه الجوفية.
الجانب الأكثر أهمية في سياق الحديث عن التصريف الطبيعي يتلخص في التدفق من العيون الطبيعية، فقد عرفت البحرين تاريخيا وبوجود عدد وفير من العيون الطبيعية البحرية التي تنتشر على امتداد السواحل الشرقية والشمالية الشرقية، عند جزيرة سترة وجزيرة المحرق، وبدرجة أقل على السواحل الشمالية جزيرة البحرين عند السنابس وباربار والدراز. أما العيون الطبيعية القارية فهي تظهر في مناطق متفرقة من جزيرة سترة والأجزاء الشرقية من جزيرة البحرين عند النويدرات وسند وتوبلي وكذلك بعض الأجزاء الشمالية والشمالية الوسطى والشمالية الشرقية من جزيرة البحرين عند المقشع وكرانه وعالي ومنطقة المنامة الكبرى.
وتتميز العيون الطبيعية في مملكة البحرين بأنها من نوع العيون الإنجذابية الارتوازية التي ينتج تدفق الماء منها بفعل علاقة مستوى السطح المائي في الخزان الجوفي والواقع تحت ضغط ارتوازي بفعل وجوده بين طبقتين قليلتي النفاذية من خلال مواقع الضعف في الطبقة الحاصرة العليا (كالتشققات، الفوالق، نقص في سمك الطبقة وغير ذلك). فعندما يكون مستوى سطح الأرض في الينبوع تبدأ المياه في التدفق، ويتميز هذا النوع من الينابيع بسرعة الجريان وارتفاع معدل التصريف مقارنة بالأنواع الأخرى من الينابيع كينابيع الانخفاضات والتلاقي. ويتناسب معدل التصريف في هذا النوع من الينابيع تناسبا طرديا مع الفرق بين المستوى البيزومتري أو المائي في الخزان الجوفي ومستوى سطح الأرض، بينما يتوقف الينبوع عن التدفق عندما يكون المستوى البيزومتري مساويا أو أقل من مستوى سطح الأرض في الينبوع.
وطالما مكّن منسوب المياه من الوصول إلى السطح عن طريق الآبار الارتوازية، فقد ساعدت هذه على استمرار الحياة في البحرين، لكن الينابيع في تناقص بطيء منذ العصور القديمة وقد أخذت وتيرة هذه الظاهرة تتسارع بسبب حفر الآبار. فقد اقتصرت صور تصريف المياه الجوفية حتى منتصف العشرينيات من القرن المنصرم (على أقل تقدير) على أشكال التصريف الطبيعي وتحديدا، التدفق من العيون الطبيعية القارية والبحرية وعندما لم تعد هذه العيون بقادرة على الوفاء بالمتطلبات المائية المتزايدة فيما تلي ذلك من عقود ظهرت صورة أخرى للتصريف تمثلت في التصريف والسحب الصناعي من الآبار الارتوازية والآبار اليدوية الضحلة.
العدد 2407 - الأربعاء 08 أبريل 2009م الموافق 12 ربيع الثاني 1430هـ
الشكر واجب
اشكركم والله لو لاكم كان المعلمة حطت لي صفر للدفتر لانها قالت تبيه ضروري بكرة وفيه ملخصات وانشطة عن الدروس..
القلب الحزين
سسسسخافه وع الشرقيه احسن منهم يوم الجمعه بروح اشوفها