أصبحت المصارف الإسلامية منافسا قويا للمصارف التقليدية في العالمين العربي والإسلامي، إلى الحد الذي جعل الأخيرة تقوم بإنشاء فروع للمعاملات الإسلامية. ومع اشتداد المنافسة، برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تحول المصارف التقليدية إلى مصارف تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
يرى بعض المراقبين أن تحول عدد من المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية في السنوات القليلة مرجعة في الأساس زيادة أعداد العملاء الذين يرون حرمة التعامل بفوائد المصارف التقليدية، وتحولهم إلى المصارف الإسلامية.
ويرى آخرون أن دوافع هذا التحول لها أبعاد ربحية وتجارية بحتة، نتيجة النجاحات الملحوظة للمصارف الإسلامية، وارتفاع معدلات الربحية وعوائد عمليات التمويل مقارنة بعوائد التمويل التقليدي. إضافة لأسباب فنية، منها رغبة المصارف التقليدية في القيام بعمليات الاستثمار بدلا من العمل في مجال الوساطة المالية "الإقراض والاقتراض"، والحصول على فائدة محددة أو ما يسمى بـ "المتاجرة بالديون". في حين أن العمليات المصرفية للمصارف الإسلامية تمتد إلى نشاط الاستثمار المباشر لنفسها أو للغير، بجانب الوساطة المالية، أي انها "مصارف شاملة".
ولا يمكن تحديد مدة زمنية محددة لأسلمة كامل عمليات المصرف التقليدي، فهي تختلف بالنسبة إلى كل مصرف بحسب ظروفه المالية وبيئته القانونية، ولكنها تستغرق في العادة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، نظرا إلى الإجراءات الفنية والقانونية التي لا يمكن للمصرف التقليدي أن يتخطاها إلا خلال عدة سنوات، بل إن محاولة التحول السريع والمفاجئ قد يترتب عليها انهيار المصرف.
ونص المعيار الشرعي السادس الصادر عن المجلس الشرعي بهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية على "ضرورة الأخذ بمبادئ وقواعد السياسة الشرعية في التحول، بما لا يؤدي إلى انهيار المصرف بالكامل".
وأصبحت بريطانيا عاصمة المصارف الإسلامية، سواء في "لندن" أو "برمنغهام"، إذ توجد جالية إسلامية كبيرة. وهناك خطط لفتح 12 فرعا لمصارف إسلامية في المدن البريطانية المختلفة خلال العامين المقبلين.
وقامت بورصة لندن بإنشاء مؤشر "داو جونز الإسلامي"، لقياس حجم التعاملات على الأوراق المالية الإسلامية "الصكوك"، وهو ما يشير إلى زيادة الإقبال على التعامل المالي وفقا للشريعة الإسلامية في أوروبا.
كما أصبحت المصارف الإسلامية مطلبا متزايدا للمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يوجد مصرفان إسلاميان. وأشار وزير الخزانة الأميركي إلى النمو المتسارع الذي يشهده القطاع المالي الإسلامي في أميركا، معبرا عن اهتمامه بالتجاوب السريع الذي تبديه الدول الأوروبية إزاء متطلبات الصناعة المالية الإسلامية، من خلال توفير بيئة العمل المناسبة للمؤسسات المالية الإسلامية في إطار القوانين والتشريعات الأوروبية. ووعد بتسريع وتيرة انتشار المصارف الإسلامية في الولايات المتحدة، عن طريق إزالة جميع المعوقات أمامها.
كما تواجه المصارف الإسلامية "مشكلة فنية" بسبب طبيعة الودائع التي تستثمرها لصالح المودعين، وهي أنها "قصيرة الأجل". في حين أن تمويل المشروعات في حاجة إلى موارد "طويلة الأجل"، ما ينتج عنه صعوبات كبيرة للتوفيق بين آجال الالتزامات واحتياجات التمويل، وهو ما أدى إلى تعرض المصارف الإسلامية للكثير من الأزمات. يضاف إلى ذلك التحديات السياسية التي باتت تواجهها المصارف الإسلامية جراء انعكاسات حوادث 11 سبتمبر، فإلى أي مدى تستطيع مواجهة مثل هذه التحديات؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 997 - الأحد 29 مايو 2005م الموافق 20 ربيع الثاني 1426هـ