المصالحة الوطنية خيار يجب ألا نتغافله. .. بصفتي مواطنا بحرينيا أجد هناك حالا من التوتر المتبادل بدأت تزداد على السطح والحل لا يمكن أن يكون بابقاء التوتر في ازدياد وفي تفاقم. لابد من وجود حل بعيدا عن عقلية من هو المنتصر. الحكومة في البحرين يجب ألا تفهم انها عندما تسعى إلى حل ملف ضحايا التعذيب سيؤدي ذلك إلى كسر الهيبة. هذه نظرة خاطئة لقد أقدمت السلطة وبكل جرأة على الغاء قانون ومحكمة أمن الدولة. لم يقل احد سقطت الهيبة بل قال الجميع: السلطة وضعت الآن العربة على سكة الحديد الصحيحة وشجعت وبدأ الكل يشيد بأداء الدولة محليا وإقليميا ودوليا. وهنا نسأل السلطة: ايهما اجمل في نظر المجتمع البحريني والمجتمع الدولي محيا البحرين وسمعة البحرين اثناء حقبة أمن الدولة أيام قلع اظافر السجناء، أيام سقوط المواطنين ضحايا في السجن وحالات التشريد أم هذه الأيام إذ لا يوجد سجين سياسي واحد؟ هيبة الدولة بقيت على ما هي عليه بل نحن البحرينيين بدأنا نحترم رجل الأمن وأصبح رجل الأمن محل تقدير واحترام وبدأ ذلك الجليد يزول تدريجيا. كنا عندما نمر على الشارع المؤدي إلى وزارة الداخلية نشعر بشبح العفاريت. الآن اختلفت الصورة نجد وزير الداخلية من أكثر الوزراء احتراما لأنه وزير إصلاحي والكل يأمل فيه تصحيح اخطاء وزارة الداخلية بما يصب في المصلحة العامة. اذا الهيبة زادت ولم تقل. الهيبة الحكومية تزداد عندما تزداد الديمقراطية معها، لأن في الديمقراطية هيبة القانون... هيبة حقوق الإنسان. والسؤال: هل هيبة بريطانيا أو رجال الحكم في بريطانيا ازدادت أيام عصر النبلاء ام هذا العصر؟ هل هيبة فرنسا ازدادت أيام إعدام المواطنين ام عصر ما بعد الثورة الفرنسية؟ صحيح للحرية سلبياتها ولكنها أفضل بألف مرة من القمع، لذلك نأمل من الدولة ان تقوم بمبادرة لحل ملف الشهداء وضحايا التعذيب بتعويضهم وتأهيلهم. وسمعنا ان الدولة قد تقدم على حل هذا الملف ونتمنى صحة الخبر وهذه ليست بدعة في التاريخ السياسي فقد حدث التعويض في جنوب افريقيا وفي دول عربية أيضا.
الذين تضرروا من الحوادث السياسية في السابق هم أقل الناس حظوة من حيث التعويض المعنوي والمادي... هناك حالات مرضية تحتاج إلى علاج... هناك ابناء إلى الآن تغلق عليهم أبواب التوظيف وبعضهم يوقفون في المطارات وهكذا. هناك عوائل شهداء مازالوا تحت خط القبر وليس فقط تحت خط الفقر يحتاجون إلى رعاية وتأهيل. غالبية بيوت الفقراء وأحزمة الفقر في القرى هل هي لمتضررين وغالبيتهم طحنتهم المعتقلات وأكلت ابدانهم المنافي. ألا يستحق هؤلاء رعاية؟ الا يحتاجون إلى توصية من الحكومة لوزرائها ولمسئوليها بمراعاة هؤلاء في التوظيف، في القروض... إلخ.
يجب أن نبحث عن الأسلوب الذي يعمل على ترطيب القلوب ويقرب وجهات النظر ويبعد الخطاب المتوتر شعرا أو نشرا من كل الأطراف لتمتد جسور الثقة.
طالما رأيت شبابا كانوا في غاية التوتر والعصبية إذ لا زواج ولا سكن ولا عمل. بعد فترة التقيت بعضهم وإذا به يعمل في وظيفة مناسبة - احدهم دكتور - وتزوج وبدأ يشق طريقه في الحياة، يتسوق كبقية الناس، يشتري لابنائه ملابس، يقود سيارة مناسبة وفي شقة لا بأس بها... ودخلت معه في نقاش، 70 في المئة من افكاره بدأت تستقر وبدأ يميل إلى الهدوء. علماء الاجتماع وصلوا إلى نتيجة ان البطون الجائعة ليس لها آذان. فلتجرب الحكومة قطع فقط راتب وزير لمدة اشهر بحيث لا يكون لديه مصدر آخر. ماذا ستكون ردة فعل الوزير ولو داخليا؟ دائما ما ادعو الحكومة إلى أن تنتبه إلى القرى، 30 عاما من التهميش والإهمال والتمييز والجوع لاتزول بتصريحات مخملية في الصحافة. سؤال آخر: على رغم الملاحظات التي يحملها الجميع على وزارة الأشغال والإسكان فإنه لماذا بدأت الصورة تتحسن ولو بنسبة 10 في المئة؟ هناك احمق يدعي انتسابه إلى حقوق الإنسان أصبح يضر المملكة أكثر من ان ينفعها اخذ شريطا مفبركا واختزل كل وضع البحرين بالإرهاب. وزعه في جنيف. ماذا كانت النتيجة؟ خسرنا جزءا من الصدقية في الخارج والداخل.
طالما طرحت نقطة يجب أن تنتبه لها الدولة: اننا منذ الانفتاح السياسي في البحرين لم تقدم الدولة ولا مسئولا واحدا إلى المحاكمة لا في ملف التعذيب ولا حتى ملف الفساد على رغم كل ما حدث من تجاوزات. أضرب مثالا: ماذا فعلت الدولة للاوقاف الجعفرية على رغم التقرير الذي أصدره ديوان الرقابة؟ بنك الإسكان؟ التأمينات والتقاعد؟ خليج توبلي؟ البحر؟ محطة الحد؟ لقد احترقت ورقة هذا الأحمق "الحقوقي" و"العمالي" عندما أراد ان "ينفع" البحرين فضرها بسبب هذا الشريط الغبي فأتمنى من الدولة ان تعي لهؤلاء الحمقى فمضرتهم أكبر من نفعهم وان تملقوا فالكل يسخر من تصرفاته حتى قيل عنه انه ديناصور بعقل ذبابة لأن مثل هذه الأشرطة تنكأ الجروح وتهدم ما تم بناؤه
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 995 - الجمعة 27 مايو 2005م الموافق 18 ربيع الثاني 1426هـ