الجعجعة التي لا نرى من ورائها طحنا، ستثبت موهبة الإستعراض والأداء السينمائي المتقن أمام الكاميرات، وأن الموازنة العامة للدولة سيتم تمريرها شاء النواب أم أبوا، فأساليب الحكومة وخبرتها العتيقة لن ترتبك أمام صراخ بعض الأعضاء وفهلوتهم ، ولقد باتت الحكومة محصنة من قبل أن يصل النواب الى المجلس، وقبل انعقاد دوره الأول.
الموازنة سيتم تمريرها بما فيها من علات وثغرات وأرقام تم "تضميرها" كما تضمر الهجن العربية قبل دخول السباق. وسباق الحكومة مع المجلس لا تكافؤ فيه على الإطلاق، ومكمن تفوق الحكومة يبرز في التلويح بالجزرتين، اذ ليست بحاجة إلى عصا في اليد الأخرى، فمن لم تشبعه جزرة، سينال جزرتين.
تمرير الموازنة لا يعني أن لا تقدم الحكومة على ممارسة تكتيكها فيما يتعلق بزيادة الرواتب لضمان التمرير، على رغم الخلل الذي ينتابها، بالتوصل الى حل أقل من وسط مع النواب يضمنون من خلاله الزيادة في الرواتب التي لن تغني ولن تسمن من جوع، خصوصا وأن ايرادات المملكة من ارتفاع أسعار النفط يشير الى امكاناتها منح علاوة 300 دينار لكل مواطن، فيما الرقم المراد تخصيصه لزيادة الرواتب لن يكلف الموازنة أي أعباء تذكر، بالنظر الى بنود ومخصصات بعض الوزارات، الأمر الذي يعني أن صراخ بعض النواب وجعجعتهم ليس فقط لن يمنحان الطحين بل يبدو أنه سيصادر الهواء وسيدفعنا الى القلق أكثر من أي وقت مضى لأنهم ليسوا هم سبب الخلل وحدهم بقدر ما هو الناخب الذي هو استعداد لأن يرتكب ذات الأخطاء مع التحشيد الذي تتسابق عليه الحملات الإنتخابية.!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 994 - الخميس 26 مايو 2005م الموافق 17 ربيع الثاني 1426هـ