كنت قرأت يوما محاججة بين المسلمين الأوائل تقول أن: "ناقل الكفر ليس بكافر"، وقرأت هذه الأيام تصريحات للنائب جاسم عبدالعال يتحفظ فيها على مبلغ الـ 6 ملايين دولار قيمة إيجار القاعدة الأميركية في الجفير؛ أو درءا للمحاسبة القانونية في عرف الطباعة والنشر غير المكتوب: قيمة إيجار "التسهيلات البحرية العسكرية في البحرين"، وقال إن المبلغ 200 مليون دولار مع امتلاكه الأدلة و"حتى الـ 6 ملايين دولار التي تتحدث عنها بعض المصادر، غير موجودة في موازنة 2005 - 2006 ولا أدري لماذا لم يسجل حتى هذا المبلغ الزهيد، وهو دليل على أن الرقم ليس دقيقا، وعندما طالب عبدالعال الحكومة بتقديم أدلتها على المبلغ الذي تدعي أنه إيجار للقاعدة، "عفوا التسهيلات"، أصر على أن الدليل الأهم الذي يجب على الحكومة تقديمه هو النسخة الأصلية من اتفاق الإيجار المبرم بين الحكومتين، وكذلك المراسلات الأصلية بين الطرفين والتي تبين مبالغ سداد مستحقات 2004م.
أنت "كافر" يا عبدالعال، فقد تناقلت بعض الصحف "أنك لا تمتلك أدلة أو مستندات تؤكد تحفظك على المبلغ الـ 6 ملايين دولار، وان المبلغ الحقيقي نحو 200 مليون دولار". لا أنت لست بكافر، فـ "ناقل الكفر ليس بكافر"؛ كما علمونا، غير ان "شجاعتك" في كشف الأرقام قد تجاوزت "الخطوط الحمر" التي لا تحتملها حصانتك البرلمانية، ولا أبالغ حين أشبهك برجل يرمى في حفرة فيها أسد جائع مفترس، كما كان يفعل نيرون في عهد الإمبراطورية الرومانية، إذ كان يرمي من يدعون إلى ديانة المسيح في حفرة فيها حيوانات جائعة ويتلذذ بطريقة البطش بأعدائه، وكما كان يتلذذ صدام - بحسب كاتب عراقي - "يوم رمى بالدكتور راجي التكريتي لكلابه الوولف الجياع فافترسوه حتى العظم، وكان صدام يتلذذ بصحن من الفاكهة الطازجة".
أنت تبالغ يا... عبدالعال!، حين أسندت تحفظاتك إلى أرقام من بلد الإحصاءات الدقيقة، وكل شيء فيها بالأرقام، ألا تعرف أن الكثير من الصحف العالمية كشفت أخيرا أن الرئيس الأميركي جورج بوش، رئيس أكبر دولة في العالم، "دخله السنوي بلغ "672,788" دولارا أميركيا في العام الماضي، وأن مستحقات الضرائب المترتبة عليه تصل إلى " 207,307" دولارات دفعها سيد البيت الأبيض بالكمال والتمام منتصف شهر ابريل/ نيسان الماضي"، حسبما نشرت الأرقام "نشرة الديمقراطي" الناطقة باسم جمعية العمل الديمقراطي، العدد الأخير، "الثاني والعشرون الثالث والعشرون، ابريل/ مايو 2005".
يا عبدالعال، ألم تلاحظ أن معظم الصحف العربية، لم تنشر هذا الخبر عن راتب رئيس أكبر دولة في العالم، وحجم الضرائب التي دفعها هو وزوجته لحكومتهم، وتأتي إلينا متحفظا على ستة ملايين تقول إنها لا تساوي قيمة إيجار سنوي لمحل في شارع المعارض؟!، لماذا المبالغة؟ أم "انك تسعى إلى التحريض على كراهية النظام؟ قلها بصراحة، هل تريدنا نثير أسئلة ومقارنات، وإحداث بلبلة في صفوف المجتمع لمعرفة مصير أموال 35 سنة تحصل عليها الحكومة من إيجار القاعدة، "التسهيلات"، المعدة للأسطول الأميركي الخامس في الخليج العربي؟
إذا كان يا عبدالعال راتب بوش، وبعد الخصم عليه وعلى زوجته المصونة لا يساوي نصف مليون دولار، فكيف يستأجر قاعدة بـ 200 مليون دولار من دولة صغيرة مثل البحرين، لا لها في الطين ولا في الطحين؟
إنك تكذب يا عبدالعال، عفوا، وحاشاك الكذب، فهناك من تبرع من دون الخلق بتكذيبك، وما أكثرهم، وهم معروفون، وتعرفهم فراستك البرلمانية، وشجاعتك الوطنية الغيورة على المال العام، ونتذكر مواقفك الوطنية الجياشة من ملف التجنيس الذي لملمه البعض في غفلة من الزمن، بحكم المادة "45" من قانون مجلسي الشورى والنواب، وهذه المادة، ستستخدم أيضا في موضوع إيجار القاعدة الأميركية التي هي ليست بقاعدة عسكرية كما يقول المفترون.
عزيزي عبدالعال، وبعد أن بانت شجاعتك في كشف غيض من فيض من الأرقام "السحرية" تقربا صوب بناء الحقيقة، وبعد أن عرفنا الراتب السنوي لسيد البيت الأبيض، نتوجه نحوك ومن خلالك إلى بقية النواب الوطنيين الشرفاء، لتحديد رواتب المسئولين الكبار "الشهرية والسنوية"، وإن كانت هناك ضرائب تؤخذ عليهم، أو على أحدهم، والنبش في مبدأ من أين لك هذا؟ حتى يتسنى لنا العيش في عهد الشفافية والديمقراطية التي أثخنوا بها آذاننا صباح مساء... ودائما معكم الشعب في هذا التوجه يا عبدالعال، أيها الشاب الشجاع
العدد 993 - الأربعاء 25 مايو 2005م الموافق 16 ربيع الثاني 1426هـ