العدد 993 - الأربعاء 25 مايو 2005م الموافق 16 ربيع الثاني 1426هـ

كيف نفهم الخوف من التسييس لمؤسسات المجتمع المدني؟

عندما نتحدث عن التسييس لمؤسسات المجتمع المدني، ليس المقصود هو إبعاد هذه المؤسسات عن التعاطي في القضايا التي تخص مصالح المنتمين إلى هذه المؤسسات خصوصا ومع قضايا الوطن عموما، وإنما نقصد من ذلك هو ألا تتحول مؤسسات المجتمع المدني إلى وضع وكأنها منظمات حزبية تابعة إلى هذا الحزب أو ذلك الحزب.

ونسأل: ما الفائدة المرجوة من مناكفات البعض تجاه الآخر في مؤسسات المجتمع المدني؟ يا ليت أن هذه المناكفات تتعلق ببرامج يرى أصحابها أنها تخدم أهداف وبرامج هذه المؤسسة أو تلك. للأسف انها في جلها مناكفات يغلب عليها طابع العداء للآخر، فكل يعمل لإقصاء الآخر واجتثاثه مهما تكن تلك السبل، مشروعة أو غير مشروعة، فنتصرف بشكل عدائي تجاه الآخر دونما وازع! الضحية نتيجة هذه الأساليب الضارة هو القطاع الواسع المنتمي إلى تلك المؤسسات أو حتى غير المنتمي ممن أحجم عن الانتماء نتيجة ما يراه، والخاسر الأكبر في نهاية المطاف هو الوطن!

من المفهوم ومن الطبيعي أن ينشط المنتمون إلى الأحزاب السياسية في جميع مؤسسات المجتمع المدني من طلابية ونسائية وعمالية ومهنية وما إلى ذلك من أشكال مجتمعية أخرى. ولكن ما هو غير طبيعي أن ينصرف نشاطهم في تلك المؤسسات لمحاربة بعضهم بعضا نتيجة عقليات حزبية ضيقة أو عقليات طائفية، تقدم ما تراه أنه مصلحة للحزب أو الطائفة على مصالح الوطن. نسأل: هل هذا هو التسييس؟ بئس به من تسييس.

لا نفهم من عدم التسييس إبعاد الجمعيات المهنية عن السياسة، نتمنى من كل المنتمين إلى الجمعيات المهنية وإلى مؤسسات المجتمع المدني كافة، بل من كل أفراد المجتمع أن يتعاطى السياسة وينتمي إلى السياسة، وفي الوقت نفسه نتمنى أن تمارس السياسة بأخلاقيات عالية، غير انتهازية، وأن تمارس السياسة من قبل من يتصدر للعمل السياسي عبر برامج وممارسات راقية، وليس عبر الإقصاء والتشهير!

نحن نمارس السياسة في مؤسسات المجتمع المدني بأساليب تتجه نحو أن تدمير وتشويه كل منا الآخر، وليس على أساس تنافسي مبني على برامج تخدم هذه أو تلك من المؤسسات التي ننشط فيها، وإن وجدت بعض البرامج فإنها بأساليب عملنا تبقى في المؤخرة ويتقدم عليها الصراع المبني على عقلية اضطهاد الآخر. نستطيع القول إن الجميع للأسف يمارس مثل ذلك وإن حدثت تفاوتات بين هذا وذاك! نقول هذا الكلام بمرارة، ونتمنى من الجميع أن يعي ويتخلص من الشوائب التي تهدم ولا تبني، تفرق ولا تجمع، تضر بالوطن وبمصالح من ندعي أننا ندافع عن مصالحهم.

كثيرا عندما يجلس كل منا إلى أصحابه يتفرغ للسب والقذف وتشويه الآخر، وأبعد ما نكون عن مناقشة البرامج التي تخدم المؤسسات. وإذا كانت السياسة تعني أن تجير مؤسسات المجتمع المدني لصالح حزب أو فئة أو طائفة، من دون النظر إلى مجموعة مكونات هذه المؤسسة، فهو تسييس بائس.

نحن بحاجة إلى أن تكون المؤسسات الطلابية والنسوية العمالية والمهنية ممثلة لأوسع قطاع من أصحاب المصلحة، وهذا لن يكون إلا عبر برامج تدافع عن المصالح الحقيقية للفئات التي تمثلها هذه المؤسسات، وليس عبر صراعات شخصية وحزبية وفئوية وطائفية ضيقة، وكما قال الزميل عبدالرحمن النعيمي: "نحن مع التسييس الصحيح، مع البرامج المعبرة عن مصالح الفئات الاجتماعية، مع التحالفات على أساس البرامج. ضد التكتلات الطائفية والعرقية، مع المساهمة الفعالة في مؤسسات المجتمع المدني، ونشر الوعي الوطني في مواجهة الطائفي الذي يشكل أكبر خطر على المجتمع، تتحمل السلطة مسئوليته نتيجة سياساتها التمييزية". إذا كان هذا هو التسييس فنعم به من تسييس

العدد 993 - الأربعاء 25 مايو 2005م الموافق 16 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً