الطقس بدأ يسخن، وعاد الحديث عن احتمالات انقطاع الكهرباء بشكل جزئي أو كلي كما حدث في 23 أغسطس/ آب الماضي. وبادئ ذي بدء، فإنني أعرف ان وزير الكهرباء والماء الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة من الأشخاص الذين لا يشك أحد في نزاهتهم، وأعلم أيضا انه قضى عطلته في العمل العام الماضي لانه من أولئك الذين يخلصون في عملهم، حتى لو كان ذلك من خلال اجهاد النفس.
وآمل من الوزارة ألا تعتبر تغطيات "الوسط" لموضوع الكهرباء أمرا خارجا عن حرصنا جميعا على المصلحة الوطنية، كما آمل أن يكون ما سمعناه عن "تعميم" صدر بمنع نشر إعلانات الوزارة في "الوسط" تحسبا لاستعدادات قد نقوم بها لتغطية الكهرباء خبرا غير صحيح. فالامر بالنسبة إلينا لن يختلف، فـ "الوسط" ستبقى هي "الوسط" تدافع عن الناس وعن حقوقهم، وتطرح الرأي العقلاني الهادف لخدمة البلاد ومستقبل أهلها.
في يوم الاثنين الأسود، 23 أغسطس الماضي، حدث انقطاع كلي للتيار الكهربائي في جميع أرجاء البحرين بسبب انتقال مفاجئ لحمل محطة الكهرباء التابعة لشركة "ألبا" في حدود 400 ميغاوات على الخط الواصل بين المحطة والشبكة التابعة لوزارة الكهرباء والماء، ما تسبب في فقدان جميع وحدات الكهرباء بسبب زيادة التردد الذي حصل في الشبكة الحكومية ما أدى بالتالي الى توقف المحطات الرئيسية في الحد وسترة والرفاع والمنامة.
الوزير الشيخ عبدالله قال بعد ذلك إن الحادثة وقعت نتيجة سوء الاتصال بين شركة ألبا وقسم المراقبة في وزارة الكهرباء، إذ لم تقم الأولى بإخطار الوزارة بأنها تقوم بعملية نقل للطاقة إلى أحد المصاهر بالمصنع. بعد ذلك تكونت لجنة للتحقيق خلصت إلى تقرير لم تكن بداياته من نهاياته واضحة، وكل ما تحقق هو توقيف النقل التلقائي للطاقة بين شركة ألبا "التي تمتلك طاقة قدرها 1504 ميغاوات"، والشبكة الوطنية "التي تمتلك طاقة قدرها 1834 ميغاوات" ولكننا لم نسمع أي شيء عن تركيب حماية لشبكة توزيع الكهرباء الوطنية، كما لم نسمع أية أعمال نوعية لضمان التوزيع من دون حدوث خلل فني.
البحرين لا تعاني مشكلة في انتاج الطاقة حاليا، فمستقبلا ستكون لدينا محطة "العزل"، ولكنها تعاني من ضعف محطات نقل الكهرباء، وتعاني من شبكة توزيع قديمة جدا لم يجر لها أي تطوير يتناسب مع الزيادة في الطلب على الطاقة. وأخيرا بدأت مناقصة لمحطات نقل كهربائية، إلا أنها ستأخذ وقتا لكي يبدأ ويكتمل تشييدها، لذلك ومن الناحية العملية فإن الاجراء العملي الوحيد الذي تم اتخاذه هو فصل النقل التلقائي بين شبكة ألبا والشبكة الوطنية، وهذا لا يمكن اعتباره اجراء كافيا لمنع حدوث الانقطاعات الجزئية والكلية لأسباب أخرى. الوزير قال بعد انقطاع الكهرباء العام الماضي انه "لا ضمانات لعدم تكرار انقطاع التيار الكهربائي"، وقال حينها إن الوزارة ليست مختصة بتقدير الخسائر التي تترتب على انقطاع التيار بالقطاعات المختلفة، وإنه لا توجد تعويضات تمنح بسبب انقطاع التيار للشركات والمؤسسات المتضررة بحسب القانون الخاص بقطاع الكهرباء.
هذا الحديث صحيح من الناحية القانونية، ولكنه ليس صحيحا من الناحية الاستراتيجية. فالبحرين تود استعادة عصرها الذهبي "مقارنة مع الدول الخليجية الأخرى" الذي كنا عليه، وهذا لا يتحقق إلا اذا بدأنا خطوات عملية ضمن استراتيجية بعيدة المدى للبنية التحتية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 993 - الأربعاء 25 مايو 2005م الموافق 16 ربيع الثاني 1426هـ