موضة جديدة تحاول بعض الجمعيات الدينية وبمعية بعض ممثليها في مجلس النواب أن تنتهجها لربما لإثبات الوجود وإرسال مسجات أنا لا أعلم هي مرسلة إلى من، أو هي حملة انتخابية استباقية كونها نشطت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة مع قرب الانتخابات النيابية لمن يفكر فيها! لكن الأسلوب الذي تنتهجه هذه الجمعيات هو أسلوب ليس بجديد في المجتمعات المتحضرة مثل البحرين، إذ تحاول هي أن تنتهج أسلوب "أمام الأمر الواقع"! وهذا الأسلوب ثبتت التجارب أنه أسلوب عقيم غير مجد يسبب الصدامات وتكثر من خلاله الاختلافات حتى مع المقربين.
وواحد من هذه التطبيقات لهذه المسجات أو جزء من الحملة الانتخابية الاستباقية رأيناها حديثا أمامنا وحضرنا فصولها عندما نشر إعلان مفاده أن هناك حفلا لمجموعة ستار أكاديمي مقبل إلى البحرين... لتجد الفزعة النيابية قد شمرت عن ذراعيها وأوقفت جميع الملفات الساخنة التي تطرحها؟! وتكاتفت الأيدي في تلك الجمعيات وصار خطباء الجوامع من جهة لا شغل لهم إلا ستار أكاديمي الذي سيفسق المجتمع ويسقط أفكار شبابنا، وتظهر البيانات المدفوعة من جهة أخرى إلى الصحف معلنة أن البحرين البلد النظيف المؤمن الذي لا يعرف لقرع الطبول شكلا وقد أتى شباب ستار أكاديمي ليكسروا هذه القاعدة؟! واهمين بأن تجربة حفل نانسي عجرم ستعود... وستتكرر في حفل ستار أكاديمي!
فالخلاف ليس على قدوم حفل ستار أكاديمي أو أي مطرب آخر... فكما تراه أنت فسقا يراه الآخرون تنشيطا للسياحة... وكما تراه أنت حفلات تهدف إلى نشر الكفر والفجور ولربما تصل إلى تسميتها بحفلات "..." هناك من يهدف بها إلى تقوية الاقتصاد والمساهمة في بناء البنية التحتية، ولكن الخلاف الذي أنا بصدده هو مادامت هذه الجمعيات وممثلوها النواب بهذه القوة والكفاءة والغيرة على البلد من أي شر وكفر مقبل من الخارج عبر الحفلات الغنائية... أليس الأجدى بهم أن يعملوا بهدف أوسع من الهجوم المتردد والموسمي كلما وصلت إلى مسامعهم أنباء عن حفل غنائي مقبل إذ تنشط غيرتهم الدينية والوطنية في المناسبات الوطنية والأعياد؟!
أليس الأجدى أن يوقفوا الحفلات اليومية والأسبوعية التي لا تقل خطورة عن حفلة كل سنة هنا أو مطربة أتت للمرة الأولى في عمرها هناك... ألا يعلمون بأن الخمور تباع في البلد وهي مرخص لها وسهل الوصول والحصول عليها... وكذلك المخدرات؟... ألا يعلمون أن جميع الفنادق بها مراقص عربية وأجنبية... شرقية وغربية... بها كل ما يمكن أن يخطر ببالك من مجون وغيره؟... ألا يعلمون عن الحانات الموزعة في أنحاء العاصمة وكأنها جراد، جهة لعلية القوم وأخرى للشباب فاتحة أذرعها ومن دون حتى حارس يمنع دخول الشباب والفتية... تقدم ما لذ وطاب من المشروبات ومن اللحوم البيضاء والسمراء والشقراء العربية منها والغربية؟! ألا يعلمون عن بيوت الدعارة "المنظمة" المتناثرة في أنحاء كبيرة من المنامة وغير المنامة، ناهيك عن خدمات الدعارة في غرف الفنادق؟... ألا يعلمون عن السكارى الذين يترنحون في جميع أنحاء البلد في نهاية كل أسبوع ولا رادع لهم، لا ينقطعون لا صيفا ولا شتاء... ولا يوقفهم حر ولا برد... لا تغريهم إلا التسهيلات "المرخصة" التي تمنحها غالبية الإدارات الحكومية في البلد وكلهم باسم السياح... والسياحة بعيدة وبريئة عنهم؟
وبدلا من أن تقطف البذور السيئة التي أثمرتها النبتة الخبيثة وتخفيها... حريا بهم أن يقلعوا النبتة برمتها، من خلال لعب الدور الرئيسي للنواب من تشريع القوانين لا أن تصرح للخمر وتوقف شرطيا يمنعك من الدخول... فالصحيح ألا تصرح له بتاتا!
من خلال هذه الكلمات لا أود أن يستشف أني مع الحفلات أو أن أتهم بأن أكون داعيا للكفر في أحد الجوامع هذا الأسبوع أو من خلال البيان المقبل من هذه الجمعيات! لا بل أنا مع أن توقف هذه الحفلات ليس بشكل فرادي... ولكن يجب أن توقف جميع المظاهر السياحية غير المرتبطة بالسياحة... أنا مع أن يقوم النواب بدورهم الفعال "إن استطاعوا" فهذا واجبهم... كما هو من حقنا أن ننتقدهم.
إضاءة
تعللت إحدى كبريات شركات الأصباغ في البلد وفي إعلان ملصق على طاولة الكيشر عن بسبب رفع أسعار الأصباغ بارتفاع سعر النفط في العالم! وأنا اللي كنت مفكر أن النفط إذا ارتفع سعره سننتعش وتتسهل علينا أمور كثيرة!... ولم أكن أعلم أنه حتى ارتفاع سعر النفط مع كونه يضخم جيوب الناس "الخاصة" فإنه يواصل في شفط ما تبقى من جيوب الناس "العامة" الآخرين! عجبي؟
إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"العدد 992 - الثلثاء 24 مايو 2005م الموافق 15 ربيع الثاني 1426هـ