العدد 992 - الثلثاء 24 مايو 2005م الموافق 15 ربيع الثاني 1426هـ

وزارة الشئون الإسلامية والإصلاح السياسي

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

مؤسسات ووزارات حكومية كثيرة طرأت عليها تطورات مهمة في مرحلة ما بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، إلا أن هناك مؤسسات أخرى مازالت بعيدة تماما عن روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وليس أهدافه ومضمونه.

ومن هذه المؤسسات وزارة الشئون الإسلامية بعد تجريدها التاريخي من مسئوليات العدل وشئون القضاء. وقد يكون مجرد طرح علاقة هذه الوزارة بعملية الإصلاح أمرا غريبا لدى البعض، إلا أن هناك أدوارا ومسئوليات يجب أن تقوم بها هذه الوزارة، لها صلة وثيقة بدعم المشروع الإصلاحي باعتبارها المشرفة على المؤسسات الدينية في البلاد. فنظرا إلى هامش الحريات التي أتاحتها ظروف التحول الديمقراطي في النظام السياسي البحريني نالت المؤسسات الدينية في البلاد المزيد من الحرية في العمل وممارسة الأدوار داخل النظام. وكان من نتاج ذلك ظهور فروقات شاسعة بين المؤسستين الدينيتين السنية والشيعية، ويمكن رصدها بسهولة من خلال خطاب هاتين المؤسستين في شعائر صلاة الجمعة بالمساجد. فإذا نظرنا إلى الخطاب الديني في المؤسسة الدينية الشيعية سنجد حرصه على إحداث التوازن في الخطاب وتوعية جموع المواطنين من خلال طرح القضايا الدينية من جهة وقضايا الشأن العام والسياسة من جهة أخرى باعتبار الأخيرة جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، ولذلك أصبحت المساجد والمآتم التابعة للمؤسسة الدينية الشيعية تقوم بدور إيجابي في توعية المواطنين، وحفزهم على المشاركة السياسية. وفي المقابل غدا خطاب المؤسسة الدينية السنية تقليديا إلى حد اعتبره البعض لا يواكب مرحلة الإصلاح في البلاد، فهو خطاب مازال يعالج القضايا الدينية الصرفة من دون أن يتطرق إلى القضايا السياسية والشأن العام بشكل متوازن مع المسائل الدينية.

مثل هذا الإشكال له أسبابه وعوامله، التي من أهمها:

- تراجع دور وزارة الشئون الإسلامية في توجيه المؤسسة الدينية السنية، وخصوصا أنه طبقا لطبيعتها لا توجد لديها مرجعية دينية واحدة. وإتاحة الحريات لهذه المؤسسات لا يعنى التراجع عن توجيهها نحو تفعيل دورها لخدمة المجتمع إذا ارتبط ذلك بالمصلحة الوطنية العليا.

- بروز نخبة جديدة من القيادات الدينية الشابة تتولى شئون الإمامة والخطابة في المساجد. وما يميز هذه النخبة انشغالها بالقضايا الدينية والفكرية وعدم اهتمامها بقضايا السياسة والشأن العام.

- وجود نفوذ قوي للنخب التقليدية في المؤسسة الدينية السنية، وخصوصا أن معظم هذه النخب لديها انتماءات للتيار السلفي، الأمر الذي يعوق إصلاح هذه المؤسسة لنفسها ذاتيا، نظرا للتحفظات الكثيرة التي يبديها فكر هذا التيار على قضايا الشأن العام والمشاركة السياسية.

في النهاية يجب أن تقوم وزارة الشئون الإسلامية بدور أكبر من أجل إصلاح المؤسسة الدينية السنية، وتفعيل دورها بهدف دفعها نحو ممارسة أدوار جديدة تتعلق بالتوعية السياسية، وحفز المواطنين للمشاركة السياسية. ومن دون هذا الدور فإنه يصعب معالجة الخلل الإثنو - طائفي الذي يشهده النظام السياسي البحريني منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني، والذي كشف عن محدودية الدافعية السياسية لدى السنة، الأمر الذي خلق تداعيات سلبية على النظام والمجتمع في الوقت نفسه. ومن الوسائل التي يمكن أن تضطلع بها الوزارة تنظيم دورات تدريبية منتظمة للمنتمين للمؤسسة الدينية السنية، تتمحور موضوعاتها حول الشأن العام، والقضايا السياسية المختلفة على أن يتم توجيههم لاحقا نحو إحداث توازن في الخطاب الديني بين المسائل الدينية والمسائل السياسية العامة

العدد 992 - الثلثاء 24 مايو 2005م الموافق 15 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً