العدد 991 - الإثنين 23 مايو 2005م الموافق 14 ربيع الثاني 1426هـ

الركابي: الكتابة كالقدر لا أستطيع الفرار منها

الإبداع لم يكن يوما قرينا للمترفين

الدوحة - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

الابداع الروائي. .. أسئلة متعددة واشكالات شتى. لكننا في هذا الحوار سنحاول الإلمام بجوانب محددة منه. نفيض الحديث فيها عن الرواية العراقية التي تظل صورة حية من الصور التي تحاول اقتناص الحقيقة. خصوصا عندما نعطي أنموذجا لذلك وعبدالخالق الركابي وهو الروائي العراقي المبدع الذي يمتلك مفاتيح الوعي والرؤية الواضحة تجاه الحاضر العراقي والأسطورة العراقية حينما يوظفها في أعماله الكبيرة كرواية "سابع أيام الخلق" والتي اختيرت ضمن أفضل عشرين رواية في القرن العشرين من قبل اتحاد الكتاب العرب. نفرد هنا اللقاء:

نتساءل بداية عن حجم العشق الذي تحمله للكتابة والابداع. فمعروف عنك أنك لم تترك القلم يوما على رغم الحياة الصعبة التي تعيشها في العراق؟

- ان الكتابة لدي قبل كل شيء أشبه بالقدر الذي لا أستطيع الفرار منه، فبالتأكيد ان الكتابة لا توفر للكاتب العراقي حتى لقمة العيش. ولكنها كالشجرة التي تثمر حلوا وأحيانا تثمر زهورا سرعان ما تذبل. فنحن نتنفس الكتابة ونعيشها كتحصيل حاصل. فأنا لا أكتب الرواية لأني قررت أن أكتب رواية ولكنها هي التي تكتبني. فالرواية مثلا قد تستغرق مني أربعة أعوام وهي فترة كافية ليتخرج فيها طالب جامعي. ولكن هناك جانب ايجابي هنا وهو اشباع الرغبة الذاتية والجوع الذاتي بداخلي.

وهل تجد أن الكاتب العراقي - هذا المعذب داخل العراق- لا يزال هو المسئول عن اعطاء صورة عن المشهد الثقافي والروائي العراقي؟

- ان مقولة الكتاب بالداخل والكاتب بالخارج هي مسألة مطروحة في الوسط الثقافي. فهناك كتاب في الخارج وكتاب في الداخل. ولكن المسألة محسومة - فيما أتصور- حتى من قبل الكتاب في الخارج الذين كتبوا أعظم نصوصهم في الداخل. اذ أتصور أنه في الخارج لم تظهر نصوص أساسية قادرة على مجاراة النصوص في الداخل. فالنصوص الداخلية هي الأهم وهي التي على المحك وهي النصوص التي تنطلق من نقاط العذاب. بمعنى أنك قد تكون مبدعا ولكنك متى ابتعدت عن حال العذاب فلن تستطيع التعبير عن حرارتها ودمويتها وبكل زخمها كما أنت في الداخل تعيش المأساة. قد يقول هذا الذي في الخارج أن لديه هامشا من الحرية أكبر مما هو في الداخل. فهو قادر على أن يكتب وهو مرتاح نفسيا وجسديا نتيجة توافر أمور كثيرة. ولكن الابداع عمره لم يكن للمترفين. فمن كتب الابداع - في الغالب - هم أبناء الفقراء والصعاليك والمعذبون وهم أصحاب النصوص العظيمة.

وماذا عن الفنون الأخرى... هل مازال لها حضورها في ظل هذا الواقع المؤلم في العراق؟

- من المؤكد أن الفنون التي تعتمد على الجهد الفردي، كالشاعر والرسام هم الأقدر على تجسيد نصوصهم الابداعية في حين أن المسرح أو السينما أو الموسيقى هي فنون جماعية فهي ليست قائمة على اختيار أو على مزاج شخصي. بل أنها قائمة على أكثر من نموذج وعلى توافر المال فهناك أمور كثيرة هي التي تحد من أفقها. لذلك هي لم تتطور كما تطورت الفنون الفردية.

عند كتابته الرواية... هل يستلهم الركابي التاريخ أم يقوم بتوظيف شخوصه من واقع الحياة اليومية التي يعيشها ويلاحظها؟

- هناك محوران يتعلقان بهذا السؤال. فهناك مسألة شكل أو بنية الروائية ومسألة الشخوص التي تتحرك ضمن الحوادث. فاذا تكلمنا عن الجانب الثاني فانه من المؤكد عندما يريد الروائي الكتابة عن شخوص الرواية فانه سيستلهم شخوصه من الواقع. ولكن لا يعني هذا أني استلم شخصية فلان الفلاني فأضعها كما هي في روايتي. ولكن قد أستعيد ملمحا من حركة انفعالية، أو عاطفة ما أو نزوعا انفعاليا أزاوجه مع حال أخرى مشابهة. فالروايات تتكون من عدة شخصيات تقتنع بها وتضعها ضمن روايتك. وهذه الحالات الانسانية من المؤكد أن غالبيتها من الشخصيات العراقية. فهي قد تتحدث عن ذلك البناء الذي يبني البيوت أو النجار أو الحداد الذي تعرفه أو الذي مررت به. هذا من جانب ولكن عند الحديث عن كيفية كتابتي للرواية الحديثة وهو جانب فني فان الروائي ليس مؤرخا ولكنه يستفيد من التاريخ. فلدي رواية بهذا الخصوص هي رواية "سابع أيام الخلق" وهي في حدود أربعمئة صفحة أتناول فيها ثلاثة قرون من تاريخ العراق. فهي تبدأ بالوقت الحاضر من التسعينات وأتابع فيها مخطوطة اسمها مخطوطة "الراووق" وكيف أن هذه المخطوطة بقيت مفتوحة على التاريخ. وكيف أنه كان هناك مزار لسيد ما مدفون وهذه الأوراق كان يضيف اليها بشكل عرفاني فصلا كل قيم يأتي الى المزار وكيف أن هذه المخطوطة تتمزق والأوراق تنتثر بين أفخاذ العشيرة. ويبدأ الروائي من خلال تجميع هذه الأوراق ليؤسس ويكون مخطوطة جيدة. فأنا هنا أستفيد من التاريخ بشكل فانتازي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً