العدد 990 - الأحد 22 مايو 2005م الموافق 13 ربيع الثاني 1426هـ

رأس الرمان... ستبقين شامخة رغما عنهم؟!

حمد الغائب hamad.algayeb [at] alwasatnews.com

منوعات

لم أتردد كثيرا عندما عزمت على الكتابة اليوم عن منطقة رأس الرمان وعن معاناتها مع الخدمات وأشياء أخرى، رأس الرمان والتي صرح جلالة الملك بنفسه في لقاء مع أهالي المنطقة في فترة سابقة قريبة بأنها "منطقة مظلومة فعلا"! المشكلة أن تاريخ هذه المنطقة بالذات هو تاريخ مشرف وليس بنكرة لا على القاصي ولا على الداني وهذا شيء لا يستطيع كائن من يكون أن ينكره. .. حتى تقوم الإدارات الحكومية والخدماتية تحديدا بهذه الظليمة، فتاريخ هذه الأرض العتيدة يخبرنا عن أول محطة كهرباء في البحرين كما يخبرنا عن بيت الباليوز وهو موقع السفارة البريطانية إلى الآن، وأرضها كذلك تخبرنا بثاني مستشفى في البحرين وهو مستشفى فكتوريا، وكانت تحتوي على المعسكر في الحرب العالمية الثانية والكثير الكثير... فهي منطقة ذات طبيعة جغرافية استراتيجية تحيط المصالح الاستراتيجية للبلد بها من كل جانب، فالمنطقة الدبلوماسية بكل ما فيها من ثقل اقتصادي وسياحي كون أكثر الفنادق ذوات الأربع والخمس نجوم تأكل منها واجهة، ووسط البلد ومدخل السوق القديم يطل عليها من جهة أخرى وغالبية الوزارات الحكومية هي عبارة عن جيران "لزم" لهذه البقعة، ناهيك عن مكتب رئيس الوزراء بنفسه وهو لا يبعد بأكثر من خطوات عن المنطقة!

فبدلا من أن تكرم هذه المنطقة ترى المسئولين يحاولون طمسها وإذابتها بشتى الطرق! آخرها كان تغيير لوحات العناوين التي ألغت اسم رأس الرمان لتضعها جزءا دخيلا على المنامة؟! إذ امتدت هذه "الجريمة التاريخية" إلى إزالة اللوحات الإرشادية المؤدية للمنطقة ومحو هذا الاسم العتيق حتى من البطاقات السكانية للقاطنين! فبأي وجه حق لا أحد يعلم؟!

وبدلا من أن تحترم وتقدر هذه المنطقة ترى شوارعها وأزقتها مازالت مهملة من الجهات الرسمية، على رغم المراسلات الكثيرة التي أرسل آخرها من مركز رأس الرمان الثقافي إلى وزير الأشغال فهمي الجودر... ولكن لا مجيب لمن ينادي؟!

فالإهمال الذي تعانيه المنطقة وصل إلى درجة كبيرة، بحيث أنك لا ترى ملعبا أو حديقة يسرح ويمرح فيها الأطفال أسوة ببعض المناطق... ولا تغرك المسماة حديقة... فهي مساحة جرداء من الرمل من دون أسوار تطل بشكل مباشر على الشارع الرئيسي! والغريب أن الإهمال وصل حتى إلى الجهة الأخرى من المنطقة وهي مقابل السفارة البريطانية إذ يقول أحدهم فإذا لم يكن التجميل علشان أهالي المنطقة خل يكون علشان السفارة دخيل بالله! فالدول الأوروبية لها سياسة خاصة تجاه المناطق والأحياء القديمة... فهي لا تسمح بأن تدثر أو تمحى أو أن يداس لها على طرف... هذا طبعا بعكس ما نراه هنا في البحرين ورأس الرمان نموذج ليس الأول ولا الأخير!

إن الزائر لهذه المنطقة ليستغرب فعلا... كما استغرب بعض المسئولين الذين كلفوا خاطرهم وزاروا المنطقة بشكل غير رسمي من حجم الإنجازات التي أقيمت على هذه الأرض... عندما ترى كثر التكتلات من لجان وهيئات وأفراد جميعهم يعملون من أجل رأس الرمان... تستغرب من حجم ولاء أهلها الذي لا يقارن بغيرهم، عندما تدخل رأس الرمان في الأيام العادية ستشدك مكتبة رأس الرمان العامة التي أنشئت بكاملها بأكتاف رأس رمانية على ركام مدرسة ابتدائية أصبحت ناديا وتحولت إلى مركز ثقافي، ستستغرب من خلايا النحل التي تعمل ليل نهار في الأفراح والأتراح... ومن تراهم في المناسبات الدينية أمثال موسم عاشوراء وشهر رمضان.

ولكن تبقى هناك مشكلة... إذ تكمن هذه المشكلة في فقدان التجاوب المنشود من الإدارات الحكومية والخدماتية من دون تحديد أي منها... فلا نائب المنطقة يعلم عنها شيئا ولا العضو البلدي يستطيع أن يفعل لها جزءا مما هو يتمناه! كثيرة هي الآمال ولكن يبقى ألا تقام جميع المشروعات بتمويل الاستجداء "الطرارة" من رجال الأعمال تارة ومن الأفراد تارة أخرى... تبقى هناك واجبات منقوصة من الحكومة تجاه هذه المنطقة "يجب" عليهم الإيفاء بها وعدم تهميشها أو استصغارها... فأبناء هذه المنطقة هم بشر مواطنون يحلمون كما يحلم الكثيرون بأن يكون لهم مكان يحفظ لهم خصوصيتهم من جميع جوانبها لا أن تنتهك أبسط حقوقهم في العيش الكريم وسط أهلهم وعلى أرضهم.

مشروعات كثيرة في أجندة القائمين من أهالي المنطقة يحاولون جادين مستميتين تنفيذها مثل صالة متعددة الأغراض تخدم أهالي المنطقة والمحيطين بها، تطوير المكتبة العامة ورفدها بالمتطلبات الجديدة من كتب وتقنيات حديثة يحتاج إليها أبناء المنطقة وجيرانهم من بنين وبنات، صالة ثقافية في المركز الثقافي يقام فيها معرض دائم وندوات ومحاضرات متنوعة، وأشياء أخرى لا تسع المساحة لذكرها.

كما يتطلب أيضا توفير برامج لأبناء المنطقة تقيهم التسكع في الشوارع وعلى أطراف البرادات.

باختصار... ما تطلبه رأس الرمان هو الاهتمام والدعم المباشر ولاسيما المالي للصندوق الخيري للمنطقة والمركز الثقافي القائم على بعض من هذه المشروعات ومساعدة مباشرة لتنمية موارد المنطقة لتجعلها منطقة نموذجية تواكب التطور العمراني من حيث الشكل على الأقل ليتناسب وطفرة التطور العمراني للمناطق المحيطة بها... حتى لا يأتي يوم نسمع فيه رأيا رسميا هنا أو اقتراح نائب هناك يريد أن ينسف هذه المنطقة عن بكرة أبيها كونها لا تتناسب وشكل المنطقة وهي تعتبر "تشويها" يتطلب إزالتها وتهجير أهلها؟!

إضاءة

أول غيث الجرائم قد بدأ... واحدة مقتولة هنا... ومشنوق هناك... وسرقة في وضح النهار هنا وابتزاز هناك وعصابات لواط هنا واغتصاب هناك، ومع بداية الصيف وما يحمله من مفاجآت أتوقعها مؤلمة ستكون مهمة وزارة الداخلية صعبة، وستكون أصعب ما نتوقع إذا اعتمدوا على بعض من هذه الكوادر الضعيفة... والله المستعان

إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"

العدد 990 - الأحد 22 مايو 2005م الموافق 13 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً