التحركات النيابية التي جرت الأسبوع الماضي من أجل منع إقامة إحدى الحفلات الفنية في المملكة كانت لها أصداء واسعة لدى الشباب. فهناك فئة شبابية أبدت امتعاضها ورفضها لهذه التحركات، وفئة أخرى أيدت هذه التحركات وأعلنت مساندتها لها عبر البيانات والتصريحات المعلنة وغير المعلنة.

لا يهمنا الآن الموقف من إقامة الحفلات الفنية أو الاستعراضية ودورها في إفساد الشباب كما يرى بعض النواب. وإنما المهم النظر في قضية يبدو أنها غافلة تماما عن النواب، فمنذ تأسيس المجلس الوطني ظهرت الكثير من المقترحات التي يمكن اعتبارها تضييقا لحرية الشباب في المجتمع، وأبرزها منع إقامة الحفلات الفنية وما صاحبها في بعض الأوقات من حوادث عنف ومشادات إعلامية، كمنع حفل الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، ومنع استمرار تصوير برنامج الأخ الأكبر.

من حق الجميع أن يعبر عن رأيه، وأن يوضح موقفه، إلا أن اهتمام وانشغال أعضاء مجلس النواب بالقضايا التي يرون فيها مفسدة للشباب قد تؤدي أحيانا إلى فساد أكبر. فطوال الفترة الماضية زاد الاهتمام بمصادر فساد الشاب إن صح التعبير وتجاهل النواب تقديم مشروعات بديلة تعوض الشباب عن الحفلات والفعاليات الفنية الأخرى التي عارضوا إقامتها. وهذا بحد ذاته استحداث لمصدر فساد جديد، فالحد من مصادر الترفيه لدى الشباب سيدفعهم إلى اللجوء إلى وسائل أخرى للترفيه، وقد تتمثل هذه الوسائل في المخدرات أو ممارسة الجريمة بمختلف أشكالها بهدف إشغال أوقات الفراغ.

ولذلك فإنه من المهم أن يعيد النواب حساباتهم، وأن يبحثوا عن البدائل المتاحة لترفيه الشباب قبل أن يقوموا بمنع الفعاليات والأنشطة التي تتعارض مع قناعات النواب أنفسهم