المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" اختتم أعماله يوم أمس، وبحسب الذين حضروا السنوات الماضية فإن المنتدى هذا العام تميز بحضور مكثف وحوارات أكثر جدية. وقد بدا واضحا الحضور الأميركي، من السيدة الأولى لورا بوش، إلى ابنة نائب الرئيس اليزابيث تشيني، إلى وكيل الخارجية روبرت زوليك، وعدد كبير من الأميركان، الذين كرروا العبارات والمحتوى نفسه وركزوا على مصطلحات جديدة، من بينها أن المرحلة الحالية تمثل "ربيع العرب".
الربيع العربي له "طبخة" أميركية، والتصريحات تم توحيدها فيما بين المسئولين الأميركان. الانتخابات في أفغانستان وفي العراق وفي فلسطين، وإخراج السوريين من لبنان عبر مظاهرات شعبية بعد اغتيال الحريري، وإعلانات هنا وهناك عن مشروعات إصلاحية، بضمنها السماح بالانتخاب المباشر للرئيس المصري في الانتخابات المقبلة... كل ذلك يشير إلى "ربيع" ينتظر العرب.
أحد المشاركين في الحوار المفتوح قال إنه "إذا كنا نمر بربيع عرب أميركي، فإن خريفنا العربي الذي استمر ستين عاما حتى وقتنا الحالي كان - ولايزال - برعاية أميركية". على أن الجانب الساخر لم يكن هو السائد في حوارات دافوس، لأن الموضوعات المطروحة جادة وهي تتحدث عن الوقت الضائع الذي تمر به البلاد العربية. فالمواطن العربي ينظر يمنة ويسرة ويشاهد الأمم تنهض من كل جانب، بينما نتراجع على المستويين السياسي والاقتصادي. فقديما كانت أوروبا وأميركا واليابان هي الدول المتطورة، أما اليوم فكل العالم يتطور، والصين والهند تلتحقان بسرعة بالعالم المتطور، والمكسيكيون سيصبح وضعهم - عما قريب - أفضل من العالم العربي.
المواطن العربي لم يحصل على ما يذكر من الخيرات التي وهبها الله لمنطقته، ومستوى الدخل يتدنى - بصورة عامة - ومع هذا التدني يزداد عدد العاطلين، والشباب يتجهون إلى قطار الموت من أجل قتل أنفسهم وتدمير الدنيا التي لم تعترف بهم.
التعليم لا يخرج للبلدان العربية القدرات والمهارات، اللهم إلا في مهارة الخطابة التي تستخدم لتلوين العالم بلونين، إما أبيض أو أسود، وبالتالي تنتشر بيننا ثقافة عدم التسامح.
المؤسسة العربية الحاكمة كانت على مدى العقود الماضية تقول للمواطن العربي إن حقوقه سيتسلمها بعد تحرير فلسطين، وإن كل شيء يؤجل حتى التحرير. فلسطين ضاعت، وشعبها يعيش الحصار ويختنق من الاحتلال والبطش، وفي الوقت ذاته امتلأت سجون المؤسسة العربية الحاكمة بالمواطنين الذين لم يحصلوا على فلسطين ولم يحصلوا على حقوقهم.
الاحتكاك بين المطلبين عاد إلى العلن، مع مداخلة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي قال: "إن الدعوة إلى الإصلاح لا تعني نسيان الحق الفلسطيني"، وكأنه يود القول، إننا ضيعنا الحقوق والإصلاح من خلال تعليق الأمل على تحرير فلسطين، فيجب ألا ننسى فلسطين حاليا عندما نلتفت إلى موضوع الإصلاح.
وبحسب استقصاء للرأي عرض في المنتدى، فإن 81 في المئة من الرأي العام العربي لا يثق بوعود الحكومات. والمفاجأة هي أن النخبة التي حضرت المنتدى أكدت ذلك، إذ قال 69 في المئة منهم إنهم لا يثقون بوعود الحكومات الإصلاحية. ربما أننا في مرحلة "وعود" أميركية بربيع عربي، كما هو حال "وعود" الحكومات العربية بالإصلاح
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 990 - الأحد 22 مايو 2005م الموافق 13 ربيع الثاني 1426هـ